كيمياء الحرب «الأضرار والمواجهة»

الحرب_الكميائية_اخيرا

كيمياء الحرب

كيمياء الحرب «الأضرار والمواجهة»

ابتداءًا بالتتار ومرورًا بالألمان وانتهاءًا بالأزمة السورية؛ حاول الإنسان دائمًا ابتكار وسائل دفاعية، وأدوات حماية من المخاطر التي كانت دائمًا وستظل تواجهه، سواءً كانت تلك المخاطر مصدرها طبيعي أو من نفس جنسه. وبأنانية خالصة وبمنتهى اللامبالاة، لم يلقِ الإنسان بالًا إذا ما كانت تلك الأدوات ستصيب الطبيعة التي تدعمه بالغذاء أو مدى وحشية هذه الأدوات في الفتك بأعدائه، فكانت الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية هي دائمًا الوسيلة الأخيرة والأكثر فاعلية في الظفر بأي معركة وتحقيق الانتصار، فما هي تلك الأسلحة؟.

بإمكانك تعريف الأسلحة الكيميائية بأنَّها: أي أسلحة تحوي موادًا كيميائية سامة بهدف جرح أو قتل أو شلّ حركة أفراد العدو، سواءً كانت تلك المواد صلبة أو غازية أو سائلة. هذه المواد الكيميائية تُمتص عن طريق الجلد أو الاستنشاق أو حتى عن طريق الأكل والشرب، وقد تكون تلك الأسلحة على هيئة قذائف مدفعية أو ألغام أرضية أو رؤوس حربية أو قذائف هاون… إلخ، هل تحمست لمعرفة المزيد؟.

1- مثل ماذا؟

من منا لم يسمع في نشرات الأخبار عن وجود أسلحة كيميائية في الحرب السورية؟، ألم يتناقل إليك عزيزي القارئ أنَّ صدام حسين قد استخدم الأسلحة الكيميائية في حربه مع إيران؟، وغيرها من الأحداث التي استخدمت فيها المواد الكيميائية كسلاح، ولكن هل تعرف أيًا من تلك المواد؟.

أ- كلوريد السيانوجين (الأكثر فتكًا):

كلوريد السيانوجين (Cyanogen chloride)، هي مادة عديمة اللون، شديدة التطاير (تتبخر عند درجات الحرارة الأعلى من (12.8°) درجة سلزيوس)، يمكن نشرها عن طريق الهواء بالأماكن المغلقة والمفتوحة بصورتها الغازية أو السائلة (الرذاذ)، كما أنَّها شديدة السُميِّة؛ تُستخدم في تلويث الماء والأغذية وحتى المحاصيل الزراعية (بشرط أن تنتشر بصورتها السائلة في حالة المحاصيل الزراعية)، ويتأثر بها الجسم عن طريق الاستنشاق أو البلع أو الاتصال المباشر بالجلد أو العين.

وتتمثل خطورة تلك المادة في كونها تؤثر بشكل فعال على قدرة الجسم في استخدام الأكسجين، حيث تُثبط من أداء بعض أعضاء الأجهزة الحساسة بالجسم، مثل الجهاز العصبي (الدماغ)، والجهاز الدوري (القلب والأوعية الدموية)، والجهاز التنفسي (الرئتين)، وتظهر أعراض الإصابة الهوائية على هيئة التهاب في الحلق وغثيان وتقيؤ ونعاس وفقدان للوعي، أمَّا أعراض الإصابة عن طريق الاتصال المباشر بالجلد أو العين (في الحالة السائلة للمادة) فتتمثل في تقرح ثلجي للجلد والعين (Frostbite)، واحمرار في موضع الاتصال، وألم شديد.(3)

ب- غاز الكلور (السحابة الخضراء):

يعتبر غاز الكلور (chlorine gas) من أهم الأسلحة الكيميائية المستخدمة في الحرب العالمية الأولى، حيث استُخدم للمرة الأولى في الثاني والعشرين من أبريل (نيسان) عام 1915م، وكان ذلك عندما أطلق الألمان ذلك الغاز على الفرنسيين في مدينة أبرس في فرنسا، حيث استُخدم في إطلاقه قنابل شَكَلت سحابة خضراء كبيرة في موقع الفرنسيين، وكان استخدام غاز الكلور هو الأمثل؛ ففي أثناء محاولة جنود العدو الهروب من موقع انتشار الغاز، سوف يستنشقون المزيد منه أثناء لهثهم، مما يسبب توغل أعمق للغاز في رئتهم، وبالتالي ضرر أكبر للجنود.
وتتمثل خطورة غاز الكلور في كونِه مهيِّج قوي للعينين والأنف والحنجرة والرئتين، حيث يتفاعل الغاز مع أي عضو يحتوي على كمية من الماء؛ متحولًا إلى حمض الهيدروكلوريك (Hydrochloric acid)، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أنَّ هذا الحمض هو المسئول عن هضم البروتينات داخل معدتك!

2- غاز السارين:

في الواحد والعشرين من شهر أغسطس (آب) عام 2013م، وتحديدًا في الساعة الثانية صباحًا؛ استيقظ أهالي الغوطة الشرقية (المدينة السورية التي لم تَسلَم من الصراع) على صوت انفجار هائل، تبعه أصوات من مكبرات الصوت الموجودة على مآذن الجوامع تدعوا الجميع للهروب من منازلهم، حالة من الهلع والرعب في الشوارع التي لا تُظهر إلا الظلام، ورائحة الخل والبيض الفاسد تنتشر في الأرجاء، المسعفون يخرجون جثث من البيوت على أفواهها وأنوفها رغوة غريبة، مئات من تلك الجثث ملقاه على أسرتها وكأنَّها لم تستطع إدراك ما حدث، الناجون يهربون وقد احمرَّت عيونهم وضاقت أنفاسهم، في الساعة التالية سقطت قذيفة أخرى لم تحدث دمارًا في الأبنية كالدمار الذي تُحدثه الصواريخ الأخرى، ولكن الرائحة تزداد، وتتهوى المزيد من الجثث بتلك الرغوة المقززة، إنَّه غاز السارين (Sarin gas) يا سادة.

بعد تلك الحادثة، شَكَلت الأمم المتحدة لجنة للتحقيق في الوقائع، حيث كلفت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) بتشكيل فريق التحقيق، ورفع نتائجة إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون (Ban Ki-moon)، وقد أكد الفريق في تقريره استخدام الأسلحة الكيميائية في الصراع في سوريا، ولكن التقرير لم يُشر إلى المسئول عن الحادثة، ولا يوجد دليل موثَّق على ذلك، والفاعل مجهول!.

3- هناك دائمًا أمل:

من الصعب جدًا السيطرة على إنتاج الأسلحة الكيميائية أو الحد من انتشارها، وذلك نظرًا لسهولة تصنيعها ونقلها، كما أنَّها غير مكلِّفة، وأدوات تصنيعها متوفرة، ومع كون الإنسانية هي من قامت بابتكار ذلك الوحش المخيف، إلَّا إنَّها تسعى جاهدةً أيضًا للتضييق عليه… فكيف ذلك؟.

أ- بروتوكول جنيف 1925م

بعد الضرر الذي خلفته الحرب العالمية الثانية جراء استخدام الأسلحة الكيميائية والغضب العارم في الرأي العام الدولي ضدد هذا النوع من الأسلحة؛ تم التوقيع على بروتوكول جنيف عام 1925م، والذي يحظر استخدام الأسلحة الكيميائية في الحرب، وبالرغم من أنَّها خطوة جيدة على طريق إنهاء ذلك الرعب، إلَّا أنَّ بعض بنود البروتوكول كان يشوبها القصور، وكان من ضمنها:
1- أحقيَّة الدول الموقعة على البروتوكول استخدام تلك الأسلحة ضدد الدول الغير موقعة.
2- أحقية الرد بالأسلحة الكيميائية في حالة الاعتداء من نفس نوع السلاح.
ولكن لم تتوقف الأنسانية عند هذه المحاولة

ب- منظمة حظر الأسلحة الكميائية:

منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هي الهيئة التنفيذية لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 1997م، وقد انضمَّ للمنظمة 190 دولة والذين يعملون معًا لتحقيق عالم خالٍ من الأسلحة الكيميائية، حيث تتقاسم الدول الأعضاء بالمنظمة الهدف الجماعي لمنع الأسلحة الكيميائية أكثر من أي وقتٍ مضى، وبالتالي تعزيز الأمن الدولي. لهذه الغاية، تحتوي الاتفاقية أربعة بنود رئيسية:

1- تدمير جميع الأسلحة الكيميائية الموجودة تحت التحقق الدولي من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
2- مراقبة الصناعة الكيميائية لمنع تصنيع أسلحة الجديدة.
3- توفير المساعدة والحماية للدول الأطراف ضد التهديدات.
4- تعزيز التعاون الدولي لتعزيز تنفيذ الاتفاقية وتعزيز الاستخدام السلمي للكيمياء.

قد مُنِحت المنظمة جائزة نوبل في السلام عام 2013م لما تبذله من جهود واسعة النطاق للقضاء على الأسلحة الكيميائية… فهل يتغيَّر واقعنا؟.

إعداد وتصميم: Ahmed Fahmy
مراجعة: Esraa Adel
تدقيق لُغَوي: أمنية أحمد عبد العليم
المصادر:
(1) http://sc.egyres.com/8hYj6
http://sc.egyres.com/Lz4Yq
(2) http://sc.egyres.com/VDUsg
(3) http://sc.egyres.com/hfxiM
(4) http://sc.egyres.com/3EgPA
(5) http://sc.egyres.com/EhObV
(6) APA: THE SECRETARY-GENERAL’S MECHANISM FOR INVESTIGATION OF … (n.d.). Retrieved August 29, 2016, from https://unoda-web.s3.amazonaws.com/wp-content/uploads/2016/01/Syrian-CW-investigation-fact-sheet-Jan2016.pdf . http://sc.egyres.com/kXhGl
(7) http://sc.egyres.com/Rafqf
(8)http://sc.egyres.com/fZNVy
(9)http://sc.egyres.com/fZNVy

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي