معظم الشعوب الآن في الخارج عالقة في المنزل أثناء فترة الحجر المنزلي لمدة أزليّة لا يبدو أنّها ستنتهي قريبًا. البعض يقضي الوقت وحيدًا، والبعض يقضى أوقاتًا أكثر مع أشخاص غير مرغوبين، ولكن الأكيد أنّ المعظم يقضي وقتًا أقل مع الأشخاص الذين يشعر معهم بالاتصال وبأنّهم جزء من شيء كبير، أكبر حتى من أنفسهم، وهؤلاء إمّا أن يكونوا أفراد العائلة، وإمّا الأصدقاء أو حتى زملاء العمل.
للاتصال أثناء الحجر المنزلي طرق عديدة
ولأنّنا كائنات مرنة ومبتكرة، فقد حاول الكثيرون إيجاد طرق تساعدنا في قضاء وقت أكبر مع هؤلاء الناس أثناء الحجر المنزلي، كإقامة نوادٍ لقراءة الكتب على الإنترنت، أو التواصل مع أصدقاء قدامى لم تتحدث معهم منذ سنوات، أو مشاهدة الأفلام أو ألعاب الطاولة. حتى الأحبّاء الذين فرقتهم المسافات قد وجدوا طرقًا عدّة لإبقاء شعلة الحب بينهما.
الاتصال بالبشر يقوّي المناعة وبرغم كل هذه القصص المبتكرة، فمن الممكن أن نستخف بأهميّة البقاء على الاتصال، فإنّ هذا لا يمنعنا فقط من الوقوع في شَرَك الاضطرابات النفسيّة، بل من الممكن أن يكون له دور في حمايتنا من المرض، فقد نشر شيلدون كوهين (Sheldon Cohen) عام 1997 في مجلة الجمعيّة الطبيّة الأمريكيّة دراسةً تنص على أنّ الأشخاص الذين أجروا 1 : 3 اتصالات هاتفيّة أو مقابلات خلال أسبوعين كانوا 4 أضعاف عرضةً للإصابة للبرد عند التعرُّض لفيروس البرد مقارنةً مع الأشخاص الذين أجروا 6 اتصالات خلال نفس المدة. فالاتصال بالناس أثناء الحجر المنزلي يقلَّل الضغط النفسيّ ويزيد من قوة المناعة، وقد وجد كوهين في دراسة أخرى عام 1991 بين المصابين بفيروس كورونا 229E -وهو نوع أقل فتكًا من فيروس كورونا الحالي- أنّ شدّة الأعراض ارتبطت بشدّة الضغط النفسيّ الذي تعرضوا له، كما أنّه وَجد في دراسة لاحقة عام 2003 أنّ الأشخاص الذين تعرضوا لفيروس البرد ووصفوا شعورهم في الوقت نفسه بالراحة، أو السعادة، أو الاسترخاء كانوا أقل عرضةً بثلاث مرّات للإصابة بالبرد.
خطر الوحدة
على الصعيد الآخر فإنّ الوحدة من عوامل الخطر، فالعزلة الاجتماعيّة تُزيد من معدل الوفاة بقدر تدخين السجائر (هولت لانستيد وآخرون، 2015) وهذا سلاح ذو حدّين؛ فكبار السن في خطر من ناحيتين: مرة بسبب الوحدة والعزلة، ومرة بسبب المرض. بالطبع لن تَحل أي من هذه الطرق محل البعد الاجتماعيّ والعزلة في إنقاذ الأرواح، ولكن لا تدع أحدهم يضايقك أثناء قضاء وقتك مع أصدقائك أو القيام بأيّ نشاط اجتماعيّ بأنّك لا تستغل وقتك بشكل مثمر، وتذكّر أنّ الحياة التي تنقذها من الممكن أن تكون حياتك.