في عيد الأب، نجيب على السؤال الخالد: من المسؤول عن شكل أنفك؟

Template_August_2017

عندما ترزق العائلة بمولودٍ جديد، يبدأ الجميع في إلقاء اقتراحاتهم: لديه عيني أمه، لديه أُذني جدته، بل لديه أنف أبيه. واليوم، وبمناسبة عيد الأب*، نحن بصدد أن نجيب عن السؤال الخالد: أنفك التي لم ترضَ عنها أبدًا، هل ورثتها عن أمك أم عن أبيك؟

هل يشبه الأطفال الأب أكثر أم الأم؟

من العادات القديمة، والمنتشرة بين عائلاتنا أن نقول أن الأطفال –حديثي الولادة- يشبهون آبائهم أكثر من أمهاتهم. دعنا نعود للوراء قليلًا: ربما كان لهذا الادعاء نزعة تطورية؛ ففي الماضي لم تكن هناك وسيلة لإثبات نسب الطفل إلى أبوه؛ ومن هنا كانت الطريقة الوحيدة ليتأكد الأب من أن هذا الطفل من صلبه، هو أن يخبره الجميع أنه يشبهه كثيرًا. لم تكن الأم لتحتار؛ فهي من ولدته، لكن الأب كان يستدل بالشبه بينه وبين الطفل.

ومن هنا، فإن هذا المقال يناقش أربع دراسات بحثية أقيمت لقياس صحة هذه الفرضية:

يشبهون آبائهم أكثر من أمهاتهم:

نبدأ بعام (1995)، حيث حظت هذه الفرضية بدعم علمي كبير بعد عرضها بدورية «نيتشر-Nature»  العلمية بواسطة كل من (نيكولاس كريستنفيلد -Nicholas Christenfeld ) و(إيميلي هيلد-Emily Held) من جامعة كاليفورنيا بسان دييجو، حيث اعتمدت فكرة البحث على مقارنة صور لأطفال عمرهم عام واحد مع صور آبائهم تارة، ومع أمهاتهم تارةً أخرى. وكانت النتيجة أن الأطفال في هذه الصور كانت لديهم ملامح آبائهم أكثر.

يشبهون أمهاتهم أكثر:

هل انتهى البحث هاهنا؟ لا، فبالرغم من أن هذه النتائج «عظيمة، ومغرية، وهي كل ما نحتاجه لإثبات صحة معتقداتنا عن علم النفس التطوري»، كما قال عالم النفس من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (روبرت فرينش-Robert French)، إلا أنها خاطئة. وهذا ما أكدته هيئة البحوث: عندما نشرت  في مجلة « «Evolution and human behaviorنتائج مضادة للورقة البحثية من عام (1995)، مشيرةً إلى أن الأبناء يشبهون آبائهم وأمهاتهم بنفس القدر، بل وإن الأطفال حديثي الولادة يشبهون أمهاتهم أكثر.

لنرضي جميع الأطراف:

في عام (1999)، حاول كل من (فرنشFrench – )، و(سيرج بريدارت-Serge Brédart) من جامعة «لييج» في بلجيكا أن يكررا نفس نتائج دراسة (1995)؛ ليثبتوا صحة فرضيتهم بأن الأبناء يشبهون الآباء أكثر لكنهم فشلوا، مع أنهم حاولوا مطابقة مجموعة من صور لأطفال من عمر سنة، أو ثلاثة، أو خمس سنوات بصور والديهم، وظهر من ذلك أن الأطفال تشبه آبائها وأمهاتها بنفس القدر.

لقد احترنا جميعًا، وشاركنا العلماء نفس الحيرة؛ ولذلك أُقيمت دراسة حديثة في نفس المجلة، لكن هذه المرة بمجموعة صور أكبر من تلك التي استخدمها جميع الباحثين السابقين. كانت النتيجة أن الأطفال، خاصة حديثي الولادة يشبهون آبائهم وأمهاتهم بنفس القدر.

وتقول (باولا بريسا – Paola Bressa ): «بعض الأطفال تشبه أمهاتهم أكثر، وبعض الأطفال ستشبه آباؤهم أكثر، لكن دومًا ستكون هناك أطفال تشبه آباؤهم وأمهاتهم معًا. هذا ما توصلنا إليه عند دراستنا لمجموعة صور أكبر من التي استخدمها (كريستنفيلد) و(هيل) عام (1995)». ولك أن تأخُذَ كلامها على محمل الصدق؛ لأن عالمة النفس (باولا) كانت من المشاركين في هذه الدراسة عام (2004)، من جامعة «بادوفا» في إيطاليا. وتُضيف: «على حد علمي، لم أسمع عن دراسة تدعم ما ورد في دراسة (1995)، أو تؤكد على أن الأطفال يجب أن يشبهوا آبائهم فقط».

الأمهات تريد أن ترضي الآباء، ليس أكثر:

إنها نزعة تطورية أخرى، فالأطفال حديثي الولادة يشبهون أمهاتهم أكثر، خاصة في الأيام الثلاثة الأولى بعد الولادة، لكن الأمهات تُفضل أن تقول العكس للآباء، بأن الطفل الصغير يشبهك تمامًا حتى أكثر مني. هذا ما تؤكداه دراستان حديثتان بتاريخ (2000) و (2007) أيضًا في نفس المجلة.

لكن لماذا يظن الدكتور (كيلي ماكلاين- Kelly McLain) من جامعة جنوب جورجيا، والمشارك في دراسة سنة (2000) أنها قد تكون نزعة تطورية؟ يجيب الباحث: «لن تتحيز الأم للطفل لو كان أشبه بها، ولن يعكس وجه الشبه بينهما فارقًا في حبها له، لكنه سيعطي الأب ضمانًا أكثر بأن هذا الطفل من صلبه».

من ناحيةٍ أخرى، ماذا لو لم يكن هذا ابنه أصلًا؟ ماذا لوكانت للأم علاقة جنسية أخرى؟ هل سيضمن ذلك أن يعتني الآباء دومًا بالأطفال –إذا لم يكونوا على دراية بهذه الخيانة- حتى لو لم يكن الشبه بينهم قويًا؟

على كلٍ، فإن أوجه الشبه الكبيرة أو المنعدمة بين الآباء وأبنائهم تخلق تحدياتٍ أمام العلم في ربط السمات البشرية بالتغييرات التي حدثت على مدى ملايين السنين من التطور. وكما يقول الباحث (فرنش): «يصعب كثيرًا الحصول على معلومات مؤكدة بهذا الصدد؛ لأنه من الصعب جدًا التنبؤ بنتائج التطور».

على أية حال، إذا كنت تشبه أباك أكثر، أو إذا كانت ملامحك تشبه الأم بدرجة أكبر، اذهب اليوم إلى والدك وتمنى له عيدُ أبٍ سعيد، أو أخبره عن تلك الدراسات.

*يتم الاحتفال بعيد الأب في مصر يوم 21 يونيو من كل عام، بينما يتم الاحتفال به في ثالث يوم أحد من شهر يونيو بالمملكة المتحدة، والولايات المتحدة وكندا.

المصدر: https://bit.ly/2tfYX3w

———————————————————————————————————————

ترجمة: أمنية يوسف فرج

مراجعة لُغويَّة: Israa Adel

مراجعة علمية: Mahmoud Ahmed

تصميم: مؤمن هشام

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي