عزيزي القاريء، وجب علينا تنبيهك قبل التوغل في الاطلاع على المكتوب، توخ الحذر جيدًا وأنت تتحرك بين سطور هذا المقال، لأنك إن لم تكن خبيرًا بما يحتويه هذا المقال؛ فلا أضمن لك أن لا تنفجر بك إحدى أنواع المتفجرات المذكورة أثناء القراءة، أو أن تصطدم بالشظايا الناتجة عن انفجار إحداها أو تحترق بالحرارة الناجمة عن ذلك، لذلك وبكل حذر، اقرأ المقال وأنت على مسافة آمنه من شاشة الجهاز الذي تستخدمه، فنحن غير مسؤولون عن ما سيحدث وأنت تقرأ. ابتعدت كفاية؟ إذن هيا بنا.
أ- ما هي المتفجرات؟ وما علاقة الكيمياء بها؟
تعتمد فكرة الانفجار في الأساس على تفاعل كيميائي ما، يتم فيه تحويل كتلة صغيرة نسبيًا من إحدى المواد الصلبة إلى كمية هائلة من الغاز داخل حيز ضيق في جزء بسيط من الثانية، وتتحرر كمية رهيبة من الحرارة جرَّاء هذا التفاعل، أما كيميائيًا؛ فإن ما يحدث هو تفاعل الأكسجين مع بعض العناصر الأخرى (على سبيل المثال الكربون والهيدروجين). وفي سرعة البرق، تنطلق كمية كبيرة من الغازات متسببة في موجات تصادمية تضرب بشدة الوسط المحيط وتنسف كل ما يقف في طريقها.
ب- إلامَ تَنقسم؟
تنقسم المتفجرات بشكل عام إلى قسمين:
1- متفجرات صاعقة (detonating explosives): يتميز هذا النوع من المتفجرات بالتحلل السريع جدًا للمواد المتفاعلة بالقنبلة، وإنتاج كمية كبيرة من الضغط الناتج عن انطلاق الغازات في وقت صغير للغاية، وتصنف تلك المتفجرات إلى صنفين أساسيين:
أ- متفجرات أولية: وهي متفجرات يتم فيها بدء الاشتعال باستخدام أشياء بسيطة مثل اللهب أو الشرار أو الاصطدام أو أي وسيلة أخرى من شأنها إحداث حرارة كافية لبدء التفاعل.
ب- متفجرات ثانوية: وهذا النوع من المتفجرات يتطلب أجهزة أكثر تعقيدًا، وقد تحتاج في بعض الأحيان بعض المواد المعززة للانفجار.
2- متفجرات حارقة ( deflagrating explosives): ويختلف هذا النوع عن سابقه فقط في كونه يسبب احتراق سريع فقط بدون أن ينتج ضغوط عالية.
ج- أشهر الأمثلة:
1- تراي نيترو تولوين (Tri-nitro-toluene) (TNT):
واحدة من أشهر المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة المتفجرات، وأحد أكثر المواد الخاطفة للأضواء في ألعاب الفيديو والأفلام، إنها مادة الـ TNT، عادة ما يخلط بينها وبين المادة المستخدمة في صناعة الديناميت أو البارود، ولكنها في الحقيقة مادة صفراء اللون، أُنتجت لأول مرة كصبغة عام (1863م) ، كما أنها لا تنفجر بسهولة والتعامل معها آمن نسبيًا، ولعل هذا هو سبب تأخر اكتشاف خصائصها المتفجرة لمده تزيد عن الثلاثين عام على يد الكيميائي الألماني كارل هوسرمان (Carl Häussermann) عام (1891م).
تتمتع مادة الـ TNTبكونها مادة قابلة للإذابة والتعبئة في الأوعية المختلفة، دون الحاجة للقلق من حدوث انفجار مفاجيء، حيث أنها تحتاج إلى استخدام مفجر لإعطائها الحرارة الكافية لجعل (مجموعات النيترو – nitro groups) الموجودة في الجزيء تتحول إلى غاز النيتروجين بسرعة، وتُعَد هذه الخاصية أحد أهم المميزات التي تجعل هذه المادة أكثر المواد المستخدمة في عمليات الهدم والحفر في المناجم، كمادة آمنه في الاستخدام. تستخدم قوة انفجار هذه المادة كوحدة قياس لقوة انفجار المتفجرات الأخرى.
2- أم الشيطان ( TATP) (Triacetone triperoxide)
مادة ال(TATP) أو ( tri-cyclic acetone peroxide) تنتمي لمجموعة من المواد الكيميائية تسمى بالبيروكسيد ( peroxides)، حيث تحتوي جزيئات تلك المجموعة من المواد على روابط غير مستقرة بين ذرات الأكسجين، والتي تفتقر إليها مادة ال( TNT)؛ مما يجعل ال(TATP) أقل استقرارًا وأكثر عُرضة للانفجار المفاجيء، يطلق على هذه المادة (أم الشيطان) ولعله اسم على مسمى كما يقولون؛ حيث تمثل قوة انفجار تلك المادة ما يعادل ال(80%) من قوة انفجار مادة ال(TNT)، كما أنها تفتقد عامل الأمان الموجود بنظيرتها.
لا تحتاج مادة ال (TATP) لأكثر من اصطدامها بشيء صلب حتى تنفجر، مما يعني أن التعامل معها خطير جدًا وغير آمن، ولعل هذا ما أجبر قسم الكيمياء بالجامعة البريطانية على إخلاء مبنى المعامل بعد قيام أحد الطلاب بصنع تلك المادة عن طريق الخطأ إثناء قيامه بأحد التجارب.
3- PETN:
تُعد مادة ال( PETN) أو ( PentaErythritol TetraNitrate) واحدة من أقوى أنواع المتفجرات المعروفة، حيث تحتوي على مجموعات النيترو، كتلك الموجودة في ال(TNT)، ولكن بزيادة تلك المجموعات في جزيئات المادة تزداد قوة انفجارها وخطورتها، وبالرغم من قوة هذه المادة إلا أنه من الصعب الحصول عليها أو تحضيرها، لذلك لا تُستخدم منفردة، بل مخلوطة بمادة ال(TNT) أو مادة ال( RDX).
يُستخدم لتفجير تلك المواد عادة شرر كهربي، ويشتهر استخدامها في القنابل النووية كبادئ للتفاعل، بالإضافة لاستخدامها كمادة موسعة للأوعية الدموية، ولكن لا تقلق؛ فلن تنفجر بداخلك.
4- RDX:
ال( RDX) أو (cyclotrimethylene trinitramine) أو ( cyclonite) عبارة عن مادة صلبة كريستالية الشكل وبيضاء اللون، غير قابلة للذوبان في الماء ولكنها تذوب بصعوبة شديدة في بعض المذيبات الأخرى، كما أنها حساسة جدًا للطرق والاصطدام؛ لذلك لا تُستخدم منفردة، بل مخلوطة ببعض المواد الأخرى للتقليل من حساسيتها.
تم اكتشاف تلك المادة بواسطة الألماني -صاحب براءة الاختراع الخاصة بتلك المادة- جورج فريدريش هينينغ ( Georg Friedrich Henning) وذلك عام (1898)، ولكنها لم تُستخدم حتى الحرب العالمية الثانية، وذلك باستخدام معظم القوى المشاركة في الحرب لها، تعد تلك المادة آمنه للاستخدام، بالإضافة إلى كونها غير مكلفة في تصنعيها، تُستخدم تلك المواد على نطاق واسع في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، ولكن من أطلق عليها اسم (RDX) كان البريطانيون، ولكن يطلِق عليها الألمان اسم هيكسوجين (hexogen)، ويطلق عليها الإيطاليون(T4).
إعداد: Ahmed Fahmy
مراجعة: Amira Esmail
المصادر:
http://sc.egyres.com/URxsS
http://sc.egyres.com/L6GPv
http://sc.egyres.com/yiXux
http://sc.egyres.com/fYif7