لم يعد نفسيًا فقط! التنمر يغير في تركيب المخ

fig-11-03-2019_20-53-09
بكاء طفل

يعتقد البعض أنه بمقدور الناس تحمل النقد، ويعتقد البعض الآخر أن نقد الأشخاص سلبيًا أو التنمر لفظيًا هو حق مكتسب. ولكن مثل هذه الدراسات ستساعدك على التخلص من هذه المعتقدات المدمرة للصحة العامة.

دراسة جديدة تشير إلى خطورة التنمر المستمر في المدارس الثانوية وبأنه لا يضر الطلاب نفسيًا فقط بل وأيضًا يؤثر عليهم عضويًا. حيث اتضح أنه من الممكن أن يسبب ضمورًا غير قابلٍ للإصلاح في المخ.

هذه النتائج قد أتت من دراسة مُطوَّلة تستهدف متابعة تطور أمخاخ المراهقين وصحتهم الذهنية. وقد أُجريَت هذه الدراسة بفحص نتائج مسح المخ وعمل استبيانات عن الصحة الذهنية لمراهقين أوروبيين ما بين (14) و(19) من العمر.

وبعد متابعة (682) شخص من (إنجلترا وأيرلندا وفرنسا وألمانيا)، وجد الباحثون (36) شخصََا قد تعرضوا للتنمر المزمن خلال هذه الأعوام الخمسة.

وعند مقارنة فحوصات هذه المجموعة بأخرى قد تعرضت للتنمر ولكن بشكل أقل حدة، اتضحت بعض التغيرات في حجم المخ لدى الأفراد الذين تعرضوا للتنمر بشكل مزمن وقاسي، إذ وجد الباحثون انكماشاً واضحاً في حجم المخ.

وبشكل أدق، ظهر نمط الانكماش في منطقتين محددتين في المخ وهما:

1- (النَّواةُ الذَّنَبِيَّة-Caudate nucleus) -هي جزء من المخ على هيئة حرف c وترتبط بالنصفين الكروين وهي مسؤولة عن التعلم، خاصةً تخزين ومعالجة المعلومات والذكريات والخبرات المكتسبة سابقًا؛ لاتخاذ القرارت فيما بعد-.

2- (البَطامَة-Putamen) -جزء يساعد في حركة الأطراف-.

وقد وجد الباحثون أن بإمكانهم الآن استخدام هذه الدلائل بشكل جزئي للربط بين التنمر الحاد والمستويات العالية من القلق في سن الـ (19). وقد دُعِّم هذا الارتباط بدراسات أخرى استُخدَم فيها التصوير الوظيفي بالرنين المغنطيسي وكانت نتائجها تحتوي على اختلافات في عمل النواة المذنبة والبطامة على هؤلاء الذين تعرضوا للتنمر ومن ثم القلق.

وقد علَّق المؤلف الرئيسي للدراسة (إيرين بورك – Erin Burke) في كلية الملك بلندن قائلًا:

“بالرغم من أن هذه التغيرات الهيكلية لا تتصل بشكل واضح مع تطور مرض القلق إلا أن أهمية هذه التغيرات الكامنة في منطقتي النواة المذنبة والبطامة تظهر في  التغيرات السلوكية؛ مثل الشعور بالمكافئة والتحفيز والانتباه والمعالجة العاطفية”.

بشكل أبسط، يعتقد المؤلف أن هذا الانكماش من الممكن أن يكون علامة على الاضطراب النفسي أو -على الأقل- هو تفسير كافي لتطور وارتفاع مستويات القلق لدى هذه الفئة.

وعلى عكس دراسات سابقة أشارت لهذا الارتباط (تعرُّض الأطفال والمراهقين للتنمر يرتبط بحدوث الأمراض النفسية)، إلا أن هذه الدراسة تعد الأولى التي تُظهِر أن التعرض للتنمر القاسي لا يسبب الأمراض النفسية فقط بل يغير فعليًا من شكل المخ.

نعم! إن هذه النتائج تستدعي القلق والانتباه، ففي أثناء فترة المراهقة، ينمو مخ الشباب ويتوسع بشكل جذري. وعلى الرغم أنه من الطبيعي تكيف المخ البشري على الأوضاع المختلفة، إلا أن عملية التكيف لدى المتعرضين لهذا التنمر بشكل مزمن قد تخرج فعليًا عن السيطرة.

سنوات المراهقة هي فترة هامة لما لها من دور مؤثر على حياة الفرد مستقبليًا، لذا تساءل مؤلف الدراسة عما سوف تؤول إليه النتائج إن تمت الدراسة؛ لكن بمتابعة الأفراد بدايةً من فترة الطفولة.
الأمر أن دراسة كهذه سوف تحتاج إلى الكثير من الوقت للوصول إلى نتائج واقعية.

لذلك، في الوقت الحالي يؤكد المؤلف على ضرورة بذل الجهد؛ للحد من التنمر قبل أن يتسبب في ضمور مخ المراهق ومن ثم معاناته مع الأمراض النفسية.

 

تم نشر البحث المذكور في مجلة Molecular Psychiatry

وتمت ترجمة المقال من ScienceAlert

ترجمة: أيمن النحراوي
مراجعة علميّة: فيروز سعيد
تدقيق لغوي: مي محسن
تحرير: نسمة محمود

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي