استكمالًا للجزء الأول عن بنيامين فرانكلين الذي ولد في 17 يناير 1706م وعن بعض الحقائق المثيرة للدهشة عنه، كنا قد ذكرنا أربعة حقائق مثيرة عن مؤسس أمريكا الروحي، نستكمل في هذا المقال بقية الـ إحدى عشر حقيقة:
5- كان فرانلكين ثوريًا معارضًا :
كان فرانكلين من بين آخرين المؤسسين لفكرة الانفصال عن بريطانيا، فبعد أن عاش فرانكلين في لندن لعدة سنوات وجد أنه من الضروري وجود حل سلمي لتحقيق هذا الاستقلال للحفاظ على الإمبراطورية البريطانية، فقد كتب ذات مرة “إن كل تعدي على الحقوق لا يبرر التمرد”، وعندما تأسس حزب الشاي الأميركي في بوسطن 1773م لقبه فرانكلين بحركة نشأت نتيجة الظلم الشديد على جماعته التجارية وطالب شركة الهند التجارية البريطانية بدفع تعويضات على الخسائر التي لحقت بجماعته التجارية، وبمرور الوقت توترت العلاقات بين فرانكلين والنظام الملكي البريطاني حتى عودته إلى الولايات المتحدة لحضور المؤتمر القاري الثاني في 1775م، ورغم دعمه الكامل من قبل للملك جورج الثاني البريطاني حتى أن بعض الوطنيين الأمريكان شكوا في ولاءه لقضيتهم إلا أنه في وقت لاحق أعلن دعمه للاستقلال الأميركي صراحة حتى لا يتهمه أحد بالجاسوسية لدى بريطانيا.
6- كان لفرانكلين إبنا مواليًا لبريطانيا:
بجانب إثنين من الأبناء من زوجته “ديبورا ريد” كان لفرانكلين ابنًا غير شرعي ولد عام 1730 م يدعى “ويليام”، وكان تجمع بين الإثنين صداقة وثيقة بعدما كان ويليام عونًا لأبيه في تجربته لتجارة الورق، ولكن هذه الصداقة قد تعرضت للإنحدار الشديد خلال فترة الثورة الأميريكية ففي الوقت الذي انضم فيه فرانكلين لدعوة الإستقلال الأميريكية كان وليام أحد المحافظين الأقوياء على فكرة عدم الإستقلال حتى أنه وصف حركة الوطنيين الأمريكيين بـ “تطرف المتعصبين” ورفض ويليام الاستقالة من منصبه كحاكم ملكي لولاية نيوجيرسي، ونتيجة معارضته للثورة الأمريكية، أمضى ويليام عامين في السجن الاستعماري أصبح بعدها قائدًا لمجموعة من الموالين لبريطانيا قبل أن يغادر قبل نهاية الحرب إلى إنجلترا، لذا قال عنه فرانكلين “لن أغفر له حمل السلاح ضدي وسأقطع كل صلة تربطني به بسبب مواجهته لي حتى وقت متأخر من الحرب، سوف أحاسب على تركه ولا مزيد من الارتباط به، لقد سعى إلى حرماني منه”.
7- أنشأ فرانكلين الأبجدية الصوتية :
في الفترة التي كان فيها فرانكلين في لندن عام 1768م، شرع في تنفيذ مشروعه الذي يهتم بإعطاء الأبجدية الإنجليزية شكلًا أكثر طبيعية بعد انزعاجه بالعديد من التناقضات التي تصيب اللغة الإنجليزية، قام بابتكار نظام صوتي خاص لـ 6 حروف هي :Y,C,J,Q,W,X يتخلله بعض السكنات الزائدة، وصمم لكل منهم تمثيل صوتي معين خاص به، وقد كشف فرانكلين عن مخطط جديد لإصلاح الأبجدية في جانبها الإملائي من خلال مقال نشره في عام 1779م ولكن هذا المخطط وهذا المشروع تم إلغاؤه في وقت لاحق بعد فشله في إثارة الرأي العام حوله.
8- كان فرانكلين أيقونة للموضة في فرنسا :
في عام 1776م أرسل الكونغرس القاري فرانكلين إلى فرنسا لطلب الدعم العسكري للثورة الأمريكية، كان الرجل البالغ من العمر 70 عامًا بالفعل لديه شهرة كبيرة في فرنسا بسبب تجاربه في الإضاءة حتى أن الفرنسيين سموا مختبراتهم الكهربائية باسم”الفرانكلية Franklinistes “، ولكن شهرته في فرنسا فاقت مدى أكبر بعد وصوله فرنسا بسبب استغلاله لتصور الفرنسيين عن الأمريكيين كونهم أشخاص ريف أشداء فقام فرانكلين بنزول فرنسا مرتديًا ملابس واضحة زاهية مرتديًا قبعة من الفرو، تلك القبعة التي أصبحت فيما بعد علامة مميزة له وظهر بها في عدد لا يحصى من الصور والميداليات الفرنسية حتى أن النساء الفرنسيات بدأن في تقليد هذه القبعة مع وضع الشعر المستعار ذو الحجم الكبير تشبهًا بشعر فرانكلين وأصبحت تسريحة الشعر هذه تُسمى “على طريقة فرانكلين” ، وعندما قام الرجل في وقت لاحق باستبدال القبعة ذو الفرو بقبعة أخرى بيضاء اللون خلال توقيع معاهدة 1778م بين فرنسا والولايات المتحدة سرعان ما أصبحت أغطية الرأس البيضاء موضة بين الرجال الباريسيين.
9- أمضى فرانكلين سنواته الأخيرة وكأنها حربًا لإلغاء الرق :
امتلك فرانكلين في خلال حياته إثنين من العبيد الخدم وكلاهما كان يعمل في خدمة المنزل، ولكن في شيخوخته أدرك أنه جاء لتحرير العبودية والاستقلال كمبادئ اعتنقها ونادى بها أثناء الثورة الأمريكية، فتولى منصب رئيس مجمع إلغاء العبودية بولاية بنسلفانيا في عام 1786م، وفي عام 1790م قدم فرانكلين إلتماسًا إلى الكونغرس يحث فيه على منح الحرية لهؤلاء الرجال التعساء الذين انحطت حريتهم وأصبحوا في عبودية دائمة، ورغم تجاهل الكونغرس طلبه فقد ظل فرانكلين يخوض معركته ضد العبودية حتى وفاته وبعد وفاته أيضًا عندما أوصى ابنه وابنته لضرورة إصدار قانون يقضي بتحرير العبيد وحصولهم على حقوقهم ونصيبهم من الحرية.
10- كان فرانكلين عضوًا شرفيًا لدى قاعة السباحة الشهيرة :
كان فرانكلين طوال حياته مولعًا بالسباحة منذ طفولته في بوسطن، وكان من بين اخترعاته التي اشتهر بها زوج من مجاديف اليد الخشبية التي استخدمها لدفع نفسه أثناء عبوره نهر تشارلز، وكتب ذات مرة عن نفسه أنه استخدم طائرة ورقية تساعده في التزلج عبر بركة مائية، وبنما كان فرانلكين يعيش في لندن بحلول عام 1720م عرض صور لبعض السكتات الدماغية التي تسببها السباحة في نهر التايمز ليعرض عليه أحد أصدقاءه إنشاء مدرسة خاصة للسباحة يقوم برعايتها فرفض وبقي مؤيدًا لفكرة ضرورة تعلم السباحة، فقد كتب ذات مرة: “يجب على الوالدين أن يكونوا سعداء إذا كان لديهم أطفال مهرة في السباحة”، وبسبب هذا التحيز للسباحة وأهميتها منحته قاعة السباحة الدولية الشهيرة تقديرًا شرفيًا وجعلته عضوُا فخريًا فيها.
11- عطاء خاص تركه في وصيته لمدينتي بوسطن وفيلادلفيا :
عندما توفى في إبريل 1790 م ترك فرانكلين عطاءًا قدره 2000 جنيه إسترليني لمسقط رأسه مدينة بوسطن ولبيته في فيلادلفيا، وقد وصى مع هذا الميراث وجود بعض الحرص في التعامل معه في الأوجه التي رغب في إنفاقها عليها، فبمرور المائة عام الأولى كان هذا العطاء يستخدم كقروض للتجار المحليين الموثوق فيهم حتى يكون هناك إمكانية لإسترداده بينما شهد المائة عام التالية تخصيص هذا العطاء حسب استخدام المدينتين في الأوجه التي يرغبون في الإنفاق عليها، وقد تتبعت المدينتان في صرفها تحقيق رغبات فرانكلين حتى أنه بحلول عام 1990م وصل قيمة هذا الميراث الخاص بالمدينتين بوسطن وفيلادلفيا حوالي 4.5 مليون دولار و2 مليون دولار على التوالي، وقد استخدمت المدينتين هذه المبالغ في تمويل معهدي فرانلكين للتكنولوجيا في بوسطن وفيلادلفيا في حين خُصصت بعض المبالغ لتغطية بعض المنح الدراسية للطلاب المهتمين بدراسة التجارة.
إعداد: عمر بكر
مراجعة: عبدالله طه