يُعدّ اضطراب القلق الاجتماعيّ أو ما يسمى (بالخوف الاجتماعيّ) الاضطراب الأكثر شيوعًا ضمن الاضطرابات النفسيّة الأخرى. يظهر هذا الاضطراب مصاحبًا لاضطرابات أخرى مثل: الاكتئاب، والإدمان، والاضطرابات العامة، واضطرابات ما بعد الصدمة. وقد يؤثر هذا الاضطراب بشدة على الحياة اليوميّة من خلال إعاقة تكوين العلاقات، والحد من جودة الحياة، والتأثير سلباً على الأداء في العمل أو المدرسة. على الرغم من تلك النتائج التي يسببها الاضطراب وتوافر العلاج إلا إنه حوالي 50 % من المرضى يطلبون العلاج بعد حوالي 10 – 15 سنة من إدراكهم الإصابة به. وعلى الرغم من أن 40 % من الأشخاص الذين يصابون بتلك الحالة في مرحلة الطفولة أو في مرحلة المراهقة يتمكنون من التعافي قبل البلوغ؛ إلا أن تلك الحالة قد تستمر مع بعض الأشخاص حتى بعد البلوغ. في هذا المقال سوف نتعرف أكثر على هذا الاضطراب. [2،3،1]
ما هو اضطراب القلق الاجتماعيّ؟
اضطراب القلق الاجتماعي هو خوف مزمن من المواقف الاجتماعيّة (التفاعلات اليوميّة الروتينيّة) سواء كان موقف معيّن مثل المقابلات الشخصيّة أو المواقف الاجتماعيّة باختلاف أنواعها. في تلك المواقف الاجتماعيّة يُعاني الشخص من قلق عالي، خوف كبير، خوف من الإحراج الذي يمكن أن يتعرض له أو خوف من التمحيص أوالحكم من قبل الآخرين. ويختلف ذلك الخوف من شخص لشخص تبعًا للاعتقادات الشخصيّة ولكنه في كثير من الأوقات لا يتناسب مع الخوف الحقيقي الذي قد يتعرض له الشخص في ذلك الموقف.
المواقف التي قد يخاف منها الشخص المصاب باضطراب القلق الاجتماعي هي المواقف التي تتطلب التفاعل مع الآخرين والملاحظة وأداء الأنشطة مثل: مقابلة أشخاص من بينهم أشخاص غرباء، والتحدث في اجتماعات أو مجموعات، وبدء المحادثات، والتحدث إلى شخص ذي سلطة، والعمل، وتناول الطعام والشراب أمام الناس، والذهاب إلى المدرسة، والتسوق. قد ينتاب معظم الأشخاص التوتر في مثل تلك المواقف، ولكن المصاب بالاضطراب سوف ينتابه القلق بزيادة لدرجة أن يدفعه ذلك القلق إلى تحضير ما يقوله قبل الموقف الذي يشارك فيه بعدة أسابيع. ويخاف المصاب باضطراب القلق الاجتماعي من أن يصدر منه فعل أو قول ما يؤدي إلى إحراجه وإهانته مثل أن يرتجف، أو يتعرق، أو يبدو قلقًا أو مملًا أو غير مؤهلًا؛ مما قد يدفعه إلى الهروب من الموقف أو الشعور بضغطٍ شديد. [5]
أعراض اضطراب القلق الاجتماعيّ
قد يُعاني الأشخاص المصابون باضطراب القلق الاجتماعي من الأعراض الآتية:
- الخجل.
- التردد.
- الهدوء في التجمّعات.
- الشعور بعدم الراحة لكونهم مركز الاهتمام.
- التلهف إلى مشاركة الآخرين ولكن مع الخوف من كونهم غير محبوبين، أو مملين.
- تجنّب الحديث في مكان عام.
- تجنّب التعبير عن آرائهم.
- قلّة الثقة بالنفس.
- الخوف من التعامل مع الأشخاص ذوي السلطة. [6]
أسباب اضطراب القلق الاجتماعيّ
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة باضطراب القلق الاجتماعي، منها:
- العوامل الوراثيّة، لقد وجدت الدراسات أن نسبة الإصابة بالاضطراب تزيد في الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مرضي بذلك الاضطراب. وهناك دراسة توضح أنه إذا كان هناك توأم يتشاركان نفس الجينات الوراثية وليس 50 % فقط وعانى أحدهم من اضطراب القلق الاجتماعي فإنه من الراجح أن يعاني الثاني أيضًا. وعلى الرغم من ذلك فإن العوامل الوراثيّة تُساهِم في الإصابة بالاضطراب بنسبة تتراوح بين 25 – 50 % فقط؛ وذلك لأن العوامل البيئيّة تلعب دورًا مهما في بعض الحالات.
- الأحداث الاجتماعية العصيبة في بداية الحياة، مثل: التعرّض للتنمر، وسوء المعاملة الأسرية، والتعرض للإحراج في مكان عام، فكثيرًا ما تم ملاحظة تلك الأحدات في حياة الأفراد الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي. وقد وجدت بعض الأبحاث أن في بعض الحالات المصابة تواجد نماذج آباء يهربون من التعرض للمواقف التي تستدعي المواجهة، كما وجد أيضًا آباء يبالغون في حماية أطفالهم .
- الخلل في التوازن بين الناقلات العصبيّة، مثل: الأدرينالين والسيرتونين. [7،8،9]
طرق علاج اضطراب القلق الاجتماعيّ
يوجد نوعان من العلاج:
- العلاج الدوائي.
- العلاج النفسي.
يشتمل العلاج النفسي على العديد من الأساليب، منها:
- التعرّض للمخاوف، عن طريق طلب المعالج من الأفراد الذين يعانون من الاضطراب أن يضعوا قائمة بالمواقف الذين يخافون منها وترتيبها من الأقل خوفًا إلى الأكثر، ثم تُصنع مواقف مماثلة لها، حتى يُعرّض المرضى لها ليعتادوها ويقل القلق تدريجيًا.
- تطبيق الاسترخاء، من خلال تنفيذ بعض الخطوات التي تساعد المريض على الاسترخاء حتى يتمكن من ممارسة المهام اليوميّة دون الشعور بالقلق.
- التدرّب على المهارات الاجتماعيّة، عن طريق تنفيذ جلسات علاجيّة يُمثّل فيها المواقف الاجتماعيّة وتدريب المرضى على التعامل مع الآخرين سواء باستخدام الأفعال مثل: زيادة التواصل البصري، ووضعيّة الوقوف الودودة، أو باستخدام الأقوال مثل: كيفية بدء محادثة والاستمرار بها.
- العلاج النفسي بالديناميكا النفسيّة، في هذا العلاج يطلب المُعالج من المريض أن يكتب ثلاثة أشياء هم (أمنيته، توقعه لرد فعل الآخرين، ورد فعله) بخصوص موقف اجتماعي ما. ثم يصحح المُعالج تلك المفاهيم للمريض وتشجيعه على التعامل مع الآخرين دون خوف أو قلق. [5،10]
المصادر
- Wittchen HU, Fehm L. Epidemiology and natural course of social fears and social phobia. Acta Psychiatr Scand Suppl 2003;417:4-18.
- Grant BF, Hasin DS, Blanco C, Stinson FS, Chou SP, Goldstein RB, et al. The epidemiology of social anxiety disorder in the United States: results from the National Epidemiologic Survey on Alcohol and Related Conditions. J Clin Psychiatry 2005;11:1351-61.
- Beesdo-Baum K, Knappe S, Fehm L, Höfler M, Lieb R, Hofmann SG, et al. The natural course of social anxiety disorder among adolescents and young adults. Acta Psychiatr Scand 2012;126:411-25
- Pilling S, Mayo-Wilson E, Mavranezouli I, Kew K, Taylor C, Clark DM, et al. Recognition, assessment and treatment of social anxiety disorder: summary of NICE guidance. BMJ [Internet]. 2013 May 23 [cited 2019 Dec 22];346(may22 16):f2541–f2541. Available from: http://www.bmj.com/cgi/doi/10.1136/bmj.f2541
- SOCIAL ANXIETY DISORDER – Social Anxiety Disorder – NCBI Bookshelf [Internet]. [cited 2019 Dec 22]. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK327674/#ch2.s1
- Stein MB, Gorman JM. Unmasking social anxiety disorder. Journal of Psychiatry. 2001;26(3):5.
- Kendler KS, Neale MC, Kessler RC, Heath AC, Eaves LJ. The genetic epidemiology of phobias in women. The interrelationship of agoraphobia, social phobia, situational phobia, and simple phobia. Archives of General Psychiatry. 1992;49:273–81.
- Erwin BA, Heimberg RG, Marx BP, Franklin ME. Traumatic and socially stressful life events among persons with social anxiety disorder. Journal of Anxiety Disorders. 2006;20:896–914.
- Lieb R, Wittchen HU, Hofler M, Fuetsch M, Stein MB, Merikangas KR. Parental psy.
- Leichsenring F, Hoyer J, Beutel M, Herpertz S, Hiller W, Irle E, et al. The social phobia psychotherapy research network – the first multicenter randomized controlled trial of psychotherapy for social phobia: rationale, methods and patient characteristics. Psychotherapy and Psychosomatics. 2009;78:35–41.