تسعة كيميائيين سود يجب أن تعرفهم

IMG_20200321_205428

عندما كان طبيب زراعة الأعضاء (كليف كاليندر) في الكلية في الخمسينات من القرن الماضي، كان من الشائع أن تتخصص في الكيمياء كوسيلة لدخول كلية الطب، ولم يكن (كاليندر) مختلفًا، فقد درس بجد مناهج الكيمياء العامة والعضوية بهدف أن يصبح يومًا ما مُبشِرًا طبيًا.

في الوقت الذي قال فيه (كاليندر) انه نادرًا ما يتم الاحتفاء بإنجازات العلماء سود البشرة، كان قد اطّلع على كيميائي واحد يماثله وهو (جورج واشنطن كارفر).

كطبيب، قاد (كاليندر) واحدة من أكبر الدفعات في تاريخ الأمة لتحسين معدل التبرع بالأعضاء خلال الأقليات وعندما نظر إلى ما سبق من حياته اعترف بفضل مثله العليا وعزيمته ومعتقداته الدينية فيما وصل إليه اليوم.
وقال:

إنه لمن المهم معرفتهم لتعزيز الطموحات

واحتفاءً بشهر التاريخ الأسود، سردت مجلة أخبار الكيمياء والهندسة C&EN سيرة تسعة من الكيميائيين سود البشرة الذين ساهموا في العديد من المجالات.

أليس بول

Credit: Wikimedia Commons

حوالي منعطف القرن العشرين كان الجذام شأنًا رئيسيًّا فيما يتعلق بالصحة العامة في هاواي. كانت (أليس) مُدرّسة (Instructor) كيمياء في كلية هواي التي ستصبح فيما بعد جامعة هواي التي نالت منها (أليس) درجة الماجستير في الكيمياء في البحث عن المكونات الفعّالة في جذور نبات الكافات الطبي.

وكانت بول أول امراة، وأول امرأة سوداء أيضًا تنال تلك الدرجة في الجامعة بالإضافة لكونها مُدرّسة فيها.
في 1916، طلب الدكتور في مستشفى كاليهي، (هاري هولمان) الذي كان يقوم بمعالجة مرضى الجذام من (بول) مساعدته في التعرف إلى المكونات الفعّالة في نبات (Chaulmoogra) الذي اُستخدم بنجاح في علاج المرض، كان يبحث (هولمان) عن عزل شيء مركّز وقابل للحقن. وفي عام واحد اكتشفت (بول) كيفية تجزئة الزيت الفعّال مما سمح لها بإذابته.

ماتت (بول) فجأة في عمر 24 غالبًا بسبب استنشاق غاز الكلور في المعمل. وتم أخذ أعمالها من قِبل عالم والذي حاول نسب اكتشافاتها الي نفسه. وأصبح حقن (chaulmoogra) القائم على أعمال (بول) هو العلاج الرئيسي للجذام حتى أربعينيات القرن العشرين، وفي عام 2000 سمَّى حاكم هاواي (مايزي هيرون) يوم التاسع والعشرين من فبراير بيوم (أليس بول).

القديس الموا برادي

Credit: University of Illinois Archives

في عام 1916 أصبح القديس (إلمو برادي) المولود في لويسفيل في مقاطعة كنتاكي أول أمريكي من أصل إفريقي ينال درجة الدكتوراة في الكيمياء. وقد أتم دراساته العليا في جامعة إلينوي اوربانا شامبين، وتركّزت أبحاثه على كيفية تغيُّر حموضة الأحماض الكربوكسيلية بناءً على إضافة مجموعات كيميائية مختلفة. واشتغل بالتدريس فيما سيصبح اسمها جامعة توسكجي وفي نهاية المطاف أصبح رئيس قسم الكيمياء في جامعة هوارد.

وبعد مرور سنين، عاد برادي إلى جامعة فيسك حيث حصل على درجة ما قبل التخرج ليتولى رئاسة قسم الكيمياء فيها خلفًا لكيميائي أسود البشرة آخر معروف يسمى (توماس تالي).
وفي فيسك أسس (برادي) لأول مرة في تاريخ البلاد برنامج للدراسات العليا في الكيمياء وفعل ذلك أيضًا في ثلاث جامعات أخرى بعد ذلك.

وفي عام 2019 اعتبرت الجمعية الأمريكية للكيمياء جامعات إلينوي وفيسك وتوسكجي وكلية توجالو معالم رئيسية في تاريخ الكيمياء القومي بفضل العمل الذي حقّقه برادي في تلك المعاهد، ومات في عام 1966.

لويد نويل فيرجسون

Credit: Cal State LA

عندما كان صغيرًا، كان (فيرجسون) كيميائي الفناء الخلفي حرفيًا حيث اخترع طاردًا للعث ومزيلًا للبقع في فناء منزله في أوكلاند حيث ترعرع.
أصبح في 1943 أول شخص أسود البشرة يحصل على درجة الدكتوراة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وعمل في مشروع دفاعي مبتدعًا لمنتجات يمكن لها إطلاق غاز الأكسجين لاستخدامها في الغواصات.

وفي النهاية حَوّل (فيرجسون) الدفة متجهًا إلي جامعة هوارد حيث قام بالتدريس والإشراف على برنامج الكيمياء بمدرستها. وكباحث فقد درس العديد من الموضوعات بما فيها كيمياء المذاق وكان جزءًا من الفريق الذي أسّس برنامج الدكتوراة في الكيمياء بجامعة هوارد. وكان عنيدًا في إتاحة الفرص للسود المهتمين بالكيمياء والكيمياء الحيويّة. وكان أحد المؤسسين للمنظمة الوطنية للارتقاء المهني بالكيميائيين والمهندسين الكيميائيين السود (NOBCChE) والتي أطلقت جائزة باسمه انعكاسًا بشغفه بتنشئة صف من الكيميائيين من الشباب السود وتُسمى جائزة (لويد فيرجسون) للتميز البحثي من أجل العلماء الشباب، ومات عام 2011.

بيتي واشنطن جرين

Credit: Science History Institute/Wikimedia Commons

في 1965 وقبل سنوات من أحداث الشغب حول الحقوق المدنية التي اجتاحت أجزاء من ديترويت كانت (بيتي جرين) تضع لمساتها الأخيرة على رسالة الدكتوراة خاصتها في الكيمياء الفيزيائية من جامعة ولاية واين (Wayne) وركّزت أطروحتها على كيفيّة توزيع الجزيئات لنفسها في المستحلبات (Emulsions) وخدمها بحثها هذا جيدًا حيث بعد سنين مضت أصبحت أول امرأة سوداء تعمل في شركة داو للكيماويات (Dow Chemical).

وأثناء عملها في داو، عملت على تطوير الغرويات (Colloids) وعلى طرق تحسين المطاط (Latex)، ونشرت العديد من الأوراق البحثية المتعلقة بتطوير البوليمرات وتشمل دراسة العديد من الخواص التي تؤدي إلى إعادة تشكيل المطاط.
وبين العديد من الإنجازات الكثيرة ل(جرين) هناك العديد من براءات الاختراع فيما يتعلق بالمطاط، بما يشمل لاصقات من المطاط مستخدمةً الحمض الكربوكسيلي كعامل بلمرة، وبوليمرات مطاطية تستخدم الفوسفات كغلاف (Coatings)، ماتت (جرين) عام 1995.

والتر لينكولن هوكينز

Credit: National Science & Technology Medal Foundation

تحتاج الوصلات الهاتفية (خطوط الهاتف) إلى الحماية من أشعة الشمس والماء والحرارة من بين العديد من الأشياء، وقبل خمسينيات القرن الماضي كانت تُغلّف بغلاف مصنوع من الرصاص السام أو البلاستيك المُعرّض بدوره إلى الأكسدة ما يسبّب تدهوره بسرعة.

من هنا جاء دور (والتر هوكينز) الكيميائي بمعامل بيل فقد استطاع هو وشريكه تطوير غلاف للوصلات مصنوع من فئة جديدة من مركبات الثيو إيثر والفحم الأسود المختلطة بالبولي إيثيلين. حسّن هذا العمل من مدة حياة كابلات التوصيل لمدة تصل إلى 70 عام مما أدَّى إلى توسُّع استعمال الوصلات الهاتفية في كل أنحاء العالم.
ذلك الغلاف كان واحد من العديد من المنتجات التي كان ل(هوكينز) براءة اختراعها، وأصبح في النهاية مدير المعامل البحثية في بيل ودخل عضوًا في قاعة الشهرة للمخترع القومي.

آمن (هوكينز) وبقوة بتوجيه طلاب الأقليّات مؤسسًا لمشروع بواسطة الجمعية الأمريكية للكيمياء للارتقاء بالكيمياء كمادة دراسية وكمهنة. وفي عام 1992قلّده الرئيس( جورج بوش) الوسام القومي للتكنولوجيا والابتكار لعمله في مساعدة المجتمعات الريفية في تأسيس الاتصالات الهاتفية. ومات بعد ذلك بشهرين.

ألما ليفانت هايدن

Credit: NIH History Office/Wikimedia Commons

في عام 1963 كان هناك طبيبان يُدعيان (ستيفان دورفيك) و(أندرو لفاي) يعالجان مرضى السرطان بمركب يُسمَّى الكريبيوزين الذي  كانا يعتبرانه علاجًا لهذا المرض.

لكنه لم يكن كذلك وقد بيّنت (ألما ليفانت هايدن) العالِمة بالمعهد القومي لالتهاب المفاصل وأمراض الأيض للعالم لماذا، فبعد انتزاع عينات من ذلك المركب من الطبيب وشريكه حلّلت (ألما) الكريبيوزين وكانت النتائج مدهشة حيث اتّضح أنه لا شيء سوي كرياتين الجزيء الموجود بالفعل في وجباتنا الغذائية.

(هايدن) من بين أوائل العلماء الفيدراليين المختلفين في لون البشرة وكانت تعمل فيما سيسمى لاحقًا بمنظمة الغذاء والدواء FDA وتخصّصت في استخدام القياسات الطيفية للكشف عن الاسترويدات، وفي عام 1962 في منتدى للشابات أخبرت (هايدن) الحضور الغالب فيه نسبة من في المرحلة الثانوية أن تبذل دائمًا قصارى الجهد لتكون الأفضل أيًا كانت المجموعة التي تعمل معها. ماتت سنة 1967.

ماري إليوت هيل

Credit: Louisville Courier Journal

كانت كيميائيّة ومُدرّسة عملت جنبًا إلى جنب مع زوجها (كارل هيل) لسنوات طويلة في منتصف القرن العشرين، تخصّص الثنائي في صناعة البلاستيك مُستخدمين تفاعلات جرينارد (Grignard reactions) لتكوين الكيتينات (ketene) وهي مركبات نشطة للغاية يتم استخدامها لتكوين الأسترات والأميدات ومركبات مهمة أخرى. كانت هيل مختصة بالكيمياء التحليليّة حيث عملت على تصميم طرق للتحليل الطيفي وتطوير طرق يمكن من خلالها متابعة سير التفاعل بالاعتماد على الذوبانية.

ولدت (هيل) عام 1907 في جنوب كارولينا ونالت درجة البكالوريوس في الكيمياء عام 1929 من الجامعة التي ستعرف فيما بعد باسم جامعة ولاية فيرجينيا، وخلال مسيرتها المهنيّة عملت في تدريس الكيمياء للمرحلة الثانوية والجامعيّة. وفي عام 1951 أصبحت رئيسة قسم الكيمياء في جامعة ولاية تينيس، وبعد ذلك غادرت لتكون أستاذة في كلية ولاية كنتاكي.

أسّست (هيل) للفصول الطلابيّة للجمعية الأمريكية للكيمياء في بعض الجامعات والكليات التي للسود تاريخ فيها حيث قامت بالتدريس، الكثير من طلابها أصبحوا أساتذة في الكيمياء ونالت العديد من الجوائز لما قامت به بالتدريس، وفي الستينيات لاحظت زيادة عدد النساء المهتمة بالعلوم لكن فقدن الاهتمام بسبب واقع الحياة البحثيّة في ذلك الوقت، ماتت (هيل) عام 1969.

روبرت هنري لورنس

Credit: Newscom

كان (روبرت) كيميائيًّا بالتدريب، وأيضًا كان أول رائد فضاء أمريكي أسود. وُلِد (روبرت) في شيكاغو في عام 1935، وبعد تخرّجه في جامعة برادلي حاصلًا على درجة الكيمياء، انضم للقوات الجوية الأمريكية ليصبح فيما بعد طيار تحت التدريب.
بعد ذلك اختارته القوات الجوية ليكون رائد فضاء للعمل على مهمات استخبارية قصيرة، الذي يٌعتبر نواة برنامج مكوك ناسا الفضائي، وأثناء تدربه حصل على درجة الدكتوراة في الكيمياء الفيزيائية من جامعة ولاية أوهايو.

لم يذهب لورنس قط للفضاء؛ ففي عام 1967 مات خلال التدريب في قاعد إدوارد الجوية.

لقد أتم 2500 ساعة طيران في مسيرته المهنيّة القصيرة. وأطلقت جامعة برادلي منحة على شرفه. وسُميت مدرسة باسمه في شيكاغو. في 14 من فبراير 2020 باشر مكوك فضائي يحمل اسم لورنس العمل من محطة الفضاء الدولية حاملًا بين أشياء أخرى العون للبحث العلمي.

صموئيل ب. ماسي

Credit: US Naval Academy

في ذروة العمل على مشروع مانهاتن كان (صموئيل ماسي) يحاول تحويل نظائر اليورانيوم لسوائل لاستخدامها في القنبلة، وقبل انضمامه للمشروع كان قد التحق بجامعة ولاية لوا (Lowa state university) للحصول على درجة الدكتوراة في الكيمياء العضويّة. ولم يُسمح له أن يعيش في الحرم الجامعي أو العمل في نفس المعامل التي يعمل بها الطلاب البيض، وبعد رفض تأجيل المشروع انسحب من برنامج الدكتوراة واستلم منصبه للعمل على الكيمياء النووية في مشروع مانهاتن.

وفي نهاية المطاف حصل على درجة الدكتوراة من جامعة لوا وعمل بعد ذلك على إيجاد مركبات مضادة للميكروبات. وفي عام 1982 حصل على براءة اختراع مضاد حيوي للسيلان، في مساره المهني ركّز أيضا على تعليم وتدريس الكيمياء وأخذ منصب في مؤسسة العلوم الطبيعية لتشكيل تعليم العلوم في جميع أنحاء البلاد.

وفي عام 1966 اختاره الرئيس (لايندون جونسون) لتدريس الكيمياء في الأكاديمية البحرية الأمريكية وكان أول شخص أسود يقوم بهذا الأمر، وبعد ذلك بأعوام عديدة ترأس القسم ليصبح أول شخص أسود يتقلد ذلك المنصب.
ودائمًا ما كان صاحب إنجازات عالية، حيث تخرّج من الثانوية بعمر الثالثة عشر ومن الكلية بعمر الثامنة عشر. وكان واحدًا من معاصريه في مشروع مانهاتن عالم أسود له إنجازاته أيضا يدعى (لويد ألبرت كوارتر مان)، مات ماسي عام 2005.

 

المصدر

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي