مرض ويلسون هو مرض وراثي نادر، يحدث نتيجة تراكم عنصر النحاس في الكبد وسائر الأعضاء الحيوية، يصيب الأشخاص بين عمر الخمسة أعوام والخمسة وثلاثين عاما. من الطبيعي أن يتخلص الجسم من الكميات الزائدة من عنصر النحاس، إلا أنه في الأشخاص المصابين بمرض ويلسون فإن الجسم لا يمكنه التخلص من الكميات الزائدة بصورة طبيعية نتيجة لخلل وراثي. في هذا المقال سنتعرف على مرض ويلسون، أعراضه وتشخيصه، وكيفية التعامل معه.
ما هو مرض ويلسون؟
مرض ويسلون (Wilson’s disease) هو اضطراب وراثي جسدي متنحي ينشأ نتيجة حدوث طفرات في الجين (ATP7B). من المعروف أن النحاس من العناصر الغذائية الدقيقة الضرورية التي تدخل في العديد من البروتينات والإنزيمات المعدنية، بالإضافة إلى كونه ضروريًّا للنمو المثالي وتطور وعمل العديد من أعضاء الجسم شاملًا الكبد والعظام والنسيج الضام والمخ والقلب.
ينظم البروتين الكبدي (ATP7B) كل محتوى النحاس في الجسم من خلال التخلص منه في العصارة الصفراوية أو بدمجه في السيروبلازمين (بروتين سكري يحتوي على النحاس).
معظم النحاس الموجود في البلازما في الظروف العادية يقع في السيروبلازمين، حيث إن مستويات النحاس الحر أو غير المرتبط بالسيروبلازمين منخفضة.
يؤدي الخلل الوظيفي في البروتين (ATP7B) إلى ضعف التخلص من النحاس من خلال العصارة الصفراوية، ومن ثمَّ فإن النحاس يتراكم في الكبد والأنسجة الحيوية الأخرى. في نفس الوقت تنخفض مستويات النحاس في السيروبلازمين عن المستويات الطبيعية لها ويرتفع مستوى النحاس الحر.
أعراض مرض ويلسون
يظهر المرضُ عادةً بين سن الخامسة والخامسة والثلاثين عامًا، لكن قد تظهر الأعراض عند أي عمرِ سنيّ (أصغر مريض اكتُشفت عليه الأعراض كان بعمر العامين وأكبر مريض كان بعمر الرابعة والسبعين عامًا) وقد لا تظهر الأعراض إطلاقًا.
تتنوع الأعراض الإكلينيكية كثيراً بين أعراض أمراض الكبد والأمراض العصبية. بصورة عامة يعاني المرضى من ظهور أعراض كبدية مثل ارتفاع مستويات إنزيمات النواقل الأمينية، لكن البعض قد يأتي بتليف الكبد أيضًا ونحو ٥٪ يأتون بفشل حاد في وظائف الكبد.
لوحظ انحلال الدم المناعي في ٣ إلى ٤٪ من الحالات. ويظهر على المرضى اصفرار عميق، حيث يعانون من تكسر الدم وارتفاع متوسط في مستوى إنزيمات النواقل الأمينية وانخفاض في مستوى الفوسفاتاز القلوي (alkaline phosphatases).
يحدثُ تليفُ الكبد مصاحبًا نحو نصف حالات المرضى البالغين عند تشخيصهم بينما يُشخص معظم الأطفال في مرحلة قبل التليف الكبدي. والمرضى ذوي الأعراض الكبدية نادرًا ما يظهر عليهم الأعراض العصبية.
ويعاني معظم المرضى من تغيرات خلوية في الكبد. ولا تكونُ التغيرات في أنسجة الكبد خاصَّة بمرض ويلسون، بل قد تتسع لتشمل أمراض الكبد كافة.
يعتبر الكبد الدهني من الآثار الشائعة في المرضى ذوي الكبد غير المتليف حيث تتشابه الحالة مع التهاب الكبد الدهني غير الكحولي.
الأعراض العصبية النمطية تشمل الارتعاش والترنح وتوتر الحركة. حوالي ٩٠٪ من المرضى يُصابون بحلقات كايزر– فلايشر (حلقة دائرية تميل إلى اللون الذهبي تظهر في القرنية). يُصاب أيضًا حوالي ٦٠٪ من المرضى بأعراض نفسية مرضية.
تكثر الأعراض الكبدية لمرض ويلسون أكثرَ في الأطفال، بينما تُشخَّصُ الأعراض العصبية لاحقًا. يشيعُ حدوث الأعراض الكبدية في النساء والأعراض العصبية في الرجال وتمثِّلُ النساء ثلثي أصحاب المرض الحاد.
تم تحديد أكثر من ٨٠٠ طفرة مختلفة للبروتين (ATP7B) لكنَّ الأعراض النمطية الظاهرية لمرض ويلسون لا يمكن نَستها إلى طفرةٍ بعينها.
تشخيص مرض ويلسون
قد يكون التشخيص دقيقًا في وجود الأعراض العصبية النمطية وحلقات كايزر–فلايشر ولكن تفوت العديد من السنوات عادةً قبل التشخيص.
لا يُعوَّل على اختبار محدد من حيث الحساسية والنوعية في المرض. في معظم الأوقات، تُستخدم مجموعةٌ من الاختبارات التي تشمل قياسات تتعلق بأيض النحاس، كنيبة النحاس الحرن، والنحاس في السيروبلازمين، وكمية النحاس في الكبد. كما تطلب الاختبارات الجينية، مثل: مقياس لايبزج، والتاريخ المرضي للعائلة.
كيفية علاج مرض ويلسون
يلزم العلاج مدى الحياة بأدوية تحتوي على عوامل احتجاز النحاس (مركبات عضوية تتفاعل مع النحاس مكونة مركبات كيميائية معينة لتسهيل خروج كميات كبيرة من النحاس في البول) أو بالزنك.
يعتمد العلاج بعوامل احتجاز النحاس على الخبرة الطبية، وليس على الأساس العلمي، وذلك نظرا لغياب الدراسات التجريبية الإكلنيكية الكافية.
تعتبر زراعة الكبد هي الوسيلة الوحيدة لإنقاذ حياة معظم المرضى المصابين بمرض ويلسون الحاد، وكذلك المصابين بتليف الكبد الذي لا يمكن علاجه. أما بالنسبة لمرضى ويلسون العصبي فلا يوصى بزراعة الكبد نظرا لمحدودية نسبة نجاحها.
بالنسبة للأطفال ذوي فشل الكبد الناتج عن مرض ويلسون الحاد، فيتم تحديد الحالات الطارئة من خلال مؤشر ويلسون. يختار المؤشر رقما من صفر إلى أربعة، ترتفع نسبة الوفاة باختيار المؤشر رقم 11.
جميعُ المرضى الآخرين يُتوقع لهم حياة طبيعية ما داموا ملتزمين بالعلاج الطبي.