مناعة المجتمع والحماية من فيروس كورونا المُستجد

مناعة المجتمع والحماية من فيرس كورونا «COVID-19»

اقترح بعض القادة منهم  بوريس جونسون -رئيس وزراء المملكة المتحدة- وسيلة قد تكون جيدة حسب قوله لوقف أو الحد من انتشار فيروس كورونا المُستجد (SARS-CoV-2)، وتُسمى مناعة القطيع أو حصانة المجتمع أو حماية القطيع أو الجماعة.

تتحقق مناعة المجتمع عندما يصبح العديد من الناس في المجتمع محصنين ضد مرض معدي.

يمكن أن يحدث هذا بطريقتين:

  1. يصاب العديد من الناس بالمرض، وفي الوقت المناسب يبنون استجابة مناعية له (المناعة الطبيعية).
  2. يتلقى العديد من الناس اللقاح ضد المرض للحصول على المناعة.

ويمكن أن تعمل مناعة القطيع ضد انتشار بعض الأمراض، كما أن هناك العديد من الأسباب التي تجعلها تعمل في كثير من الأحيان.

وهناك أيضًا العديد من الأسباب التي تجعل حماية القطيع لا تعمل حتى الآن لوقف أو إبطاء انتشار فيروس كورونا المُستجد.

كيف تعمل حماية القطيع؟

عندما تصبح نسبة كبيرة من السكان محصنة ضد مرض ما، فإن انتشار هذا المرض يتباطأ أو يتوقف. تنتشر العديد من العدوى الفيروسيّة، والبكتيريّة من شخص لآخر، هذه السلسلة تنكسر عندما لا يصاب معظم الناس بالعدوى، أو لا ينقلونها، وهذا يساعد على حماية الأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح أو الذين لديهم أجهزة مناعية ضعيفة مثل:

  • كبار السن.
  • الأطفال.
  • النساء الحوامل.
  • الأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي.
  • الأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية معينة.

إحصائيات حماية القطيع

بالنسبة لبعض الأمراض، يمكن أن تدخل حماية القطيع قيد التنفيذ عندما يصبح (40%) من السكان محصنين ضد المرض، وذلك من خلال التلقيح، لكن في معظم الحالات (80 إلى 95 %) من السكان يجب أن يكونوا محصنين ضد المرض لوقف انتشاره.

فعلى سبيل المثال:  يجب أن يحصل 19 شخصًا من كل 20 شخصًا على التطعيم ضد الحصبة لكي تدخل حصانة القطيع قيد التنفيذ، ويتوقف المرض. وهذا يعني أنه إذا أُصيب طفل بالحصبة، فمن المرجَّح أنه تلقى اللقاح جميع من حوله من السكان، أي أنه بالفعل تم تكوين الأجسام المضادة في أجسامهم، فأصبحوا في مأمن من العدوى، وبالتالي منعوا من انتشار المرض.

والهدف من حماية القطيع هو منع الآخرين من الإصابة أو نشر مرض معدي مثل الحصبة.

ومع ذلك، إذا كان هناك العديد من الناس حول الطفل والذين لم يحصلوا على اللقاح ضد الحصبة، يمكن أن ينتشر المرض بسهولة، لأنه لا يوجد حماية مجتمع.

لتصوّر هذا، تخيّل شخص ما بدون مناعة ضد المرض كنقطة حمراء محاطة بنقاط صفراء لأشخاص حصلوا على المناعة ضد المرض، إذا لم تتمكن النقطة الحمراء من التواصل مع أي نقاط حمراء أخرى، فذلك يعني أن هناك حماية للقطيع، وتسمى نسبة الأشخاص الذين يجب أن يتمتعوا بالمناعة لإبطاء الإصابة بمرض معدي، أو وقفه بأمان «عتبة مناعة القطيع».

المناعة الطبيعية

تحدث المناعة الطبيعية عندما تصبح محصنًا ضد مرض معين بعد إصابتك به، هذا يجعل جهازك المناعي يصنع أجسام مضادة للجرثومة التي سبَّبت لك العدوى، فالأجسام المضادة مثل الحرَّاس الشخصيين الذين يميِّزون فقط جراثيم معينة.

إذا تعرَّضت للمرض مرةً أخرى، فإن الأجسام المضادة التي تعاملت مع الجراثيم من قبل يمكن أن تهاجمه قبل أن ينتشر ويجعلك مريضًا، على سبيل المثال: إذا أُصِبت بجدري الماء عندما كنت طفلًا، فإنك على الأغلب لن تُصاب به مرةً أخرى، حتى لو كنت حول شخصٍ مصاب بنفس المرض.

المناعة الطبيعية يمكن أن تساعد على خلق حماية للقطيع، لكنها لا تعمل مثل التَّطعيمات، هناك عدة أسباب لهذا:

  1. كل شخص يجب أن يصاب بالمرض لكي يكتسب مناعة ضده.
  2. الإصابة بالمرض يمكن أن تكون لها مخاطر صحية تكون خطيرة في بعض الأحيان.
  3. قد لا تعرف إذا كنت قد أُصِبت بالمرض أو إذا اكتسبت مناعة ضده.

هل حماية القطيع تنجح؟

حماية القطيع تنجح لبعض الأمراض، لقد نجح الناس في النرويج  في تحقيق مناعة القطيع ضد فيروس (H1N1) المسبب لمرض إنفلونزا الخنازير (بالإنجليزيَّة: Swine flu) ولو بشكل جزئي، من خلال التطعيمات والمناعة الطبيعية.

في النرويج، كان من المتوقع أن تتسبب الإنفلونزا في عدد أقل من الوفيات في عامي (2010) و(2011) لأن أغلب السُّكان كانوا محصَّنون منها.

حماية القطيع يمكن أن تساعد على وقف انتشار المرض، مثل إنفلونزا الخنازير، والأوبئة الأخرى داخل البلاد بأكملها، ولكن يمكن أن يتغيَّر ذلك بدون أن يعرف أحد، كما أنها لا تضمن دائمًا الحماية من أي مرض.

بالنسبة لمعظم الناس الأصحاء، حماية القطيع ليست بديلًا جيدًا للتطعيم، ليس كل مرض يوجد له لقاح يمكن إيقافه بحماية القطيع، على سبيل المثال، يمكنك الإصابة بالكزاز  (بالإنجليزية: Tetanus)‏ عن طريق البكتيريا في بيئتك، أنت لم تُصاب به عن طريق شخصٍ آخر، لذا حماية القطيع لا تحميك من هذه العدوى، الحماية الوحيدة هي الحصول على اللقاح.

يمكنك المساعدة في بناء مناعة القطيع لأمراض معينة في مجتمعك عن طريق التأكد من أنك وعائلتك حصلتم على التطعيمات الحديثة، وقد لا تحمي حماية القطيع دائمًا كل فردٍ في المجتمع، ولكنها قد تساعد على منع انتشار الأمراض.

العزل الاجتماعي وغسل الأيدي باستمرار هو حاليًا الطريقة الوحيدة للمساعدة في منعك ومنع من حولَك من الإصابة، ومن نشر فيروس كورونا المُستجد والإصابة به.

لماذا حماية القطيع ليست الحل لوقف انتشار الفيروس كورونا المُستجد؟

  • لا يوجد لقاح لفيروس كورونا المُستجد، اللقاحات هي الطريقة الأكثر أمانًا لكي تعمل حماية القطيع بين السكان.
  • لا زال البحث جاريًا عن مضادَّات الفيروسات وغيرها من الأدوية لعلاج المرض.
  • لا يعرف العلماء ما إذا كان يمكنك الإصابة بالفيروس التاجي المُستجد أكثر من مرة.
  • يمكن للأشخاص الذين يصابون بفيروس كورونا المُستجد أن يعانوا من آثار جانبية خطيرة، والحالات الشديدة يمكن أن تؤدي إلى الموت.
  • لا يعرف الأطباء حتى الآن لماذا بعض الأشخاص يصابون بفيروس كورونا المُستجد بينما الآخرون لا.
  • الضعفاء من أفراد المجتمع، مثل كبار السن والأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض المزمنة، يمكن أن يمرَضوا بشدَّة إذا تعرَّضوا لهذا الفيروس.
  • على النقيض، فإن الأشخاص الأصحاء والأصغر سنًّا قد يصابون بالفيروس ويمرضون بشدة أيضًا.
  • قد يكون هناك عبئ كبير على المستشفيات ونُظُم الرعاية الصحية إذا العديد من الناس أُصيبوا بفيروس كورونا المُستجد في نفس الوقت.

حماية القطيع ضد فيروس كورونا المُستجد في المستقبل

يعمل العلماء حاليًا على لقاح لفيروس كورونا المُستجد، إذا حصلنا على اللقاح قد نكون قادرين على تطوير حماية القطيع ضد هذا الفيروس في المستقبل، وهذا يعني قلَّة عدد المصابين بالمرض من خلال التأكد من تطعيم غالبية سكان العالم.

تقريبًا كل البالغين الأصِّحاء، والمراهقين، والأطفال الأكبر سنًّا بحاجة إلى تطعيم لتوفير حماية للأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على اللقاح أو المرضى جدًا.

إذا تلقيت اللقاح وأصبح لديك مناعة ضد فيروس كورونا المُستجد، فإنك على الأغلب لن تصاب بالمرض أو تنقله.

لنلخِّص ما سبق:

مناعة القطيع هي حماية مجتمعيَّة أو جماعيَّة تحدث عندما يكون عدد كبير من السكان محصنًّا ضد مرض معيّن، ويمكن أن تساعد على وقف أو إبطاء انتشار مرض مُعدي مثل الحصبة أو إنفلونزا الخنازير.

الطريقة الآمنة للحصول على المناعة هي عن طريق التطعيم ضد المرض، يمكنك أيضًا الحصول على مناعة طبيعيَّة عن طريق الإصابة بالمرض وبناء استجابة مناعية له.

مناعة القطيع ليست الحل لوقف انتشار فيروس كورونا المُستجد. في حال الحصول على لقاح للفيروس، فإن حماية القطيع هي أحد الطرق التي تساعد على حماية الناس في المجتمع الذين هم عُرضة للمرض أو الذين لديهم جهاز مناعي ضعيف.

 

المصدر :

Herd Immunity: What It Means for COVID-19 [Internet]. Healthline. [cited 2020 Apr 17]. Available from: https://www.healthline.com/health/herd-immunity

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي