ما لا تعرفه عن هوميروس

هيومرس

(هوميروس – (Homer: نشأ في القرن الثامن أو التاسع قبل الميلاد في اقليم لونيا -الواقع فى تركيا حاليًا- ويُفترض أنه هو
(مؤلف الإلياذة – (The Iliad و (الأوديسة – (The Odyssey.

دائمًا ما تُنسب هاتان الملحمتان الكبيرتان لشخصية هوميروس، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك نوعًا من الغموض يحيط به، و باستثناء اسمه المنسوب من قِبَل اليونانين أنفسهم للقصائد، فإنه لم يُعرف عنه سوى أن هناك شاعراً ملحمياً يدعى «هوميروس – Homer»
لعب دورًا رئيسيًا فىي تشكيل الإلياذة والأوديسة، هنا تبرز العديد من الاحتمالات التي من الممكن أن يتم إطلاقها، ولكن إذا تم قبول هذا الافتراض فيمكننا القول إذن بأن هوميروس بالتأكيد يجب أن يكون أحد أعظم الأدباء في العالم.

يُعدّ هوميروس أيضًا أحد أكثر الكتاب تأثيرًا على إطار واسع، وذلك من أجل الملحمتين اللتين هيئتا قاعدة للتعليم والثقافة اليونانية خلال العصر الكلاسيكي، وشكَّلتا العمود الفقري للتعليم الإنساني حتى عهد الإمبراطورية الرومانية و انتشار المسيحية،
بشكل غير مباشر: عن طريق وسيلة (اينييد فيرجيل – Virgil’s Aeneid)، والتي ظهر بها العديد من الأنماط المشابهة لنمط الإلياذة و الأوديسة.
وبشكل مباشر: عن طريق تطورها مع الثقافة البيزنطية أواخر القرن الثامن قبل الميلاد بشكل متصاعد، وبعد ذلك من خلال مرورهما بإيطاليا عن طريق العلماء اليونانين الذين هربوا غربًا من العثمانيين، و قد كان لملاحم هوميروس تأثيرًا عميقًا على ثقافة عصر النهضة في إيطاليا.

و منذ ذلك الحين فقد ساعد انتشار الترجمات لتلك القصائد على جعلها الأهم في وصف التقاليد الأوروبية الكلاسيكية.

ويتبدى واضحًا من خلال تأثير الإلياذة و الأوديسة على الثقافة اليونانية الكلاسيكية، أنهما تٌعدَّان من أشدِّ وأقوى الأفكار بالمعايير الغربية نفسها، كذلك فإن اليونايين قد وضعوا الملحمتين العظيمتين في منزلة أعلى بكثير من مجرد كونهما عمل أدبى؛ فقد حفظوا أجزاءً كبيرة منها عن ظهر قلب، وذلك لأن قيمتهما لا تكمن فقط كونهما مصدرًا للوحدة والبطولات اليونانية وإنما أيضًا باعتبارهما مصدر للتعاليم الأخلاقية والعملية.

ويجب الإشارة هنا إلى أنه توجد إشارات ضمنية عن هوميروس واقتباسات من قصائده تعود إلى منتصف القرن السابع قبل الميلاد، فقد قام كثيرون مثل (أركيلوكس – (Archilochus [1] ، و (ألكمان – Alcman [2] )، و (تيرتيوس – Tyrtaeus [3] )، و (كالينيوس – [4] (Callinus ، و(سافو – [5] (Sappho في القرن السادس والسابع قبل الميلاد بتعديل عبارات لهوميروس و تنسيقها لتناسب قصائدهم و إيقاعتهم الخاصة.

وفي نفس الوقت فمشاهد تلك الملاحم أصبحت مألوفة للغاية فى الأعمال الفنية، فعلى سبيل المثال (ترنيمة إلى أبوللو ديليوس – Hymn to Apollo of Delos) والتي تبدو شبيهة بأعمال هوميروس -من المحتمل أنها كتبت في القرن السابع قبل الميلاد– والتي تظهر وكأنها قد كتبها رجل أعمى يعيش في (وعرة خليوس – Rugged Chios) في إشارة إلى سلوك اعتيادى لهوميروس نفسه، الأمر الذي يشير إلى فكرة وجود تابعين لهوميروس معروفين باسم (هوميروسيين – Homeridae)، أولئك الأحفاد قد استولوا على المحفوظات والمنشورات التي تحتوي على شعره، تلك المحفوظات تعود إلى أوائل القرن السادس قبل الميلاد.

في الواقع لم يمض وقت طويل قبل أن يبدأ نوعًا جديدًا من دراسة الأدب يمكن أن نطلق عليه (الدراسة الهوميوروسية – (Homeric scholarship: وقد كُتبت في جنوب إيطاليا في أواخر القرن نفسه، وتحوي –مجازيًا- العديد من التأويلات.

وبحلول القرن الخامس قبل الميلاد، أصبحت كتابات السير الذاتية على قدم وساق، الأمر الذي جعل الفيلسوف ما قبل السقراطي
( هيركليتيوس إفسس – (Heracleitus of Ephesus، يستخدم أسطورة تافهة حول موت هوميروس والذي ذكر أن السبب هو استياء الناس من حل بعض مشاكل الأولاد في اصطياد القُمَّل!!! وحدوث مناظرات بين هوميروس و هيسود – Hesiod(أحد أقدم الشعراء اليونانين)، والتي يبدو أنها قد حدثت بسبب تقليد سفسطائى شائع في ذلك الوقت.

وقد أعاد المؤرخ (هيرودوت – Herodotus (صياغة اللاهوت اليونانى، وأدعى أنهما قد عاشا قبل ما لا يزيد عن 400 عامًا من عصره أى قبل القرن الخامس الميلادي، الأمر الذي لا يمكن قبوله بسبب أنه يناقض العرف الشعبي القائم وقتها في العديد من الدوائر، حيث أنه يفترض أن هوميروس قد عاش بعد (حرب طروادة – (The Trojan War، والتي كانت أشعاره تدور حولها.

والاعتقاد السائد هنا أن هوميروس كان من مواليد لونيا – Lonia (الجزء الأوسط من الساحل الغربي من آسيا الصغرى)، ويبدو هذا التخمين معقولًا من خلال النظر إلى قصائده التي يغلب عليها لهجة تلك المدينة.

وعلى الرغم من عدم وجود ذاكرة محلية موثوق بها، أو حتى نوعًا من نقل الأشعار الشفوى في تلك الفترة، فإن غياب تلك الحقائق قد أربك الإغريق ولكنه لم يوقفهم، فقد تم تطوير القصص التى كانت قد بدأت قبل القرن الخامس قبل الميلاد في الحقبة السكندرية في القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد، حيث كانت المعلومات الخاطئة تنتشر بنفس قوة المعلومات الصحيحة في السير الذاتية التي كانت تنشر في ذلك الوقت، وبالرغم من أن تلك السير الذاتية كانت تُنقح لاحقًا بواسطة علماء الإمبراطورية الرومانية وبافتراض أن السير التي كانت تنقح كانت قد كُتبت بواسطة هيرودوت نفسه، إلا إنها تخلو تمامًا من الحقيقة الموضوعية.

و عليه فإنه يمكننا القول أن الغموض سيظل محيطًا بهوميروس، إلى أن يتضح شيئًا آخر.

[1] : أركيلوكس، ولد عام 650 قبل الميلاد فى باروس – Paros [سيكلاديز – Cyclades، اليونان – Greece] شاعر و جندي، أول من كتب شعرًا موزونًا من اليونانين، وكتب كذلك مرثياتٍ و شعرًا شخصيا غنائيًا، وقد حفظت أعماله منالاندثار بشكل كبير، و ُبين تلك الأعمال أنه كان لديه موهبة عظيمة في كتابة الشعر.

[2] : ألكمان أو دوريك ألكمايون، ولد في القرن السابع قبل الميلاد فى (اسبرطة – (Sparta، اليونان، شاعر يوناني كتب شعرًا من نوع الكورال بالعامية اللوكانية – Laconian vernacular، وقد انتشرت أشعاره في منطقة اسبرطة بشكل واسع.

[3] : تيرتيوس، نشأ في منتصف القرن الثامن قبل الميلاد في اسبرطة، اليونان، شاعر رثائي يوناني، كان يؤلف قصائد حماسية لمساعدة اسبرطة على الفوز في حروبها.

[4] : كالينيوس، نشأ في القرن السابع قبل الميلاد في (أفسس- (Ephesus، لونيا- Ionia، وآسيا الصغرى (تركيا حاليًا)، شاعر رثائي يوناني تعكس البقايا القليلة التي لم تندثر من شعره الفترة المضطربة من تاريخ آسيا الصغرى حيث تعرضت للغزو من قبل (السومريين – (Cimmerians، أطول قصائده كانت موجهة إلى الشباب للتخلص من كسلهم والبدء في سباق العمل، والتغلب على جبنهم من أجل بدء القتال، وأن يكون جاهزًا للموت من أجل وطنه، وبالرغم من أن أسلوبه يشبه أسلوب هوميروس إلى حد كبير، إلا أن عبارته مبتكرة ومتجددة.

[5] : سافو، أو كما وردت باللهجة الألوية – Aeolic التى يتحدث بها الشاعر (باسابفو – (Psappho، وُلد عام 610 قبل الميلاد في (يسبوس – Lesbos) (تقع الآن في اليونان) وتوفى عام 570 قبل الميلاد، شاعر غنائي يوناني لقى إعجابًا من الجمهور في جميع الأعمار لجمال أسلوب كتابته، يحتل مرتبة متقدمة إلى جانب أركيلوكس بسبب حيوية عباراته وقوتها وقدرتها على إقناع القراء، تحتوي أشعاره على عبارات باللهجة الألوية التقليدية، مع آثار من ملاحم هوميروس، ألفاظها موجزة ومباشرة وخلَّابة، لم تفقد جزءً مؤثرًا من قوتها حين تم تجميعها وترجمتها مرة أخرى.

ترجمة: Mohannad M. Abd ElFattah

مراجعة: Sherif M.Qamar

تصميم: Sherif M.Qamar برضو

المصادر: http://sc.egyres.com/SWUYl

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي