متلازمة مانشاوسن، عندما يدَّعي الشخص المرض والعَرَض!

111

متلازمة مانشاوسن «Munchausen’s syndrome» هي حالة نفسية وسلوكية؛ حيث يتظاهر الشخص بكونه مريضًا أو يستعرض بعض الأعراض لأمراض معينة لنفسه، وفي بعض الأحيان تعرف باسم «الاضطراب المفتعل».
الأشخاص بهذه الحالة يقومون بتصرفات مفتعلة منهم، مثل ادعاء أمراض نفسية أو جسدية، حيث يلعبون دور المريض دائمًا من أجل الحصول على الانتباه والاهتمام من الأشخاص المحيطيين، وغالبًا ما يفعلون ذلك نتيجة لاحتياجهم الداخلي الشديد للاهتمام وليس من أجل تحقيق منفعة مادية.

 

سُميت هذه المتلازمة بهذا الاسم نسبة للارستقراطي الألماني «بارون مانشاوسن-Baron Munchausen» المشهور بقصصه وأعماله البطولية الشرسة وغير القابلة للتصديق التي كان يرويها.

 

أنواع هذه المتلازمة:

قد ينقسم الأشخاص في هذه المتلازمة في نوعية سلوكياتهم إلى:

1- التظاهر بالأعراض النفسية: مثل ادعاء سماع أو رؤية أشياء غير موجودة في الحقيقةَ.

2- التظاهر بالأعراض الجسدية: مثل ادعاء وجود ألم في الصدر أو حرقان في المعدة.

3- محاولات أن يصبح مريضًا: مثل حك جرح موجود بأشياء ملوثة بشدة بغرض إصابة نفسه بعدوى.

 

بعض هؤلاء الأشخاص قد يتنقلون من مستشفى لآخر مدعين مجموعة واسعة من الأعراض والأمراض، وعندما يُكتشف كذبهم، قد ينتقلوا لمستشفى آخر أو منطقة أخرى تمامًا، بل وقد يجرون عمليات جراحية خطيرة وغير لازمة من الأساس!

 

ما هي أسباب متلازمة مانشاوسن؟

متلازمة مانشاوسن متلازمة معقدة ومن الصعب فهمها أو فهم لماذا يتصرف هؤلاء الأشخاص بهذا الشكل، بعض الخبراء يرون أنها نوع من اضطرابات الشخصية «personality disorder»، ولهذا السبب يتصرفون تصرفات غير مفهومة وغير طبيعية – اضطرابات الشخصية تعني أن الشخص لديه نمط مضطرب من الأفكار والمعتقدات حول نفسه وحول الآخرين.

 

نظرية أخرى تشير إلى أن السبب يرجع للتجاهل الأبوي للطفل أو سوء المعاملة، مما يجعل الادعاء بالمرض هو ملجأه الوحيد للحصول على اهتمام كافٍ، أو تاريخ مرضي طويل مما يتطلب دخول المستشفى، قد يكون من العوامل المرتبطة بتطور هذه المتلازمة، لكن السبب الحقيقي غير معروف، ولكن يعتقد الباحثون أن كلا من العوامل البيولوجية والنفسية تلعب دورًا في تطوير هذه المتلازمة.

 

من هم الأشخاص الأكثر عرضة لهذه المتلازمة؟

– السيدات من عمر 20-40 سنة، غالبًا من خلفيات طبية كالممرضات أو الفنيين.

– الرجال غير المتزوجين من عمر 30-50 سنة.

من غير الواضح لنا ما نسبة وجود هذه الحالة لأن كثيرًا ما يستطيع هؤلاء الأشخاص إقناع الطاقم الطبي بصحة أعراضهم! وقد أجريت دراسة كبيرة في مستشفى كندي تقدر أنه من بين حوالي 130 مريضًا يوجد 10 يدعون المرض.

 

ما هي أهم أعراض هذه المتلازمة؟

معظم هؤلاء الأشخاص يتصنعون أو يبالغون في الأعراض بطريق عديدة، فيمكن أن يكذبوا أو يدعوا أعراضًا معينة، يجرحوا أنفسهم لإحداث أعراض، أو يغيروا نتائج التشخيص عن طريق تلويث عينة البول، لذا فأهم الأعراض لهذه الحالة:

1- تاريخ مرضي مأساوي لكن متضارب.

2- أعراض غير واضحة وغير قابلة للتحكم، وتصبح أكثر حدة عند الشروع في العلاج أو قد تتغير تمامًا.

3- انتكاسة متنبأ بها عقب التحسن التدريجي للمرض.

4- المعرفة القوية بالمستشفيات والمصطلحات الطبية والكتب الطبية التي تصف مرضه.

5- وجود آثار لجروح عمليات قديمة متعددة.

6- ظهور أعراض جديدة أو أضافية عقب ظهور نتيجة الاختبارات سالبة.

7- وجود الأعراض فقط عندما يكون المريض وحيدًا أو ليس تحت الملاحظة، مثل التشنجات أو فقدان الوعي.

8- الرغبة العارمة في عمل فحوصات طبية كثيرة وعمليات جراحية.

9- تاريخ طويل مليء بدخول المستشفيات والعيادات وفي أماكن عديدة.

10- مشاكل أو اضطرابات الهوية والثقة بالنفس.

11- يشعر أنه أكثر ارتياحًا في المستشفيات.

12- المعرفة الطبية قد تكون واسعة جدًا من العديد من المستشفيات أو نتيجة عمل مسبق في المجال الطبي.

13- بعض الأشخاص قد يضعوا دم في البول، يحقنوا أنفسهم بالبراز، أو وضع الأربطة المطاطية الضيقة حول الذراع أو الساق.

 

هناك العديد من الأشكال التي يمكن أن تتخذ من هذا الاضطراب: ادعاء أو اختلاق وجود السرطان، وأمراض القلب، واضطرابات الجلد، والالتهابات، اضطرابات النزيف، واضطرابات التمثيل الغذائي، والإسهال المزمن، وغيرها الكثير.

 

كيف يتم التشخيص؟

تشخيص متلازمة مانشاوسن صعب للغاية بسبب عدم الأمانة في سرد تفاصيل المرض، لذا يجب على الأطباء أن يستبعدوا أي أمراض جسدية أو نفسية محتملة، وغالبًا ما تستخدم مجموعة متنوعة من الاختبارات وإجراءات التشخيص قبل النظر في هذا التشخيص، وإذا لم يجد الطبيب أي سبب مادي للأعراض، فإنه يجب أن يحيل الشخص إلى طبيب نفسي أو أخصائي نفسي؛ حيث يوجد العاملين في مجال الصحة العقلية الذين تم تدريبهم خصيصًا لتشخيص وعلاج الأمراض النفسية.

 

مرض مُلفق أو مسبب بواسطة الشخص «Fabricated or induced illness»:

هناك نوع من متلازمة مانشاوسن يُعرف بالمرض الملفق أو المسبب بواسطة الشخص نفسه، حيث يصطنع الشخص مرضًا أو يتسبب في إحداث المرض لنفسه.

 

ملاحظة هامة: عادةً ما يختلط الأمر بين مانشاوسن وبين الهواجس حول المرض والتمارض.

الهواجس حول المرض «Hypochondria»: اضطراب نفسي، حيث يصبح الشخص متوجسًا وخائفًا من المرض، ويفسر وظائف الجسم الطبيعية كالتعرق أو التغيرات الطفيفة، مثل الألم البسيط، كمؤشر لأمراض خطيرة.

التمارض «malingering»: حيث يدعي الشخص المرض ليكسب عائدًا ماديًا، مثل الإعفاء من الخدمة العسكرية، أو الحصول على تعويض.

 

ما هو العلاج؟

علاج متلازمة منشاوسن يعتبر من التحديات الكبيرة؛ حيث أن معظم هؤلاء الأشخاص يرفضون الاعتراف بحالتهم وأنهم يدعون المرض، في بعض الأحيان فإن العلاج المعرفي السلوكي قد يفيد.

لذلك عندما يُطلب العلاج في هذه الحالات، فإن الهدف الأول هو تعديل سلوك الشخص والحد من سوء استخدام أو الإفراط في استخدام المواد الطبية أو الإجراءات الطبية، وبمجرد تحقيق هذا الهدف، فإن المعالجة تنصب إلى حل أية مشاكل نفسية كامنة والتي قد تكون السبب في حدوث سلوك الشخص، أو تقديم المساعدة له في إيجاد حلول لهذه الاحتياجات الاجتماعية.

العلاج الأساسي لمتلازمة مانشاوسن هو العلاج النفسي، وهو نوع من الإرشاد، ويرتكز العلاج في أغلب الأوقات على تغيير التفكير والسلوك للفرد، أي على العلاج المعرفي السلوكي.

العلاج الأسري أيضًا قد يكون مفيدًا في تعليم أفراد الأسرة أنه لا لمكافأة أو تعزيز سلوك الشخص في هذا الاضطراب. وأيضًا فإن العلاج الجماعي قد يقلل من مشاعر العزلة أو الشعور بأنه لا أحد يهتم بهم.

لا توجد أدوية لعلاج هذه المتلازمة، ولكن يمكننا علاج أي اضطراب ذو صلة، مثل الاكتئاب، والقلق، أو اضطراب في الشخصية، ويجب مراقبة استخدام الدواء بدقة في هؤلاء الأشخاص نظرًا لإمكانية استخدامها بطريقة مؤذية.

 

ما هي المضاعفات ؟

هؤلاء الأشخاص معرضون لمشاكل صحية -أو حتى الموت- مرتبطة بإيذاء أنفسهم أو غير ذلك مما تسببه الأعراض، وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم قد يعانوا من ردود الفعل أو المشاكل الصحية المرتبطة بالاختبارات الطبية المتعددة، والإجراءات، والعلاجات، وهم أيضًا الأكثر عرضة لتعاطي المخدرات ومحاولات الانتحار.

 

ما هي التوقعات المستقبلية للمرض بالنسبة لهؤلاء للأشخاص ؟

بعض الأشخاص يعانون فقط من حلقة واحدة من الأعراض، ومع ذلك في معظم الحالات، فإن الاضطراب هو الحالة المتكررة التي يمكن أن يكون من الصعب جدًا علاجها؛ ذلك لأن كثيرًا منهم ينكرون أنهم يقومون بتزوير الأعراض ولن يسعوا إلى متابعة العلاج.

 

هل يمكن الوقاية من هذا الاضطراب المفتعل ؟

ليس هناك طريقة معروفة لمنع هذا الاضطراب، ومع ذلك، قد يكون من المفيد أن يبدأ العلاج بمجرد بداية الأعراض.

 

اعداد: Maria Abdalmasseh

مراجعة لغوية: Mohammad Marashdeh

 

المصادر:

  1. Munchausen’s syndrome – NHS Choices [Internet]. Nhs.uk. 2016 [cited 23 March 2016]. Available from: http://sc.egyres.com/znxYw
  2. Munchausen Syndrome (Fictitious Disorder) | Cleveland Clinic [Internet]. My.clevelandclinic.org. 2016 [cited 23 March 2016]. Available from: http://sc.egyres.com/3QdUE
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي