استطاعت وكالة ناسا التقاط أكثر الصور تفصيلًا حتى الآن لأحد الجيران القريبين من مجرة درب التبانة: المجرة المثلثة، وهي مجرة حلزونية تقع على مسافة ثلاثة ملايين سنة ضوئية فقط. يوفر هذا المسح البانورامي – لـثالث أكبر مجرة في المجموعة المحلية من المجرات- نظرة ساحرة من 40 مليار نجم والتي تشكل واحدة من أكثر الأشياء البعيدة وضوحًا للعين المجردة.(1)
تتواجد المجرة الحلزونية M33 في كوكبة مثلثة الشكل، مما يمنحها اسم مجرة المثلث. يمثل حجم M33 حوالي نصف حجم مجرة درب التبانة وبذلك تعتبر ثالث أكبر مجرة في المجموعة المحلية للمجرات التابعة لمجرة أندروميدا (M31) وطريق درب التبانة.(2)
تكشف المناطق ذات اللون الأزرق المنتشرة في أنحاء الصورة عن العديد من مواقع الولادة السريعة للنجوم داخل مجرة المثلث. وقد كشفت ملاحظات هابل أن معدل تكوين النجوم في مجرة المثلث أعلى بعشر مرات من المتوسط في مجرة أندورميدا، بينما تعتبر الرقعة الزرقاء الساطعة في أسفل يسار الصورة (1) -والتي تسمى NGC 604 وتقع في ذراع المجرة الحلزونية- هي أكبر منطقة مكونة للنجوم في مجرة المثلث وواحدة من أكبر مشاتل النجوم في المجموعة المحلية بأكملها. وعلى الرغم من أن هذه السدم شائعة في المجرات، إلا أن هذا السديم كبير للغاية، حيث يبلغ طوله نحو 1500 سنة ضوئية. توضح الصورة (2) اتساع حجم السديم، كما أنه يقع على بعد 2.7 مليون سنة ضوئية من الأرض داخل مجرة المثلث.(2)(3)
وفي قلب سديم NGC 604 يوجد أكثر من 200 نجم ساخن، أكبر بكثير من شمسنا (حوالي 15 إلى 60 كتلة شمسية). تؤدي تلك النجوم الساخنة إلى تسخين الجدران الغازية للسديم مما يجعل هذه الغازات فلورية؛ أي أنها تصدر ضوءًا. يساعد هذا الضوء على توضيح شكل السديم ثلاثي الأبعاد مما يجعله كـالفانوس في كهف. من خلال دراسة التركيب الفيزيائي لهذا السديم العملاق، يستطيع علماء الفلك تحديد كيفية تأثير العناقيد النجمية التي تحتوي على النجوم ذات الكتلة الهائلة على تطور الوسط النجمي للمجرة، كما يعطي السديم أدلة على تاريخ تكوين النجوم وتحسين فهم عملية الانفجار النجمي.(4)
يوضح الشكل الحلزوني/اللولبي لمجرة المثلث علامات قليلة للتفاعل مع المجرات القريبة منها. ومع ذلك، يمكن أن يتغير ذلك في المستقبل. تعتبر مجرة المثلث رفيق الجاذبية المشابه لمجرة أندروميدا، وكلتا المجرتين تتحرك نحو مجرة درب التبانة. وبذلك يمكن اعتبار مجرة المثلث طرفًا ثالثًا مشاركًا في التصادم الوشيك بين مجرات أندروميدا ودرب التبانة منذ أكثر من 4 مليارات عام من الآن.(2)
يبلغ سطوع مجرة المثلث أو M33 الظاهر نسبيًا حوالي 5.7، مما يجعلها واحدة من أكثر الأشياء البعيدة التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة (وذلك تحت سماء صافية ومعتمة بشكل استثنائي)، ومن الأفضل ملاحظته في شهر أكتوبر. بينما يساعد التلسكوب في الكشف عن بعض الخصائص الحلزونية لمجرة المثلث، إلا أنه من الأفضل فحصها بتكبير منخفض ومجال رؤية أوسع، ويمكن أن يُستخدم في ذلك المنظار.(2)
لقد كان الفرنسي تشارلز ميسيير أول من قام بتصنيف مسييه 33 وذلك بعد مراقبته في أغسطس 1764. ومع ذلك لم يكن أول من سجل تلك المجرة الحلزونية، فقد تم توثيقها بواسطة عالم الفلك الصقلي هوديرنا قبل حوالي 100 عام. في عشرينات القرن العشرين، درس الفلكي إدوين هابل عشرات النجوم المتغيرة -من حيث السطوع- في مسييه 33، ساعده ذلك على تقدير مسافة المجرة وإثبات أن مسييه 33 ليست مجرد سديم داخل مجرتنا كما كان يُتوقع سابقًا، لكنها في الواقع مجرة منفصلة خارج المجرة الخاصة بنا.(2)(5)
المصادر
- https://www.sciencedaily.com/releases/2019/01/190107131239.htm
- https://www.nasa.gov/feature/goddard/2019/messier-33-the-triangulum-galaxy
- https://hubblesite.org/contents/news-releases/1996/news-1996-27.html
- https://hubblesite.org/contents/media/images/1996/27/437-Image.html?news=true
- https://www.sciencedaily.com/releases/2014/08/140806094700.htm
إعداد: منار حمدي
مراجعة علمية: سارة سامر
تدقيق لغوي: هاجر زكريا
تحرير: هاجر عبدالعزيز