ما هو الصُندوق الأسود؟!

ما-هو-الصُندوق-الأسود؟

|

الصُندوق الأسود، كثيرًا ما يّتبادر إلى أذهاننا هذا الاسم بعد سماع حوادث تَحطُم الطائرات، لكن هَل تعرف حقًا هذه القطعة الحيوية من المُعدات؟

أىُ طائرةٍ تُجاريةٍ كانت أو خاصة بنقل الركاب أو خاصة برجال الأعمال تكون مُزودة بجهاز تسجيل صوتي في قمرة القيادة مع وجود مُسجل بيانات الرحلة. كِلتا القطعتين من المُعدات يُعرفان بالصندوق الأسود.

أهمية القطعتين ترجع إلى ما بعد التَحطم، حيث أنهما لا يُقدمان أىَ مساعدةٍ للطائرة فى الجو ولكنهما يُقدمان المساعدة لمُحققي تَحطم الطائرات في معرفة ما قبل التحطُم مباشرًة.

على سبيلِ المثال، كما حدث فى تفجير طائرة الخطوط الجوية الهندية رقم 182 عام 1985 غرب أيرلندا فوق المحيط الأطلسى مِن قبل الارهابيين السيّخ، لمْ يّمتلك المُحققون أدلًة كافية نتيجة غرق مُعظم حُطام الطائرة كما أن قائد الطائرة لم يستطع ارسال إشارة استغاثة.

اليوم .. يُعد الصُندوق الأسود عاملًا مُهمًا في حل قضايا تَحطُم الطائرات، كَدوره فى حادثة تحطم الطائرة المكسيكية والتى راح ضحيتُها أربعة عشر شخصًا من بينهم وزير داخلية المكسيك فى الرابع من نوفمبر لعام 2004.

ولكى يتم تحديد موقع الصُندوق الأسود عقب حوادث تَحطم الطائرات وخاصًة في البِحار، يُزود كُل مسجلٍ بجِهازُ يسمى ULB وهو اختصار ل Under water Locator Beacon حيث يتم تنشيطه بمجرد ملامسته لسطح الماء ،ويُمكن لهذا الجهاز أن يُصدر اشارات على عُمق 14 ألف قدم مِما يُسهل عملية الوصول إليه.

فى حقيقة الأمر، الصًندوق الأسود ليس أسودًا على الاطلاق .. لكنه برتقالى اللون.

تخضع أجهزة التسجيل لاختباراتٍ لا تُعد ولا تُحصى، على سبيل المثال الصندوق الأسود من الطراز L-3 FA2100 قد خضع لعدة اختبارات كالتعرُض لدرجة حرارة النار عند 1100 درجة سليزيوس لمدة ساعة كاملة، ولحرارة 260 درجة سليزيوس لمدة 10 ساعات. كما أن هذه الأجهزة لديها القٌدرة على تسجيّل ما يُقارب من الـ 25 ساعة من بيانات أى رحلة.

مَن هو مُخترع الصُندوق الأسود؟!

لقد تم اختراع الصندوق الأسود مِن قبل العالم الاسترالى دايفيد وارين ،فى الوقت الذى كان يعمل بأحد مُختبرات أبحاث الطيران فى مدينة مالبورن ،فى منتصف الخمسينيات، حيث كان يُشارك في تحقيقات حادث تَحطم أول طائرة نفاثة تعمل بالطاقة، حيث أدرك أنه لمن المُفيد وجود جهاز يقوم بتسجيل ما حدث قبل التَحطم مباشرًة مما قد يُساعد المُحققين فى معرفة السبب، لذا فقد شرع فى العمل على أول جهاز يقوم بتسجيل بيانات الرحلة.

وفى عام 1957 تَمكن من انتاج أول جهاز، لكن لم يتم العمل به حتى عام 1960- حينما وقع حادث تحطم الطائرة الغيّر مُبرر فى ولاية كوينزلاند ،ومن حينها أصبحت دولة استراليا هى أول دولة تَجعل الصندوق الأسود إلزاميًا فى كُل الطائرات التُجارية.

مُسجل قمرة القيادة ..

الغرض الأساسى من مُسجل قمرة القيادة، هو تسجيل صوتي لما يدور بين طاقم الطائرة ورصد أى أصوات داخل قمرة القيادة.

يّهتم المُحققون أكثر بالتقاط أصوات كضجيج المُحرك، وتحذيرات التوقف، وأصوات الطوارىء، ويمتلك المُحققون من المهارة مَا يُمكنهُم مِن معرفة سرعة الطائرة وعدد دورات المُحرك فى الدقيقة الواحدة، كما يُمكن أيضًا مَعرفة سبب تَحطُم الطائرة مِن خلال الأصوات الصادرة قبل التَحطُم مباشرًة.

كما أن لمُسجل قمرة القيادة أهميةً كبيرة فى تحديد توقيت الأحداث، حيث يحتوى على معلومات كالاتصال بين طاقم الطائرة وأبراج المراقبة (الأرض) وأيضًا مع غيرها من الطائرات الأخرى. ويوجد هذا المُسجل عادةً فى ذيل الطائرة.

مُسجل بيانات الرحلة ..

على نحوٍ مكافىء، فلا يقل مُسجل بيانات الرحلة أهميًة عن مُسجل قمرة القيادة. وترجع أهمية هذه القطعة إلى تسجيلها للعديد من وظائف الطائرة المُختلفة فى وقتٍ واحد كارتفاع الطائرة، وسرعتها، والاتجاه الذى تقصده الطائرة.

كُل ما سّبق ذِكره ما هُو إلا الوظائف الأساسية فقط لمُسجل البيانات، ولكن فى الواقع .. مٌسجلات بيانات الرحلة حديثًا قادرة على مراقبة اجراءاتٍ أخرى، لا تُعد ولا تُحصى كقياس الوقود وحركة جناحي الطائرة.

كُل تلك المعلومات المُسجلة لا تُقدر بثمنٍ للمحققين فى بحثهم عن أسباب تَحطُم الطائرةِ تحديدًا، كما يُمكن للمحققين اعادة بناء فيديو تصوري للرحلة يُمكنهم مِن معرفة أوضاع الطائرة قبل التَحطُم.

سوف يستمر دور مُسجل بيانات الرحلة بجانب مُسجل قمرة القيادة فى معرفة أسباب تَحطُم الطائرات، فضلًا عن تقديم الشركات المُصنعة للطائرات والحكُومات لأفكارٍ جديدة تُساعد فى جعل السفر الجوي أكثر أمانًا

مُستقبل الصُندوق الأسود ..

مِن المُرجَح استمرار تَطوُر الصُندوق الأسود (مُسجلات بيانات الرحلة) خاصًة مع استمرار تَطوُر التكنولوجيا مَانحًا مُحققي تَحطُم الطائرات مَعلومات أكثر حول أسباب تَحطم الطائرات التى يّتم تَحديدها بشِق الأنفس.

ومِن المُحتَمل أيضًا أن يُصبِح مُشغل الموسيقى المتواضع MP3 ،الذى يُستَخدم مِن قِبل الكثيرين حَول العالم ، أحد أجزاء برامج تسجيل الرحلات.

حيث أعلنت شركة « Lopresti » الامريكية لتجارة الطائرات عام 2007 عَن عَزمها وضع مُشغلات الموسيقى فى جميع طائراتها من النوع Fury piston aircraft . وتّعتقد هذه الشركة أنه إذا تم استخدام البرمجيّات المناسبة، فإن مُشغلات الموسيقى سوف تُصبح قادرة على تسجيل أكثر من 500 ساعة من بيانات أى رحلة.

ترجمة: Aly Salah

مُراجعة: Ahmed hosiny

تصميم: Ahmed Mohamed

رابط المصدر: http://sc.egyres.com/LXqxO

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي