مقدِّمة

تُعرف وحدات التوليد الموزَّعة في الوقت الحالي بأنَّها وسيلة لتوليد الكهرباء على نطاق صغير، قد يظن البعض أنَّ هذا المفهوم جديد إلى حد ما في أسواق الكهرباء، ولكن الفكرة وراء ذلك ليست جديدة على الإطلاق، فقد كانت الشبكات الكهربائيّة المُستخدمة في بادئ الأمر قائمة على التيار المستمر وكان الجهد الكهربائيّ الناتج عنها محدودًا، وكانت المسافة بين وحدات التوليد والمستهلكين ليست بالمسافة الكبيرة؛ لذلك فإنَّ مفهوم وحدات التوليد الموزَّعة لم يكن جديدًا في عالم الكهرباء. في وقت لاحق، وبسبب التطورات التكنولوجيّة، ظهرت شبكات التيار المتردد والقادرة على نقل الكهرباء عبر مسافات أكبر، ومن هنا كان يتم توليد الكهرباء بشكل ضخم في محطات توليد كبيرة ومن ثَمَّ توزيعها باستخدام شبكات النقل إلى المستخدمين؛ مما أدى إلى زيادة الراحة للمستهليكن وتقليل تكلفة وحدة الكهرباء.

ولكن ما هي التقنيات المختلفة الخاصة بوحدات التوليد الموزَّعة؟

التقنيات المختلفة الخاصة بوحدات التوليد الموزَّعة

هناك أنواع مختلفة من وحدات التوليد الموزَّعة من وجهة نظر التقنية التكنولوجيّة. يجب مقارنة هذه الأنواع مع بعضها البعض للمساعدة في اتخاذ القرار فيما يتعلق بالنوع الأكثر ملاءمةً للاختيار في المواقف المختلفة. تنقسم تقنيات وحدات التوليد الموزَّعة إلى نوعين رئيسيين، هما: المولدات التقليديّة والمولدات غير التقليديّة. المولدات التقليديّة مثل التوربينات الدقيقة (micro turbine)، ومنها توربينات الغاز الطبيعي (natural gas turbines)، وهناك أنواع كثيرة من توربينات الغاز الطبيعي. والمولدات غير التقليديّة مثل الأجهزة الكهروكيميائيّة (electrochemical devices)، وأجهزة التخزين (storage devices)، والأجهزة المعتمدة على المصادر الطاقة المتجددة (renewable devices). وكل نوع من هذه الأجهزة له أنواعه الخاصة. [1]

لكن السؤال هنا، لماذا نقوم باستخدام وحدات التوليد الموزَّعة؟

تتميز وحدات التوليد الموزَّعة بعدة مزايا، سنعرض فيما يلي أهم تلك المزايا:

المزايا

• تُعد وحدات التوليد الموزَّعة وسيلة فعَّالة لسد الاحتياجات المتزايدة للكهرباء؛ حيث يتم تثبيتها في مواقع مناسبة بالقرب من الأحمال لسد احتياجاتها من الطاقة الكهربائيّة -وأحيانًا الحرارية- في أنواع معيّنة من تلك الوحدات. تؤثر المرونة اللي تتمتع بها وحدات التوليد الموزَّعة تأثيرًا كبيرًا على أسعار الطاقة. [4][5][6]
• تتميز وحدات التوليد الموزَّعة بالمرونة في التركيب، حيث يُمكن تثبيتها في أي مكان وفي وقت قصير جدًا، ويمكن تشغيل كل وحدة على حدة على الفور وبشكل مستقل عن باقي الوحدات. [7]
• يُمكن زيادة أو تخفيض السعة الإجماليّة للكهرباء المُولَّدة من خلال إضافة أو إزالة عدد الوحدات المرغوب فيه. [7]
• تُطلِق بعض وحدات التوليد الموزَّعة الطاقة الحراريّة بصورة متزامنة مع الطاقة الكهربائيّة التي تقوم بإنتاجها، يمكن استخدام تلك الطاقة الحراريّة في عمليات التسخين والتدفئة ولا تنطبق تلك الميزة في حالة استخدام محطات التوليد المركزيّة. [9]
• تتميز وحدات التوليد الموزَّعة بسرعة الاستجابة لتغيرات الأحمال الخاصة بالمستهلكين.
• يُمكن ربط تلك الوحدات بشبكة الكهرباء العامة، وبالتالي في الأوقات التي تكون فيها الطاقة الكهربائيّة المولَّدة أكبر من احتياجات الأحمال، يُمكن بيع تلك الزيادة الكهربائيّة للشبكة بتعريفة معينة، ومن الممكن أن يكون هناك عجز في الطاقة الكهربائيّة المولدة، بحيث تكون أقل من احتياجات الأحمال، وبالتالي يُمكن شراء تعويض لذلك العجز من شبكة الكهرباء بتعريفة معينة. تختلف تلك التعريفات من وقت لآخر، وبالتالي نلاحظ هنا الدور الفعَّال الذي يقوم به المستهلكون، حيث أصبحوا جزءً من شبكة الكهرباء، متفاعلين معها، يمكنهم أخذ الطاقة ويمكنهم إمداد الطاقة للشبكة أيضًا، عكس السابق؛ حيث كان المستهلكون دائمًا ما يسحبون الطاقة الكهربائيّة فقط من شبكة الكهرباء.
• يُمكن استخدام وحدات التوليد الموزَّعة تلك في الأماكن التي يصعب وصول الكهرباء إليها مثل القرى البعيدة جدًا والجزر. [9]

نعلم جميعًا أنَّ لكل شيء فوائده وعيوبه، فما هي العيوب أو المشكلات المتعلقة بوحدات التوليد الموزَّعة؟

المشكلات الرئيسيّة

تحدَّثنا من قبل عن الفوائد الرئيسيّة الناتجة عن الاستثمار في وحدات التوليد الموزَّعة، ومع ذلك قد يكون لتلك التقنيات بعض التكاليف الاقتصادية والآثار البيئيّة. سنعرض فيما يلي بعض المشكلات الرئيسيّة المتعلّقة بوحدات التوليد الموزَّعة.

التكلفة الماليّة العالية

طبقًا للعديد من الدراسات فإنَّ إحدى المشكلات الرئيسيّة المتعلّقة بوحدات التوليد الموزَّعة هي التكاليف الرأسماليّة المرتفعة نسبيًا لكل كيلوواط من الطاقة مقارنةً بالمحطات المركزيّة الكبيرة. علاوة على ذلك، فإنَّ الاختلافات في التكاليف الرأسماليّة بين تكنولوجيات التوليد الموزَّعة المختلفة كبيرة للغاية. [2]

خيارات أقل بين أنواع الوقود الأوليّة الأكثر تكلفة

وفقًا لوكالة الطاقة الدوليّة (2002)، فإنَّ زيادة حصة الكهرباء المولَّدة من وحدات التوليد الموزَّعة تعني توفّر اختيارات أقل بين أنواع الوقود الأوليّة التي يتم استخدامها، هذا يمكن أن يقلل من تنويع إمدادات الطاقة الأوليّة. بالنظر إلى أنَّ معظم تكنولوجيات التوليد الموزَّعة تعتمد أساسًا على الغاز الطبيعي، وأنَّه في كثير من الحالات سيحل التوليد المعتمد على الغاز محل التوليد القائم على الفحم. [2]

أمن الطاقة

يرى البعض أنَّ أمن الطاقة يرتبط بمدى تنوُّع مصادر الطاقة الأوليّة التي يُمكن استخدامها، ويرى البعض الآخر أنّه يرتبط بمدى موثوقيّة نظام الكهرباء. بموجب الرأي الأول، يتحسَّن أمن الطاقة مع زيادة تنويع مصادر الطاقة الأوليّة التي يمُكن استخدامها، في هذه الحالة تكون مزايا التوليد الموزَّع محدودة، حيث أنَّ معظم التقنيات -باستثناء الأنظمة القائمة على مصادر الطاقة المتجددة- تعتمد بشكل مباشر أو غير مباشر على الغاز الطبيعي. [3][2]

الملخَّص

نالت وحدات التوليد الموزَّعة اهتمامًا كبيرًا في الآونة الأخيرة لما تتمتع به من مزايا. أدّت العيوب المتعلّقة بمحطات التوليد المركزيّة إلى البحث عن تقنيات مُكمِّلة لسد الحاجة من الطاقة الكهربائيّة، وهو الدور الذي قامت به وحدات التوليد الموزَّعة، وبعد دراسات مُتعمّقة لهيكل سوق الكهرباء، والمزايا، والخصائص التي تتمتع بها وحدات التوليد الموزَّعة، أثبتت تلك التقنيات أنّها بديل فعَّال يُمكنه التغلب على الكثير من العقبات.