كم من الملح يبقيك على قيد الحياة؟

ملح

|

لا تستطيع مقاومة «برطمان» المخلل عند رؤيته؟ تضعف أمام الأسماك المملحة في شم النسيم؟ تنهار قواك عند التقاط أنفك لرائحة اللحم المقدد «البسطرمة»؟ من منا لا يفعل ذلك؟! ولكن يُصيبنا دائمًا القلق والتوتر، ونطلق داخل عقولنا ذلك التساؤل المنطقي في تلك اللحظات، ما مقدار الملح الذي أحتاجه لأبقى بصحة جيدة؟ وهل  زيادة تلك المادة التي تحتوي على (40%) من الصوديوم و (60%) من الكلور تشكل خطرًا على صحتي؟


أ- ما أهميته تحديدًا؟

«يُكوِّن الصوديوم أهم المحاليل الإلكتروليتية الخلوية داخل جسم الإنسان، إنه يقوم بالعديد من الوظائف الحيوية» هذا ما صرح به الدكتور (بول ويلتون-Paul Whelton) أستاذ الصحة العامة من (جامعة تولين-Tulane University) عن هذا الموضوع، والإلكتروليتات عبارة عن مواد متناهية الصغر تذوب في الماء وتنتج محاليل تحتوي على أيونات ذات شحنات كهربية مختلفة (موجبة وسالبة) لها القدرة على توصيل التيار الكهربي، والتوازن السليم لتلك الأيونات داخل الجسم أمر ضروري لتطبيق العديد من الوظائف الحيوية داخل الجسم، مثل ترطيب الجسم وتنظيم ضغط الدم ودعم الأعصاب والعضلات للقيام بأداء وظائفها.

ب- الكمية الضرورية:

يقول الدكتور ويلتون بهذا الصدد:

«الحد الأدنى من تناول الملح في بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية يصل إلى (1500 مللي جرام) في اليوم الواحد»

وهذا وفقًا لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، وتعتبر هذه الكمية هي الكمية التي يجب أن يحافظ عليها مرضى ارتفاع ضغط الدم من البالغين، كما يوصي بها  مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) للأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثلاث سنوات.
وتشير بعض المنظمات الأخرى أن البالغين يجب أن يحصلوا على كميات أقل بكثير من المذكورة أعلاه؛ فوفقًا لرابطة القلب الأمريكية (AHA)، فإن الحد الأدنى من الصوديوم اللازم لأداء الوظائف الفسيولوجية داخل جسم الإنسان أقل بكثير من (500 مللي جرام ) في اليوم، أي ما يعادل ربع معلقة طعام.

ج- ما الذي سيؤذيك؟

تتاروح أضرار تغير تركيز الملح داخل جسم الإنسان ما بين قلة ذلك السبب وزيادتها، فمثلا..
1- أضرار الزيادة:
معظم الأمريكيين يسستهلكون كميات هائلة من الملح؛ فوفقًا لمكتب التوجيه الغذائي الفدرالي (federal government’s official dietary guidelines) فإن الفرد الأمريكي البالغ يجب أن يستهلك كحد أقصى (2300 مللي جرام) يوميًا، وهو رقم بعيد كل البعد عن متوسط استهلاك الفرد الأمريكي الذي يقرب الـ (3400 مللي جرام) يوميًا، وترتبط مثل هذه العادات الغذائية ذات النسب العالية من الصوديوم على نطاق واسع بارتفاع ضغط الدم والذي يسبب زيادة فرص التعرض إلى أزمة قلبية وسكتة دماغية.
ويعتبر الإقلاع عن مثل هذه العادات بالنسبة للشعب الأمريكي ضرب من الخيال، حيث يأتي (71%)  (وهو يمثل 2400مللي جرام) من الاستهلاك الكلي للملح من الأطعمة الجاهزة، حيث يقول ويلتون عن هذا الموضوع:

«تجنب ملح الطعام وإزالته من طاولة طعامك بالكاد سيؤدي إلى إحداث تغيير مقارنة بالموجود بالوجبات المُعدة من قبل شركات الأغذية».

 2- أضرار النقصان:

على الجانب المقابل تمامًا، تواجه مجموعات معينة من الأشخاض أخطارًا هائلة تتعلق بنقص كميات وتركيزات الصوديوم داخل الجسم لما هو دون الحد الأدنى من الاحتياج اليومي؛ حيث يؤدي نقص تلك الكميات إلى امتلاء الخلايا بالماء وتضخمها؛ والذي بدوره سيؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية مثل التهاب تلك الخلايا والغثيان والإرهاق، وقد تؤدي بعض الأحيان إلى الوفاة.

من ضمن الفئات المعرضة لمثل هذه الحالة هم كبار السن المصابيين بانخفاض وظائف الكلى، والمتعاطين للأدوية المؤثرة على تركيزات الصوديوم (مثل مدرات البول التي تقوم بالتخلص من كميات كبيرة زائدة من الماء والصوديوم الموجود بالجسم)، أو حتى الرياضيين الذين يتناولون كميات كبيرة جدًا من الماء لتعويض الفقد في الماء أثناء التعرق ولكنهم يفشلون في تعويض كميات الصوديوم المفقودة في نفس العملية (لهذا السبب تحتوي العديد من المشروبات الرياضية على محاليل إلكتروليتية).

أخيرًا.. من الصعب عزيزي القاريء الوصول إلى تلك الكمية المثالية من الملح يوميًا، ولكن لن تخسر إن حاولت.

ترجمة وتصميم: Ahmed Fahmy
مراجعة وتحرير:
Amira Esmail

المصادر:

How Much Salt Do You Need to Survive? [Internet]. [cited 2018 Mar 11]. Available from: https://www.livescience.com/61855-how-much-salt-do-you-need.html

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي