في معظم الأحيان، نجد أشخاصًا مِن حولنا يشتكون باستمرار من الشعور بالتعب والإرهاق؛ قد يخطر في بالنا أنهم يمرُّون بحالة عَرَضية وستنتهي فور تناولهم لبعض الأدوية، أو فور أخذهم قسطًا من الراحة!
ولكن سوف تندهش عندما تعلم أن هؤلاء الأشخاص يعانون من مرض حقيقي يسمى (متلازمة التعب المزمن).
ما هي متلازمة التعب المزمن؟
تُعرف هذه الحالة أيضًا بمرض عدم تحمُّل الإجهاد الشامل (بالإنجليزيَّة: Systemic exertion intolerance disease-SEID) أو (التهاب الدماغ العضلي-ME)-myalgic encephalomyelitis)).
متلازمة التعب المزمن (CFS)، هي اضطراب معقد يتميز بالإرهاق الشديد، ولا يمكن تفسيره بأي حالة طبية تكمن خلفه.
وقد يتفاقم التعب مع النشاط البدني أو العقلي، لكنه لا يتحسن مع الراحة.
في بعض الأحيان يستطيع الأشخاص المصابون بمتلازمة التعب المزمن (CFS)، أو الاستمرار في عملهم إما بشكل كامل، أو بشكل جزئي.
بينما يجد آخرون أن حالة التعب، والاختلال الإدراكي التي يعانون منها بشكل كبير، لدرجة تجعل الاستمرار في العمل مستحيلًا.
وبعد أن عرفت أكثر عن متلازمة التعب المزمن؛ قد تتساءل، ما هي الأسباب التي تُعرِّض الإنسان للإصابة بهذا المرض؟
سنتعرف في الأسطر التالية إلى تلك الأسباب.
أسباب الإصابة بمتلازمة التعب المزمن
تظهر على الأشخاص الذين يعانون من متلازمة التعب المزمن حساسية شديدة، حتى عند القيام بالتمارين والأنشطة العادية، ولا يُعرف حتى الآن سبب حدوث ذلك لدى بعض الأشخاص دون غيرهم.
فقد يُولَد بعض الأشخاص بهذا الاضطراب، والبعض الآخر لا.
وقد تتسبب مجموعة من العوامل في هذا المرض، منها:
1. عدوى فيروسية: حيث إن بعض الأشخاص يُصابون بمتلازمة التعب المزمن بعد إصابتهم بعدوى ڤيروسية.
ويتساءل الباحثون عن إمكانية تُسبِّب بعض الڤيروسات هذا الاضطراب. وتشمل الفيروسات المشتبهة، فيروس إبشتاين (بالإنجليزيَّة: Epistein Bar Virus)، وفيروس الهربس البشري (بالإنجليزيَّة: Herpers Virus)، وفيروسات لوكيميا الفئران، لكن لم يُعثر بعد على صلة قاطعة بينهما.
2. مشاكل الجهاز المناعي: يبدو أن الأجهزة المناعية للأشخاص المصابين بمتلازمة التعب المزمن تعاني من ضعف طفيف، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان هذا الضعّف كافيًا ليسبب هذا الاضطراب بشكل فعلي.
3. اختلالات هرمونيّة: إن الاشخاص المصابين بمتلازمة التعب المزمن يعانون أحيانًا من مستويات غير طبيعية من الهرمونات التي تـنـتج في الغدد النخامية أو الكظرية، ولكن أسباب هذه الاضطرابات ما تزال غير معروفة. [2]
أعراض متلازمة التعب المزمن
قد تشمل العلامات والأعراض ما يلي:
التعب، وفقدان الذاكرة، والتركيز، والتهاب في الحلق، وتضخُّم العقد اللمفية في العنق أو الإبطَيْن، وألم في العضلات أو المفاصل لا تفسير له، وصداع، ونوم غير مريح، وإرهاق شديد يدوم أكثر من (٢٤ ساعة) بعد القيام بتمارين بدنية أو ذهنيّة. [2]
عوامل خطر الإصابة بمتلازمة التعب المزمن
تشمل العوامل التي قد تزيد مِن خطر إصابتك بمتلازمة التعب المزمن ما يلي:
- السن: يمكن أن تحدث متلازمة التعب المزمن في أيّ عُمُر، لكنها غالبًا ما تصيب الأشخاص في سن الأربعين أو الخمسين.
- الجنس: تُشخّص النساء بمتلازمة التعب المزمن بمعدل أكبر بكثير من الرجال، ولكن قد يكون السبب هو أن النساء تتجه للأطباء لعرض شكواها أكثر من الرجال.
- القلق: صعوبة السيطرة على القلق النفسي يمكن أن تساهم بشكل كبير في ظهور متلازمة التعب المزمن. [2]
بعد معرفة الأعراض والأسباب المسبِّـبَة لمتلازمة التعب المزمن، يمكن أن نضيف أنه إذا كنت تشك أنك مصاب بهذا المرض؛ فلا بد من توضيح أمر هام أخير، ألَا وهو:
لا يمكن تشخيص متلازمة التعب المزمن إلا بعد استبعاد الأسباب الطبيّة والنفسيّة الأخرى لمرض التعب المزمن، وبالطبع استشارة الطبيب المختص؛ حيث لا يمكنك تشخيص نفسك بنفسك عبر الانترنت، حيث لُوحِظَ أنه تـتـشابه أعراض المرض مع العديد من الأمراض الأخرى. [3]
علاج متلازمة التعب المزمن
يعاني الكثير من الأشخاص الذين يعانون من متلازمة التعب المزمن من الاكتئاب. وعلاج الاكتئاب يمكن أن يسهل عليك التعامل مع المشاكل المرتبطة بمتلازمة التعب المزمن. كما يمكن أن تساعد الجرعات المنخفضة من بعض مضادات الاكتئاب في تحسين النوم وتخفيف الألم.
يبدو أن العلاج الأكثر فعالية لمتلازمة التعب المزمن هو نهج ذو شِقَّين، يجمع بين: التدريب المعرفي، مع برنامج تمرين لطيف.
(التدريب المعرفي-Cognitive Training)، حيث يمكن أن يساعدك التحدث إلى أحد الأخصائين، أو المشيرين النفسيين في اكتشاف أفضل الخيارات للتعامل مع بعض القيود التي تفرضها عليك متلازمة التعب المزمن؛ حيث يمكن أن تؤدي زيادة التحكم في حياتك إلى تحسين نظرتك بشكل كبير للمرض.
(تمرين متدرج-Graded exercise)، وبه يُمْكِن أن يساعدك أخصائي العلاج الطبيعي في تحديد التمارين الأفضل لك، فغالبًا ما يبدأ الأشخاص غير النشِيطِين بتمارين نطاق الحركة والتمدد لبضع دقائق فقط في اليوم، ومن هنا قد تساعد زيادة شدة التمرين تدريجيًّا بمرور الوقت على تقليل فرط الحساسية لممارسة الرياضة.
ما الذي يمكن توقعه على المدى الطويل؟
على الرغم من جهود الأبحاث المتزايدة؛ تَبْقَى متلازمة التعب المزمن حالة معقدة ليس لها سبب محدد معروف، أو علاج.
أحيانًا يصل معدل الشفاء إلى (5 بالمائة) فقط حسب المصادر الموثوقة، ولذا فإن التعامل مع متلازمة التعب المزمن يمكنه أن يكون صعبًا.