لماذا علينا الحفاظ على نحل العسل؟

نحل العسل، أو ما يُسمَّى بالحشرة الذهبيَّة، من الحشرات التي لها فضلٌ كبير في مصادر غِذاء الإنسان، فهو المُلقِّح الطبيعي للكثير من المحاصيل الزراعية والمُنتِج الطبيعي للعسل، الذي يُعدُّ مصدرَ غذاءٍ طبيعيٍّ للإنسان لما يمتلكه من فوائدَ كثيرة. وبالرغم من ذلك، لا يحظى نحلُ العسل بالاهتمام والرعاية التي يستحقها والتي تحميه من أن يسلك طريق الانقراض كما فعلت كثيرٌ من الكائنات الأخرى.

في مناطقَ كثيرةٍ في قارة أفريقيا، يتمُّ جمع العسل من فروعِ الأشجار المُجوَّفة والشقوق، وفي بلادٍ أخرى مثل مصر وكينيا وتنزانيا يقومون بتربية النحل في خلايا ومناحل صناعية، تلك الطريقة ليست منتشرة أو معروفة في مناطقَ أُخرى من القارة التي تفتقد للكثير من المعدات والطرق الحديثة، حيث يعتمد جمع العسل على الطرق البدائية، من تلك الطرق هي إشعال النيران في الخلية، بغاية قتل أو إضعااف تلك الحشرات، حتي يتسنَّى لذلك الفاعل  أخْذ أقراص العسل، وقد تؤدِّي تلك الطريقة إلى موت الملكة ودمار الخلية بأكملها، مما يجعل باقي النحل مضطرًا على إيجاد مسكنٍ آخرٍ له، فهذا مثل أن تذبح بقرتك من أجل حليبها. وبعد جمع أقراص العسل من الخلية تتم إذابتها في وعاء، ثم يتم تركها حتى اليوم التالي، ليبقى العسل في قاع الوعاء ويتصلَّب الشمع على السطح، وكثيرًا ما يتم التخلص من الشمع خاسرًا مصدرَ كسبٍ إضافيٍّ له، ما زالت تلك العادات التقليدية تُمارَس حتى الآن، وتُسبِّب تلك الطرق الهمجية لجمع العسل الكثيرَ من الأضرار التي تُهدِّد حياة خلية النحل بأكملها.

إذن ما هي الأسباب التي تجعلنا نحافظ ونُشجِّع تربية نحل العسل؟

يمتلك نحل العسل قيمةً كبيرةً لنا، سواء كمُنتِجٍ للكثير من المواد التي لها قيمة اقتصادية كبيرة، أو كمُلقِّحٍ لا بديلَ له للكثير من المحاصيل.

أولًا، لنتعرف على المنتجات التي نستفيد بها من عسل النحل، توجد 6 منتجات معروفة تنتجها خلية النحل:

1. عسل النحل، والذي يُعدُّ كمادةٍ غذائية للإنسان، وله قيمة اقتصادية عالية.
2. شمع النحل، وهي مادة طبيعية تُفرَز من مجموعةٍ من الغدد المتواجدة في منطقة البطن لدى شغَّالات نحل العسل، ويُستخدم في بناء الأقراص الشمعية التي يتواجد فيها النحل خلال مراحل نموه، ويتم تخزين العسل وحبوب اللقاح فيها، وقد يستهلك النحل ما بين 8 إلى 15 كيلوجرامًا من العسل لإنتاج كيلوجرام واحد من الشمع، ويوجد أكثر من 120 استخدام صناعيٍّ لشمعِ العسل، ويمتلك سوقًا تجاريًّا مُميزًا داخليًّا وخارجيًّا.
3. العَكَّر، وهي مادة راتِينَجِيّة، يقوم نحل العسل بجمعها من أوراق وبراعم بعض الأشجار، ويتم استخدام تلك المادة في ملء الشقوق المتواجدة في الخلية بواسطة الشغَّالات، وأيضًا لتلك المادة العديد من الخصائص الدوائيّة، مثل استخدامها في معالجة بعض الأمراض الجلدية.
4. حبوب اللقاح، العضو المُذكَّر في النباتات المُزهرة، يقوم النحل بحملها ويتم تخزينها في أقراص الخلية ليتغذَّى منها صغار نحل العسل في مرحلة اليرقات، وتتم عملية تلقيح الزهور من خلال حبوب اللقاح الملتصقة في أرجل شغَّالات نحل العسل عند عملية جمع الرحيق، ويتم استخدامه في بعضٍ من المُكمِّلات الغذائية التي عادةً ما تكونُ غاليةَ الثمن، اعتقادًا بأنَّ لهُ بعض الخصائص الطبية.
5. غذاء الملِكات أو ما يُسمَّى حليب الملكة، يتم استخدامه في تغذية ملكة النحل واليرقات التي هي أقل من ثلاثة أيام، ويتم إفرازه من غُددٍ موجودة في شغَّلات النحل التي تستعد للخروج من الخلية وتكون بعمر 5 إلى 15 يوم، كما أنَّه قد يكون مصدرًا جيدًا للفيتامين B، ومثل حبوب اللقاح يُعتقَد أنَّ غذاء الملكات لديه خصائص علاجية، لذلك يُستخدم في بعض الأدوية، ويُقدَّر الاستهلاك البشري له في الصين بحوالي 100 طن سنويًّا.
6. سُم النحل، ويستخدمه النحل كسلاحٍ دفاعي عن خليتهم من الحشرات والطيور وبعض الزواحف التي قد تهددهم، ويمتلك أيضًا بعض الاستخدامات الطبية كما في عوامل إزالة الحساسية (desensitizer)، فُيمكن استخدامه للأشخاص الذين لديهم حساسية للسعات النحل، ويُستخدم أيضًا في علاج التهابات المفاصل.

ثانيًّا النحل كمُلقِّحٍ طبيعي

تُعدُّ من أهم الخدمات التي يقدمها نحل العسل للإنسان هي تلقيح المحاصيل الزراعية المختلفة، فالنحل أصبح لا غِنى عنه في الاقتصاد الزراعي لدينا، وتتجاوز القيمة الفعلية والبيئية لنحل العسل في تلقيح الحاصلات الزراعية المختلفة ما يمكن أن ينتجه النحل من عسلٍ وموادٍ أخرى بنسبة عشرة إلى عشرين ضعف، فكثيرًا ما يُقال إن نحل العسل مسؤولٌ عن قضمة من كل ثلاث قضمات من الطعام الذي نأكله، فمعظم المحاصيل المزروعة مثل الكوسة والخيار والطماطم والباذنجان، والبذور، والألياف (مثل القطن) تتطلَّب التلقيح بواسطة الحشرات.

ويلعب نحل العسل دورًا حاسمًا في الحفاظِ على المجتمعات النباتية الطبيعية وضمان إنتاج البذور في معظم النباتات المزهرة؛ ولذلك فالمحافظة على نحل العسل والمساعدة في انتشار المناحل، والتي لا تتطلَّب امتلاك أراضٍ زراعية، لا يأتي بالنفع المادي على بعضِ الأشخاص فقط، ولكن يُساعد البيئة بأكملها ويحافظ على التوازن البيئي المنشود.

اعداد وتصميم: Mohamed Gadallh‎‏

مراجعة علمية: Mohamad Gendy

مراجعة لغوية: Mohamed Sayed Elgohary

المصادر :  http://sc.egyres.com/6frkV