ما نعرفه يؤثر على طريقة إدراكنا للأشياء

4

ليس سرًا أن أعين الناس ترى العالم بطرق مختلفة، ولكن هذه الطرق المختلفة ليست مقصورة على تفاوت معالجة أدمغتنا للضوء والألوان فقط.
تقترح دراسة جديدة أن ما نملكه من معلومات نعرفها سلفًا، يؤثر على إدراكنا للأشياء.
اختبر الباحثون في دراسة الإختلاف في ما يراه مجموعتين من الناس في مجموعة من الحروف، لكنهم قالوا أن التجربة تسري على كل شئ نراه كالوجوه والحيوانات والسيارات…..إلخ.
تقول عالمة الإدراك في جامعة (جونز هوبكينز – Brenda Rapp) برندا راب: «قد تعتقدون أن لدينا آلية بصرية واحدة، وأننا قادرون على تمييز خصائص حروف لغة معينة حتى لو كنا جاهلين بهذه اللغة، لكن هذا الإعتقاد ليس بالقضية المهمة، إن ما نعرفه يؤثر على كيفية رؤيتنا للأشياء.»، وليقوموا بإختبار فرضيتهم بأن «المعرفة المسبقة تؤثر على إدراكنا البصري للأشياء» قام الفريق بإستخدام مجموعتين من الناس لديهما درجات متفاوتة في معرفة اللغة العربية وأبجديتها.
الأولى تحوى خمسة وعشرون خبيرًا في اللغة العربية، والأخرى ليس لديها معرفة أصلًا بالحروف العربية.
وعرض الباحثون على المشتركين جميعًا حوالي 2,000 زوج من الحروف مكتوبة بأشكال مختلفة، وعرضوا عليهم أزواج الحروف بشكل منفصل زوجٌ تلو الآخر، ثم سألوهم إذا ما كانت الحروف في كل محاولة تشبه بعضها أم مختلفة، ثم قاموا بقياس عاملين السرعة والدقة.
وجد الفريق أن المحدثين في اللغة أسرع من الخبراء، بينما الخبراء أكثر دقة، ولكن حين عرضت حروف معقدة الرسم، تغيرت نتيجة السرعة لصالح الخبراء، وحين جمع الباحثون نتائج التجربة و خصوصًا تلك التي أجمعت المجموعتين على وجود تشابه في الحروف، أصبح واضحًا أن المعرفة المسبقة باللغة تؤثر على عملية المعالجة البصرية والتمييز.
طبقًا لما قاله العلماء أن هؤلاء الخبراء في اللغة اعتمدوا على صفات الحروف نفسها كإسمها وطريقة نطقها وكتابتها، وهى صفات غير بصرية، أما الجاهلون باللغة اعتمدوا على الخصائص البصرية للحروف كشكلها وانحنائها أو استقامتها أو طولها وعرضها وهكذا.
يقول أحد أعضاء فريق الباحثين (Robert W.Wiley): «ماذا يتغير حينما تصبح خبيرًا في اللغة و تقرأ حروفها؟ هل يرى نظامك البصري الحروف بذات الطريقة التي يراها المبتديء؟»، يكمل: «نحن نقول لا فحينما تصبح عالمًا بالشيء، تُصبح الأمور المعقدة بالنسبة للمبتدئين، سهلة و بسيطة بالنسبة إليك.»
نُشرت هذه النتائج في الـ(Journal of Experimental Psychology and Performance)، وهي ليست المرة الأولى التى يُدرك الباحثون فيها أن المعرفة المسبقة بالأشياء قد تغير طريقة تعامل الدماغ معها، ففي العام الماضي نُشرت دراسة تقول أن اللغة الأولى التي ينطق بها الناس تخلق لديهم نوع من النمط المحفور في الدماغ، والذي يؤثر بدوره على كيفية معالجة اللغات التي يتم تعلمها فيما بعد.
بينما يتم التركيز هنا على دراسة تتعلق بحروف اللغة العربية , لكن يبدو واضحًا أن النتائج تتعدى حدود اللغة و الحروف إلى أى شئ تقريباً.
يقول روبرت وايلى: «إن دراستنا حقيقية لأي نوع من الأشياء، إنها تغير طريقة إدراكنا للأشياء، وأن جزء من كون المرء خبيرًا هو معرفة ما هو المفيد حقًا من وسط كومة معلومات كثيرة، بما في ذلك الخصائص البصرية للأشياء، فأنت الآن تعرف ما تنظر إليه.»

 

________
المصادر:
http://sc.egyres.com/gLQeR

ترجمة : محمد عبد العزيز
مراجعة :Hosny Ayman
تصميم: Ayman Samy
#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي