قانون مور (الجزء الأول)

قانون_مور_-_الجزء_الأول

قانون مور (الجزء الأول)
في عام 1965 طُلب من غوردون مور، من مؤسسي شركة Fairchild Semiconductor Corporation ومدير قسم الأبحاث في الشركة آنذاك، أن يتوقع التطورات التكنولوجية للعقد المقبل في مقالة ليتم نشرها في دورية الإلكترونيات (Electronics Journal). في مقالته قام مور بصياغة ما أصبح يعرف باسم (قانون مور – Moore’s Law) والذي يتنبأ بأن عدد وحدات الترانزستور (Transistors) والأجزاء الالكترونية الأخرى في الشرائح الإلكترونية سيتضاعف كل عام لتكون قادرة على مواكبة متطلبات التكنولوجيا الحديثة كسرعة و قوة معالجة البيانات. وقد بنى مور قانونه استناداً على خبرته وانجازات شركته والشركات المنافسة في الأعوام الماضية.

بعد مرور عقد من الزمن، ومع تباطؤ سرعة النمو في صناعة الدوائر المتكاملة، قام مور بإعادة صياغة المعدل الزمني لقانونه لتصبح سرعة التضاعف عامين بدلاً من العام الواحد. من حينها ومع وصول صناعة الأجهزة الالكترونية لسوق المستهلك، القائمة على المعالجات الدقيقة (Microprocessors) كأجهزة الحاسب الآلي في السبعينات والهواتف اللاسلكية والحاسبات المحمولة في الثمانيات والتسعينات وحتى الانترنت فائقة السرعة وأجهزة الهاتف الذكي في يومنا هذا، بدأت نبؤة مور بالتحقق. على الرغم من أن توقعاته كانت في الواقع متشائمة نوعاً ما بالنسبة للواقع، حيث أنه على مدى أربعين عاماُ منذ عام 1961، تضاعف عدد وحدات الترانزستور في الواقع كل 18 شهراً، إلا أن ذلك لم يمنع بعض المجلات من اعتبار قانون مور حقيقة مطلقة غير قابلة للشك، مثلها كمثل قوانين نيوتن للحركة.
حتى أن مصنعي الرقائق الإلكترونية تعمدوا الالتزام بقانون مور في إنتاجهم. في كل مرة يطلق فيها جيل جديد من الرقائق الإلكترونية، يقوم مطوروا البرامج بتطوير تطبيقات تستنزف قدرات الرقائق المتوفرة، في المقابل يطالب المستهلكون بالمزيد من الأداء من أجهزتهم، مما يدفع بمصنعي الرقائق الإلكترونية لإنتاج جيل جديد ومع قدرات أكبر. منذ التسعينات من القرن الماضي بدأت صناعة أشباه الموصلات بنشر خارطة طريق للبحث والتطوير كل عامين يطلق عليها أحياناُ خطة المزيد من مور (More Moore) للتنسيق بين مئات المصنعين والشركات والتأكد من اتباع الجميع لقانون مور. و يُعزى لهذه الخارطة بقاء الحاسبات الآلية متوافقة في تطورها وأدائها مع الزيادة في المتطلبات المتضاعفة حسب القانون.
ومع تزايد الطلب على أجهزة المستهلك، بدأت حدة المنافسة تشتد بين مصنعي الرقائق لتوفير المزيد من الرقائق بأداء أعلى وحجم أصغر. مما يعني تكاليف أعلى ورقائق أعقد للتصنيع. حيث أنه لتحسين أداء المعالج يجب تصغير وزيادة عدد الوحدات المستخدمة في دوائره فتصبح الإلكترونات قادرة على الحركة بسرعة أكبر خلاله. وهذا يستدعي تعديلات جذرية لتقنية الطباعة الضوئية (Photolithography) اللازمة لتنميش (etch) الوحدات المتناهية الصغر على أسطح السيليكون التي تصنع منها الرقاقات. إلا أنه في تلك الفترة مع الازدهار في صناعة أشباه الموصلات لم تبال الشركات بهذه الصعوبات وبدأت دورة من التعزيز الذاتي بالظهور في الصورة. الرقائق المصنعة كانت متنوعة بشدة لدرجة أن الشركات قررت صناعة أنواع محددة، غالباً من المعالجات الرقمية ووحدات التخزين، وانتاجها بكميات هائلة. مما أدر عليهم أرباحاً معتبرة وكافية لتغطية تكاليف تطوير منشأت التصنيع بالإضافة لخفض أسعار بيع الوحدات المصنعة وعليه زيادة الطلب من السوق أكثر فأكثر.
ولكن، ومع بداية التسعينات، سرعان ما بدأ يتضح أن هذه الدورة المعتمدة على متطلبات السوق لن تستطيع احتمال إيقاع قانون مور المتسارع. عملية صناعة الرقاقات أضحت أكثر تعقيداً، مستلزمةً مئات من المراحل مما يعني أن أية خطوة لتصغير تصميم الرقاقات ستستدعي فرقاً من مصنعي المواد الخام ، مصممي ومهندسي الرقائق لإنتاج النسخة المطورة من المنتج في الوقت المناسب. فهل كانت بداية النهاية لحقبة مور ؟

المصادر:
http://www.nature.com/news/the-chips-are-down-for-moore-s-law-1.19338#/b3
http://www.britannica.com/biography/Gordon-E-Moore

ترجمة وإعداد: أمينة فِلّان
تصميم : وائل ياسر
الجزء 1 من 2

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي