يهدف أىُّ نوعٍ من التدخلات العلاجية، سواء كانت نفسية أو طبية، إلى تحسين كفاءة الفرد فى المجتمع و كيفية إدارته للمشاكل التى يواجهها، عن طريق رفع مستوى مرونته وتأقلمه مع متغيرات الحياة. وبعد إجراء أبحاثٍ وتجاربٍ؛ تم تأسيس نظرياتٍ ونقاطٍ مشتركةٍ للعلاج النفسى عالميًا، والتى يمكن الاستعانة بها لعلاجِ أى فردٍ إذا واجهه خللٌ مشابه.
ولكن التجارب التى تم دراستها كانت فى مجتمعاتٍ غربيّة، وبالتالى كان العلاجُ النفسىُّ يهتم أكثر بسمات الشخصية الغربية. وبما أن المجتمعات تختلف عن بعضها فى الثقافة والعادات والعلاقات والمعتقدات؛ فمفهوم «الفرد» يحمل متغيرات أيضًا، بالإضافة إلى المتغيرات التى تُميّز «الفردَ» عن باقى مجتمعه.
ولذلك فالفرد لديه مفهومان عن نفسه: المفهوم العام الذى يعرفه الناس، والمفهوم الخاص الذى لا يستطيع أن يُشاركه مع الآخرين. ونصل بذلك إلى أن أى تدخلاتٍ علاجيةٍ نفسية لابد أن تعتمد على مُتغيراتٍ فردية، كالنظام المعتقدى الخاص وعلاقته مع المجتمع الذى يعيش فيه.
و لكى نصل إلى مفهوم العلاج النفسى؛ يجب أن نفرق بينه وبين الطرق الأخرى التى تجعلنا أكثر هدوءً، كالصلاة أو الطرق الترفيهية التى تجعلنا سعداء, فهذه الطرق غالبا ما نلجأ إليها بعد مواقفٍ مزعجة، وتكون بمنزلة تغييرٍ للمزاج السيء. و لكن العلاج النفسى فى الحقيقة ليس شيئًا ترفيهيًا، حيث أنه يخاطب الأفكار والعاطفة والمشاعر، و يحتاج إلى تعاونٍ من الفرد وتعبيره عن أفكاره وتجاربه الخاصة وعلاقاته، وهذا يقتضى قدرته على إدراك ذاته أولا.
ونتسائل؛ ما هو دور المُعالجِ إذن؟
المعالج هو العنصر الذى يُوجّه مجرى الحديث فى عملية العلاج النفسى، حيث أن تواصله مع المريض يُعتبَر حلقةُ وصلٍ بين المريض والعلاج النفسى. وتشمل طرقُ التواصل مستويَيْن على الأقل، و يهدف هذان المستويان من المحادثة إلى تقليل المشاعر السلبية؛ وتحرير النفس من الصراع الداخلى؛ وإعطاء الشخص معلوماتٍ مفيدةٍ من العلاقة العلاجية؛ ورفع تقدير الذات و جعل مفهوم الحياة عند الشخص أكثر عمقًا.
• مستوى «المحادثة الجسدية»: يستخدم المعالجُ لغةَ جسده من خلال نظراته والإشارات التى تبعثها حركاته وطريقة كلامه ولغته فى التأثير على العقل اللاواعى للمريض. ويقوم المعالجُ بتكوين العلاقة التى تجعل المريض منفتحًا تماما، ويشعره بالراحه والقبول. ويحافظ على هذه الثقة وعلى المسافة المُحدّدة بينهما حتى يحافظ على هذه العلاقة.
• مستوى «المحادثة الكلامية»: وهو الحديث الذى يجرى بين المعالج والمريض؛ وكيفية تنظيمه بحيث يستطيع المريض رؤية ذاته للتعبير عنها. و يستطيع المعالج فى هذا المستوى تحديدَ طريقةِ العلاجٍ النفسى من خلال اكتشاف نوعِ الخلل لدى المريض؛ واختيار طريقةِ العلاج المناسبة. وهناك مدارسٌ متعددة لطرق العلاج النفسى التى أُسِّسَت على نظرياتٍ وأبحاثٍ علمية. منها:
– العلاج الإدراكى: يُستخدَم فى علاج أفكار الشخص الغير سليمة، مثل تبرير معتقداته الغير منطقية التى تتسبب فى تشويه صورته لنفسه وللحياة وللآخرين.
– العلاج بالتحليل النفسى: لعلاج اضطرابات العلاقة بين الشخص والآخرين، كما يهدف إلى تعزيز علاقة الشخص بذاته؛ عن طريق انسجام العقل الواعى مع العقل اللاواعى.
– العلاج التجريبى: لعلاج اضطرابات العواطف والرغبات، حيث يساعد على التحكم فى فهم الشخص لعواطفه وتقييمها والتحكم فيها.
– العلاج السلوكى: والذي يهتم بتقييم العادات والسلوك اليومى، كالنوم والتغذية والتدخين وكيفية قضاء وقت الفراغ والروتين اليومى للفرد
لهذا فلابد أن يأخذ المعالج فى اعتباره أهداف الفرد ومجتمعه و طبيعة حياتة الفسيولوجية، ويجب أن يتشكل العلاج النفسى على حسب متغيرات الفرد؛ وبِهِ يستطيع أن ينسجم ويتأقلم داخل مجتمعه.
إعداد: Nabila Baghdady
مراجعة: Ali Adham
التصميم: Mohamed Tharwat