ما هي الديجا-ڤو؟

ما_هي_الديجافو.jpg

ما هي الديجا-فو؟

ما هي الديجا-ڤو؟

بعد تَخرُّجِي من الكلية، قررتُ السفرَ عبر أوروبا مع عددٍ من الأصدقاء. كانت تِلكَ هي المرةُ الأولى التي أذهبُ فيها إلى أوروبا. في اليوم الأول ذهبنا إلى أثينا، وحين نزلنا من الحافلة، فوجئت بوقوفي أمام مطعمٍ ومحل، مكانان كنتُ متأكدًا من تواجدي بهما من قبل. كنت أعرف أنَّني لم أكن هناك أبدًا بالطبع، ولكنها كانت تجربةً قوية من «الديجا-ڤو».

يا للغرابة!

علماءُ النفس الذين يدرسون الذاكرة يقولون بأنَّ لدينا ذكرياتٍ للأحداث التي حدثت لنا، ولنا أيضًا ذاكرة لمحلِّ وقوعِ تلكَ الأحداث. تلك الذاكرة الأخيرة تُدعى بالذاكرة المصدرية (Source memory).

هناك طريقتان يُمكن بهما أن تُميِّزَ إذا مررت بموقفٍ مألوف:

الأولى هي استرجاع ذلك الموقف من الذاكرة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تزور البلدة التي ترعرعت فيها، وحين تذهب لمدرسةٍ قديمة كنت ترتادها، قد تذكُر أيضًا حصةً قد أخذتها، وتعرف أنك كنت هناك من قبل.

ولكن، من الممكن أيضًا أن يراودك إحساس أنَّك كنت في مكان من قبل، ذلك الإحساس بالمعرفة مُرتبطٌ بمعرفتك لمصدر الذكرى. لذلك، فحين زيارتك للبلدة التي ترعرعت فيها، قد تمر بالمكتبة وتشعر بأنها مألوفة، دون أن تكون ذهبت إليها من قبل.

تجربة الديجا-ڤو تتضمن أيضًا ذلك الإحساس بالمعرفة في موقف تُجرِّب فيهِ شيئًا جديدًا بالكلية.

في ورقة بحثيةٍ لآن كليري، وأنتوني رايلز، وجيْسون نومي (Anne Cleary, Anthony Ryals, and Jason Nomi)، في عدد ديسمبر 2009 من نشرة القوانين العقلية والنفسية (Psychonomic Bulletin and Review)، اُقتِرَحَ وجودُ عاملٍ يُؤدِّي لتلك التجربة. ففي تجربتهم، قاموا بجعل عددٍ من الأشخاص يدرسون عددًا من رسومات المَشاهد. ولاحقًا، عُرِضَ عليهم عددٌ آخر من المشاهد الجديدة وسُئلوا ما إذا قد رأوها من قبل. بعض تلك المشاهد كانت تشترك في بعض العناصر مع الرسومات التي درسوها مؤخرًا، ولكن كل المجسمات كانت مختلفة. فعلى سبيل المثال، أثناء المرحلة الأولى من التجربة، قد يكونُ الأشخاص قد رأوا زُقاقًا يربط بين سياجٍ ومبنى. لاحقًا، ربما قد يكونون رأوا زُقاقًا آخرًا يربط بين محطة قطار وقطار. في تلك الحالة، يشعر هؤلاء الأشخاص غالبًا بأن المشهد الجديد قد يكون مألوفًا، وأحيانًا يَرِد عند المشاركين إحساسٌ قوي بأنهم رأوا ذلك المشهد من قبل.

فماذا يحدث هنا؟

لدينا ذاكرةٌ جيدة عن المجسمات. فإذا رأيت مُجسمًا مألوفًا في وضعٍ غير مألوف، ففي الأغلب ستعرف أنك رأيت ذلك المجسم من قبل. فعلى سبيل المثال، لو كان صديقٌ لك يملك طقمًا من الأطباق كالتي يملكها أهلك في منزلهم، قد تلاحظ كم هو غريب أنَّ صديقك وأهلك يمتلكون نفس الذوق في الأطباق.

لسنا جيدين للغاية في استرجاع ذكرى بمجرد تشكيل صورةٍ متكاملة للمجسمات. فإن كنت في موقعٍ به بعض المجسمات غير المألوفة، ولكنها مُنظَّمة بشكلٍ مُشابهٍ لموقفٍ مَرَرَت به من قبل، فسيتبادر لك إحساسٌ بالمعرفة، ولكنك لن تستطيع استرجاع أي ذِكرى بعينها عن المكان. ذلك الإحساس بالألفة مفيدٌ للغاية بالطبع. فحين تدخل مطعمًا جديدًا، ولكنه يبدو كالعديد من المطاعم التي دخلتها من قبل، فسيكون من الجيد الإحساس بأنك في مكان مألوف، فمعرفتك للمطاعم ستساعدك على استكشاف خطوتك القادمة.

إذا كانت عملية تشكيل صورةٍ متكاملة شبه مماثلة للتي اختبرتها من قبل، فمن الممكن أن تختبر إحساسًا قويًا بالمعرفة. لذلك فمن الممكن أن تشعر بأثر الديجا-ڤو. إلَّا أنَّ تجربة الديجا-ڤو في النهاية تُعدُّ ردَّ فعلٍ شديدٍ للنظام الذي تستعمله ذاكرتك لتبليغك بأنك في موقفٍ مألوف.

ترجمة وتصميم: هشام كامل
تدقيق لغوي: Mohamed Sayed Elgohary

تحرير: يُمنى أكرم

المصدر:

http://sc.egyres.com/VCD1y

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي