المقدمة
نبذة عن الشبكات العصبية
الشّبكات العصبيّة (Artificial Neural Networks) هي أنظمةٌ بعُقدٍ مترابطةٍ مُكوّنةٌ من عدّة طبقاتٍ، وهنّ: طبقة الإدخال، والطّبقات المخفيّة، وطبقة الإخراج. تؤدّي الشّبكات العصبيّة مهامّها مثل الخلايا العصبيّة في دماغ الإنسان بواسطة خوارزميّاتٍ مُعيّنةٍ، وتتعرّف تلك الخوارزميّات على الأنماط المخفيّة في البيانات الخام وتقسّمها في مجموعاتٍ وتصنّفها. ومع مرور الوقت تتعلّم تلك الشّبكات ويتحسّن أداؤها تدريجيًّا.[1][3]
تاريخ نمذجة الشبكات العصبية
في عام 1943م، ابتكر مكولوتش وبيتس (McCulloch and Pitts)، الأوّل عالمٌ متخصّصٌ في علم الأعصاب والثّاني في الرّياضيّات، نموذج خليّةٍ عصبيّةٍ تعمل كمفتاحٍ في دائرةٍ كهربيّةٍ، وتستقبل المدخلات من الخلايا العصبيّة الأخرى. ويعتمد نشاط الخليّة على الوزن الكلّيّ لهذه المدخلات. ثمّ في عام 1960م، أثبتت الدّراسة أنّ ذلك النّموذج من الشّبكات لديه خصائص تُشبه صفات الخليّة العصبيّة في المُخّ؛ فإنّه يستطيع التّعرّف على الأنماط المتنوّعة. وعلى الرّغم من أنّ تلك الشّبكات مكوّنةٌ من خلايا عصبيّةٍ اصطناعيّةٍ إلّا إنّها تستمرّ في العمل حتّى إن تعرّضت بعض تلك الخلايا للتّدمير.[3]
هدف الشبكات العصبية
كان الهدف الأصليّ من هذه الشّبكة العصبيّة هو خلق نظامٍ حوسبيٍّ له قدرةٌ على محاكاة مخّ الإنسان في حلّ المشاكل. ولكن حاد الهدف عن النّهج البيولوجيّ البحت إلى التّركيز على حلّ مشكلاتٍ مُحدّدةٍ ومتنوّعةٍ فيما يخصّ رؤية الحاسوب (Computer vision) والتّعرّف على الكلام والتّرجمة الآليّة، والتّشخيص الطّبيّ مثل تصنيف السّرطانات والتّنبّؤات الجينيّة.[1]
لماذا تُعد الشبكات العصبية هامة؟
هذا يعود إلى قدرتها الملحوظة على استخلاص المعنى من البيانات المعقّدة وغير الدّقيقة، ممّا يعطيها القدرة على فهم اﻷنماط وملاحظة الميول الّتي لا يستطيع البَشَر ولا التّقنيّات الحوسبيّة الأخرى أن يُلاحظوها. ولهذا السّبب فهي تساعد البَشَر على حلّ المشاكل المُعقّدة في حياتهم اليوميّة.[2]
تستطيع تلك الشّبكات أيضًا أن تتعلّم وتُنمذج العلاقات المعقّدة وغير الخطّيّة بين مدخلات البيانات ومخرجاتها. بالإضافة إلى ذلك، هي تقوم بتعميماتٍ واستدلالاتٍ لكشف العلاقات المخفيّة بين المدخلات والمخرجات وكشف الأنماط والتّنبّؤات. وتخلق نماذج للبيانات عالية التّطاير مثل السّلاسل الزّمنيّة للبيانات الماليّة (Time series forecasting). ونتيجةً لهذا، تستطيع الشّبكات العصبيّة تحسين عمليّات اتّخاذ القرارات في المجالات التّالية:[1]
- ضبط الجودة والعمليّات.
- كشف احتيال بطاقات الائتمان.
- التّعرّف على الأحرف والأصوات (معالجة اللّغة الطّبيعيّة).
- رؤية الحاسوب لتفسير الصّور ومقاطع الفيديو الخام، مثل التّصوير الطّبّيّ والتّعرّف على الوجه.
- التّنبّؤات الماليّة بأسعار الأسهم والعملات وتصنيفات السّندات والإفلاس.
- التّسويق المستهدف.
الخصائص المميزة للشبكات العصبية
يُمكن اعتبار الشّبكة العصبيّة المُدرَّبة بمثابة «الخبير» في فئة المعلومات الّتي تقوم بتحليلها، فهي تتميّز بالقدرة على:[2]
- التّكيّف في التّعلّم، بما أنّ لديها القدرة على أداء المهامّ بناءً على المعطيات المعطاة في مرحلة التّدريب، وبذلك تكتسب خبرةً في حلّ المشكلات.
- التّنظيم الذّاتيّ.
- إجراء العمليّات في الوقت الفعليّ، فهي تستطيع أن تقوم بعمليّاتٍ حوسبيّةٍ بالتّوازي، ممّا يؤدّي إلى بناء أجهزةٍ مُميَّزةٍ تعمل بهذه الخصائص.
أنواع الشبكات العصبية
يوجد الكثير من أنواع الشّبكات العصبيّة، أشهرها:[8]
- الشّبكات العصبيّة المُتكرّرة (Recurrent Neural Networks).
- الشّبكات العصبيّة المُعتمِدة على التّغذية الأماميّة (Feedforward Neural Networks).
- الشّبكات العصبيّة الالتوائيّة (Convolution Neural Networks).
الشبكات العصبية المُتكررة
تُعرّف الشّبكات العصبيّة المتكرّرة بأنّها نموذجٌ قويٌّ للبيانات التّتابعيّة ولكن يُصعب تدريبها بدقّةٍ؛ وهذا يرجع إلى الاعتماديّة في الطّبقات بين المدخلات والمخرجات في الخلايا العصبيّة، حيث ترسل إشاراتٍ مرتدّةً من بعضها إلي بعضٍ في صورة حلقاتٍ (loops). تُستخدم هذه الشّبكات في التّعرُّف على الكلام وخطّ اليد والتّنبّؤ بالكلمات المُستخدمة في الكتابة، كما أنّها تعتمد على الذّاكرة الطّويلة قصيرة المدى (Long Short-term Memory) لتوليد تسلسلاتٍ معقّدةٍ بهيكلٍ بعيد المدى عن طريق التّنبّؤ بنقاط البيانات كلّ واحدةٍ على حدةٍ.[4] [5] [6]
الشبكات العصبية المُعتمِدة على التغذية الأمامية
تُعرف هذه الشّبكات العصبيّة أيضًا بـ«الشّبكات التّرابُطيّة». ويوصف ذلك النّوع من الشّبكات العصبيّة بأنّه الأكثر بساطةً من بين أنواع الشّبكات، فعلى عكس الشّبكات العصبيّة المتكرّرة، تتحرّك البيانات المُدخلة في اتّجاهٍ واحدٍ فقط إلى الأمام. ولا توجد أيّ اعتماديّةٍ في الطّبقات المخفيّة بين المدخلات والمخرجات، وبذلك لا توجد حلقاتٌ أو دوراتٌ في تلك الشّبكات العصبيّة.[7]
الشبكات العصبية الالتوائية
تسير الشّبكات العصبيّة الالتوائيّة على منهج التّعلّم الآليّ العميق (Deep Learning)، وتُستخدم بكثرةٍ في حلّ المشكلات المُعقّدة، وتتخطّى قيود مناهج التّعلّم الآليّ التّقليديّة. ومن أشهر تطبيقاتها التّعرّف على الصّور والصّوت، وترجمة اللّغات، ومعالجة الإشارات، وتحليل المشاعر، وتصنيف المواضيع. لدى تلك الشّبكات العصبيّة قدرةٌ هائلةٌ على التّعميم بشكلٍ أفضل من أنواعٍ أخرى من الشّبكات تحوي طبقاتٍ تامّة التّرابط. كما أنّها تستطيع أن تتعلّم الملامح المجرّدة وتتعرّف على الأشياء بكفاءةٍ عاليةٍ.[8]
أسباب تفوق الشبكات العصبية الالتوائية على الشبكات الأخرى
أوّلًا، هذا يعود إلى استخدام فكرة مشاركة الأوزان الّتي تؤدّي إلى تقليل عدد المتغيّرات الّتي تحتاج إلى تدريبٍ بشكلٍ كبيرٍ، وبالتّالي تحسين عمليّة التّعميم والتّدريب. ثانيًا تُدمج مرحلة التّصنيف مع مرحلة استخراج الملامح، وهذا يُسرّع من التّعلّم. وأخيرًا من الصّعب بناء شبكاتٍ عملاقةٍ عن طريق الشّبكات العصبيّة الاصطناعيّة الّتي تستخدم النّماذج العامّة. يُبسّط استخدام الشّبكات العصبيّة الالتوائيّة من عمليّات بناء الشّبكات.[8]
مكونات الشبكات العصبية الالتوائية
- طبقة الالتواء.
- طبقة التّجميع.
- دالّة التّنشيط.
- طبقةٌ تامّة التّرابط[8]
الخاتمة
وبهذا نصل إلى نهاية المقال بعد أن اكتشفنا سرّ وظيفة الذّكاء الاصطناعيّ. فهو مبنيٌّ على الشّبكات العصبيّة، المُكوّنة من طبقاتٍ مخفيّة يتّصل بعضها ببعضٍ حتّى تؤدّي عملَها بما يشبه نهج الخلايا العصبيّة في دماغ الإنسان.