مادتان توجدان فى السجائر الإلكترونية يمكن أن تدمرا الرئة

acs-h.assetsadobe.com_

السجائر الإلكترونية|

يتميّز مركب ثنائي الأسيتيل (diacetyl) برائحة الزبدة، لذلك يُعدّ مشهوراً بأنّه مادة منكّهة في صناعة الأغذية. كشفت الدراساتُ في أوائل الألفيّة الجديدة عن وجود ارتباط بين هذا المركب والتهاب القصبات الهوائيّة أو ما يُسمّى (الرئة الفشاريّة – popcorn lung)، وهو مرضٌ لُوحظ للمرة الأولى بين العاملين في مصانع الفشار، وسببّ لهم سعالاً جافاً مصحوباً بصوتٍ حاد مثل الصفير.

وبناءً على تقرير عام 2012 الصادر عن جمعية مُصنّعي النكهات والمواد المستخلصة في الولايات المتحدة، قامت العديدُ من المنظّمات المسؤولة عن السلامة في أماكن العمل بنشر دليلٍ توضيحيّ للحفاظ على السلامة عند التعرّض لمواد ثنائي الأسيتيل أو أسيتيل بروبينيل، وجعلت العمل به اختياريّاً (أيْ دون إجبار مكان العمل على الالتزام بمحاذير السلامة). كما أوصت بعض المنظمات بأنْ تُوضع على المواد الكيميائية بطاقةُ تحذيرٍ توضّحُ أنّ المركبات الموجودة في أبخرة المواد قد تكون ضارةً عند استنشاقها.

يُعتبر ثنائي الأسيتيل الأكثرَ شيوعاً من بين مئات المواد الكيميائية مُكسبة النكهة الخاصّة بالسجائر الإلكترونية، وقد وَجَدَت دراسةٌ -أُجرِيت عام 2016 على 51 نوعاً من منتجات السجائر الإلكترونية- أنّ أكثر من نصفها يحتوي على 3،2-بنتانديون.

حالياً قام فريقٌ متعدّد التخصّصات من الباحثين في كلية هارفارد تي اتش شان للصحة العامة (Harvard T. H. Chan School of Public Health)، وجامعة بنسلفانيا (the University of Pennsylvania) بتقييم تأثير المادتين مُكسبتَي النكهة على الخلايا الظهارية للقصبات البشرية، واقترحوا آليةً ممكنة لكيفيّة إضعاف وظائف الرئة.

مادتا ثنائي الأستيل و3،2-بنتانديون. وهما مادتان مكسبتان للنّكهة تُضافان للسجائر الإلكترونية، ولكنهما تسبّبان أضراراً بالغة للرئة.

لاحظ باحثو الصحة العامة الذين يدرسون السجائر الإلكترونية أنّ النكهات المُضافة تجذبُ الشبابَ، فمن عام 2011 إلى عام 2015 ازداد استخدام السجائر الإلكترونية بين طلاب المدارس الثانوية في الولايات المتحدة بنسبة 900٪، وهذا ما دفع الجرّاح العام الأمريكيّ إلى إعلان أنّ استخدام السجائر الإلكترونية من قِبَل الشباب والبالغين يشكّل مصدرَ قلقٍ كبير بشأن الصحة العامة؛ نظراً لكون معظم المنتجات تحتوي مادةَ النيكوتين المُسبّبة للإدمان، والتي يمكنُ أنْ تكون ضارةً لتطوّر العقل.

أمّا الدراسة الجديدة فهي مبنيّةٌ على تأثيرات ثنائي أسيتيل و3،2-بنتانديون على الخلايا الظهارية التي تحيط بالممرّات الهوائية للرئتين وتبقيها صافية.

ويقول عالمُ الوراثة المشارك في الدراسة (كوان لو) من جامعة هارفارد:

«إنّ الخلايا الظهارية توجد بثلاثة أشكال: خلايا هدبية، وخلايا كأسية، وخلايا قاعدية. تعمل الخلايا الهدبية الشبيهة بالشعر مع الخلايا الكأسية المنتجة للمخاط لإزالة الغبار والمواد المسبّبة للأمراض من الممرات الهوائية، أمّا الخلايا القاعدية فيمكن أن تتحوّلَ إلى أيّ نوعٍ آخر من الخلايا الظهارية».

قام الباحثون بمعالجة جميع الأنواع الثلاثة من الخلايا الظهارية بمحلول ثنائي الأسيتيل و3،2-بنتانديون أو بمحلول فارغ (blank solution). أدّى التعرّض للمواد الكيميائية السابقة إلى انخفاض عدد الخلايا الهدبية بالمقارنة مع التعرّض للمحلول الفارغ. وباستخدام طريقةٍ تُعرف باسم RNA-seq قام الباحثون بمراقبة مستويات RNAs في الخلايا، وهذا ما سمح لهم بمعرفة الجينات التي تغيّرت تعبيراتها الجينيّة بعد التعرّض للمواد الكيميائية. كانت العديد من الجينات ذات مستويات التعبير الأقلّ (أي الأكثر تأثّراً) بعد التعرّض للمواد الكيميائية هي المسؤولة عن عملية إنتاج الخلايا الهدبية، ويؤدّي وجود خلايا هدبية أقلّ على طول المسار الهوائي إلى قلّة الحماية من الأجسام الغريبة والإصابة بالالتهابات.

ويقول الباحث كون لو:

«إنّ هذا العمل يوضّح الآليّة المُحتملة لكيفيّة تسبّب هذه المواد الكيميائية في حدوث ضررٍ في الرئتين.»

ويخطّط الباحثون في المستقبل لاختبار مجموعةٍ أوسع من المواد الكيماوية المُنكّهة، وإعداد أنظمة مختبريّة لتعريض الخلايا إلى رذاذ النكهات، والتي تحاكي بشكلٍ أفضل كيفيّة تعرّض الخلايا في الرئتين لهذه المركبات.

يقول جونيويتش (Maciej L. Goniewicz) الباحث من المركز الشامل للسرطان في روزويل بارك، والذي يدرس سُميّة مركبات النكهة في السجائر الإلكترونية:

«الدراسات الخلويّة المُتحكّم فيها -مثل هذه الدراسة- هامّة؛ لأنّها تسمح للعلماء بالتحقّق من تأثير المواد الكيميائية كلّ على حدة، والذي يمكن أن يمثّل تحديّاً في الدراسات التى تُجرى على الإنسان، لكن قد يكون من الصعب استقراء هذه النتائج على صحّة الإنسان عند تقييم الأخطار الصحية لنكهات السجائر الإلكترونية عليه.»

ويضيف جونيويتش:

«إنّه من المهمّ أن نضع في الاعتبار أنّ أخطار السجائر الإلكترونية نسبيّة؛ فمثلاً تدخين السجائر يُعرّض الناس لآلافٍ من المواد الكيميائية، لذلك من الممكن أن تؤدّي إلى حدوث أضرار صحية حتى مع القليل من السميّة من النكهات، ولكن قد تظلّ السجائر الإلكترونية أقلّ خطورة من السجائر التقليديّة.»

 

ترجمة: عبدالعزيز محمد
تدقيق لغوي: رؤى زيات
تحرير: نسمة محمود

المصدر:
Two common flavoring chemicals in e-cigarettes can damage lung cells [Internet]. Chemical & Engineering News. [cited 2019 Feb 22]. Available from: https://cen.acs.org/biological-chemistry/genomics/Two-common-flavoring-chemicals-e/97/web/2019/02

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي