لماذا المكان ثلاثي الأبعاد؟

3D_space

|

السؤال لماذا المكان ثلاثيّ الأبعاد (3D) وليس عددًا آخر من الأبعاد قد حيّر العلماء والفلاسفة منذ الحضارة اليونانية. إن نسيج الزمكان «Time-space» هو نسيج رباعيّ الأبعاد (3+1)، حيث الزمن هو البعد الرابع، حيث أنه من المعروف أن الزمن مرتبط بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية: الزمن لديه اتجاه واحد فقط -للأمام- لأن الإنتروبي «Entropy» لا يمكن أن يقل في نظام مغلق مثل الكون.

في ورقة بحثية نشرت في EPL، اقترح الباحثون أن القانون الثاني للديناميكا الحرارية يمكن أن يفسر لماذا المكان ثلاثيّ الأبعاد.

«عدد من الباحثون في مجالات العلوم والفلسفة قد تناولوا مشكلة طبيعة الأبعاد الرباعية للزمكان وذلك بتبرير الاختيار المناسب لتعدد الأبعاد للحفاظ على الحياة والاستقرار.» كما قال (جوليان غونزاليس أيالا- Julian Gonzalez-Ayala) من معهد البوليتكنيك الوطني في المكسيك وجامعة سالامانكا في إسبانيا. «إن أكبر أهمية لعملنا هو تقديم استنتاج يعتمد على نموذج فيزيائيّ للكون متعدد الأبعاد مع سيناريو مناسب ومتوافق مع الزمكان.»

يفترض العلماء أن المكان ثلاثيّ الأبعاد لأن كمية حرارةً تسمى كثافة طاقة هلمهولتز الحرة «Helmholtz free energy density» في الكون المليء بالاشعاع، فإن هذه الكثافة يمكن النظر إليها على أنها نوع من الضغط على الفضاء كله، والذي يعتمد على درجة حرارته وعدد أبعاده المكانية.

وهنا يُظهر الباحثون أنه كلما كان الكون يبرد في اللحظات عقب الانفجار العظيم، فإن كثافة هلمهولتز تصل إلى قيمة حدها الأقصى الأول في درجة حرارة عالية جدًا تتوافق عندما كان الكون عمره جزء من الثانية وعدد أبعاده المكانية تقريبًا ثلاثة.

الفكرة الأساسية هنا هو أن الفضاء ثلاثيّ الأبعاد كان متجمدًا في تلك النقطة عندما وصلت كثافة هلمهولتز إلى قيمتها القصوى الأولى، مما يمنع الفضاء ثلاثي الأبعاد من الانتقال لأبعاد أخرى.

ولأن القانون الثاني يسمح بالانتقال إلى بعد أعلى فقط عندما تكون درجة الحرارة أعلى من القيمة الحرجة، وليست أقل من ذلك أبدًا. ومنذ أن بدأ الكون في البرودة، فإن درجة الحرارة الحالية هي أقل بكثير من درجة الحرارة الحرجة واللازمة للانتقال من فضاء ثلاثي الأبعاد إلى فضاء ذو أبعاد أكثر. ومن هنا يوضح الباحثون أن الأبعاد المكانية متماثلة على نحو كبير لحالات المادة، حيث الانتقال إلى بعد آخر يشبه إلى حد ما الانتقال من حالة إلى أخرى مثل ذوبان الجليد، وهو يحدث عندما تكون درجات عالية بما فيه الكفاية.

«في عملية تبريد الكون المبكر وبعدما بلغت درجة الحرارة القيمة الحرجة الأولى، فإن مبدأ زيادة الإنتروبي للنظام المغلق قد يمنع حدوث تغيرات معينة في الإبعاد»، وذلك كما أوضحه الباحثون.

الاحتمال لا زال يترك مجالًا للشك في تكوّن أبعاد أعلى بعد الجزء الأول من الثانية بعد الانفجار العظيم عندما كان الكون أكثر سخونة مما كان عليه في درجة الحرارة الحرجة. الأبعاد الإضافية موجودة في العديد من النماذج الكونية، وأبرزها نموذج نظرية الأوتار«String Theory». إن الدراسة الجديدة قد تساعد في فهم السبب، وهو أنه في بعض هذه النماذج قد يُحتمل أن تكون الإبعاد الإضافية قد انهارت -أو بقيت في نفس حجمها عندما كانت صغيرة جدًا-، بينما واصل الفضاء ثلاثيّ الأبعاد في النمو حتى وصل إلى ما عليه في الكون المرئي.

في المستقبل، يخطط الباحثون لتطوير نموذجهم ليشمل تأثيرات الكم والتي قد تكون حدثت أثناء الجزء الأول من الثانية بعد الانفجار العظيم، والذي يسمى «حقبة بلانك-Planck epoch». وبالإضافة إلى ذلك فإن النتائج من النموذج الأكثر اكتمالًا قد توفر توجيهًا للباحثين للعمل على باقي النماذج الكونية مثل نموذج «Quantum Gravity».

يقترح الباحثون أن الأبعاد الثلاثة للمكان قد تجمدت خلال اللحظات الأولى من الكون. في اليسار، طاقة هلمهولتز الحرة f تصل إلى قيمتها القصوى عند درجة حرارة T=0,93، ويحدث عندما يكون للمكان n=3 أبعاد. ويشير s إلى كثافة الإنتروبي، بينما تشير u إلى كثافة الطاقة الداخلية. وفي اليمين، الانتقال إلى أبعاد مختلفة لا يمكن أن يحدث تحت درجة حرارة 0,93 والتي توافق الثلاثة أبعاد.

ترجمة وتصميم: Mohammed Abkareno

مراجعة لغوية: Omnea Abd El-Aleem

المصدر: http://sc.egyres.com/a6obu

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي