كيف تموت النجوم

Template_May_2016-1

||مقارنة بين العملاق الأحمر والشمس.|الفرق بين الإلكترونات العادية في مستويات الطاقة والإلكترونات المضغوطة(3).|مقارنة بين حجم القزم الأبيض وكوكب الأرض|مقارنة توضح صغر حجم النجم النيوتروني مقارنة بالأرض والقزم الأبيض

تُضِيء النجومُ عبرَ الكونِ لملايين ومليارات السنين، ولكنْ عند لحظة ما يتوقفُ التفاعل المسؤول عن حياةِ النجم، فهل تساءلت ماذا يحدثُ لهذه الأجرام السماوية العملاقة عندما ينفذُ وقودها؟

كيف تولد النجوم؟

علينا أولًا أنْ نفهمَ كيف تواجدت النجوم باختصار: تسبحُ في الكونِ كمياتٍ هائلةٍ من غاز الهيدروجين حيثُ أنَّه أبسط العناصر وأكثرها انتشارًا في الكون، عندما تتجمعُ كميةً كبيرةً منه تتجاذب الجزيئات مع بعضها بسببِ قوة الجاذبية، هذه القوةُ كافية لجعلِ جزيئات الهيدروجين تتصادم مع بعضها وينتجُ عن هذا التصادم كمية كبيرة من الحرارة، في وجودِ طاقةٍ كافية تتحدُ نواةُ كلَ ذرتين من الهيدروجين مع بعضهم في عملية (الاندماج النووي-(Nuclear fusion، ينتجُ من هذه العمليةِ الهيليوم وكميةٌ هائلةٌ من الطاقة، هذه العملية هي المسؤولة عن حياة كل النجوم.

إذًا فإنَّ ذرات الهيدروجين بداخل النجم تندمجُ مع بعضها وينتجُ عن هذا الاندماج حرارة وإشعاعات كهرومغناطيسية من ضمنِها الضوء المرئي الذي يصلُ لنا، ولكنْ كيف يقاومُ النجمُ قوةَ جاذبيته الهائلة بحيث لا ينهار ويصبح مستقر؟

إنَّ الحرارةَ الناتجة عن اندماجِ الذرات تُوَلِدُ ضغطًا، كمثالٍ توضيحي: عندما يسخنُ الهواء بداخلِ بالون؛ يُوَّلَّد ضغط على البالون للخارجِ؛ فيتمدد البالون، ولكنْ في النجمِ يحارب هذا الضغط قوة الجاذبية، وعندما يحدث توازن بين قوة الضغط والجاذبية، يكون النجم في حالة استقرار حتى تتحول كل ذرات الهيدروجين إلى هيليوم(1).

تكون العملاق الأحمر:

عندما تندمجُ كلّ ذراتِ الهيدروجين إلى الهيليوم، تصبحُ الحرارةُ المطلوبة للاندماجِ النووي أكبر حيثُ ذرات الهيليوم أثقل وتحتاجُ لحرارةٍ أعلى من الحرارةِ الحالية في المركز لتندمج مع الكربون، تبدأُ حرارةُ النجمِ في الانخفاضِ لعدمِ حدوث الاندماج في المركز، وبدون الحرارة لا يوجدُ ضغطُ لمقاومةِ الجاذبية؛ فيبدأ النجم في الانكماش تحتَ قوةِ الجاذبية المسيطرة.

ولكنْ عند لحظة ما يتوقف انكماش النجم، حيثُ أنَّ الانكماش يوَّلدُ كمية هائلة من الحرارة في المركز مما يتيح للهيليوم الاندماج، وأيضًا الحرارة تجعل الهيدروجين في القشرة الخارجية يندمج منتجًا كمية هائلة من الحرارة؛ لأن كمية الهيدروجين في القشرة أكبر بكثير من المركز.

 

ارتفاع الحرارة بعد انكماش النجم يؤدي لحدوث اندماج الهيليوم.

هذه الحرارة الناتجة تسرِّعُ التفاعل وتطلقُ مقدارً هائل من الطاقة مما يولد كمية كبيرة من الضغط مما يجعلُ النجم يتضخم أضعاف حجمه الأصلي ويتحول إلى ما يسمى بالعملاق الأحمر ويستقر النجم في هذه الحالة إلى أنْ ينفذ الهيدروجين، من المرجح أنَّ شمسنا ستلاقي هذا المصير، ولكن لا تقلق فلنْ يحدث هذا إلا بعد 7 مليار عام(2).

 

مقارنة بين العملاق الأحمر والشمس.
مقارنة بين العملاق الأحمر والشمس.

مبدأ إقصاء باولي:

تستمرُ قوةُ الجاذبية في السيطرةِ على العملاقِ الأحمر عند نفاذ الهيدروجين المسؤول عن الاندماج النووي، ويستمر النجم في التقلص تحتَ قوةِ الجاذبية، ولنفهم الأحداث التالية يجبُ أنْ نفهم (مبدأ إقصاء باولي-The Pauli exclusion principle) والذي ينصُّ على أنه لا يمكن لفيرميونان -جسيمات لها عزم مغزلي Spin يساوي ½ ، كالإلكترون والبروتون- أنْ يشغلا نفس مستوى الطاقة، لذا فعندما تُضغط الإلكترونات في مساحة صغيرة فإنَّ كل مستويات الطاقة الأقل تمتلِئ  بالإلكترونات ولا تجد الإلكترونات الأخرى مساحة؛ فتضطر إلى أنْ تصعد إلى مستويات الطاقة العليا وتشغل كل الأماكن المتاحة، مما يولدُ ضغطًا قادرًا على مقاومة الجاذبية حيثُ أنَّ الإلكترونات ضغطت في أقصى مساحة بحيث لا تكسر مبدأ إقصاء باولي؛ فيصبحُ الجسمُ في حالة توازن مرة أخرى وتسمى هذه الظاهرة (electron degeneracy pressure).

الفرق بين الإلكترونات العادية في مستويات الطاقة والإلكترونات المضغوطة(3).
الفرق بين الإلكترونات العادية في مستويات الطاقة والإلكترونات المضغوطة(3).

لاحظْ أنَّ ما قاومَ الجاذبية هذه المرة ليسَ الضغطُ الناتجَ عن الحرارةِ، حيثُ أنَّ الجسمَ حرارتِهِ أقلُ بكثيرٍ منْ أنْ يحدثَ اندماج نووي، بل ضغط الإلكترونات في مساحة صغيرة جدًا؛ مما لا يتيحُ لها التحرك إلا إذا شغلت مستويات طاقة متشابهة وبنفسِ الغزل مما يتعارض مع مبدأ الإقصاء(3).

مصير النجم الأخير:

ما سيحدث للنجمِ بعد ذلك معتمد على حجمِهِ وجاذبيتِه: فإذا كانَ النجمُ أقل من (1.44 كتلة شمسية) -كتلة شمسية واحدة تساوي كتلة الشمس- فإنَّ ضغط الإلكترونات سيكون كافي لمقاومة الجاذبية؛ وسيتحول النجم إلى (القزم الأبيض-White dwarf) بحيث يحافظُ ضغطُ الإلكترونات على استقرارِ الجسم.

مقارنة بين حجم القزم الأبيض وكوكب الأرض
مقارنة بين حجم القزم الأبيض وكوكب الأرض

أمَّا إذا كانت كتلة النجم أكبر من (1.44 كتلة شمسية)؛ فستتغلبُ الجاذبيةُ على ضغطِ الإلكترونات ويستمرُ النجمُ في الانهيار وتندمجُ الإلكتروناتُ مع البروتوناتِ في عمليةٍ معقدةٍ لتنتج النيوترونات، وتصبحُ القوةُ المحافظة على استقرار النجم الأن هي (ضغط النيوترونات-(neutron degeneracy pressure، فالنيوترونات تخضعُ لمبدأ الإقصاء مثل الإلكترونات ويُسمى الجسم (بالنجم النيوتروني- neutron star)، هذه الأجسامُ تكونُ كثيفةً بشكلٍ لا يصدق، حيثُ إنْ أخذتَ منها -نظريًا- مقدار ملعقة صغيرة ستجد المادة بها تزن حوالي مليار طن(5)!

مقارنة توضح صغر حجم النجم النيوتروني مقارنة بالأرض والقزم الأبيض
مقارنة توضح صغر حجم النجم النيوتروني مقارنة بالأرض والقزم الأبيض

وإذا كانت كتلة النجم بين (2 إلى 3 كتلة شمسية) فلن يكون هناك قوة كافية لمقاومة الجاذبية، وسيتحولُ النجمُ في النهاية إلى ثقبٍ أسود(4).

 

إعداد: محمد عمر

مراجعة علمية: Ahmed Mohamed

مراجعة لغوية: Mahmoud ELdaoshy

تحرير: ندى المليجي

المصادر:

“Why Do Stars Burn and What Happens When They Die?” About.com Education.-1 Accessed August 19, 2016. https://goo.gl/qQQAjH

“What Is A Red Giant Star?” Universe Today, February 5, 2009.-2

https://goo.gl/bJTfNF

“Electron Degeneracy Pressure | COSMOS.” Accessed August 19, 2016.-3 http://astronomy.swin.edu.au/cosmos/E/electron+degeneracy+pressure.

4- (2017). Neutron Degeneracy Pressure. Retrieved 16 March 2017, from https://goo.gl/OGoKYs

“Where Are the Protons and Electrons in a Neutron Star? (Intermediate) – Curious About-5 Astronomy? Ask an Astronomer.” Accessed November 6, 2016. https://goo.gl/jcncXC

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي