كيف تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي على الثقة بالنفس؟

استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يضر الثقة بالنفس

لطالما كان هناك نقاش محتدمٌ عما إذا كان استخدام مواقع التواصل الاجتماعي مضر بالصحة النفسية، فتجد معظم الدراسات أنها نوعًا ما غير ضارة، في حين أن البعض يشير إلى أنها يمكن أن تكون مدمرة للغاية. ومازال هناك آخرون يرجحون أن أثرها يعتمد على الطريقة التي يستخدم بها الناس هذه المنصات.

ويضيف بحث جديد أجرته المجلة العلمية الاختلافات الشخصية والفردية بعض وجهات النظر، نحن في أمس الحاجة إليها، إلى هذا النقاش المستمر. وعلى وجه التحديد، حلل فريق من الباحثين بقيادة أليسا سيفو (Alyssa Saiphoo) بجامعة رايرسون (Ryerson University) بمدينة تورونتو النتائج التراكمية لمئة وواحد وعشرين (121) دراسة ليروا إذا بالإمكان الإجماع على رأي واحد بشأن العلاقة بين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والثقة بالنفس.

تقترح النتائج أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على الأرجح يسبب أضرارًا أكثر مقارنة بفوائدها.

وقالت سيفو وفريقها: «إن شهرة مواقع التواصل الاجتماعي حثت الباحثين على دراسة العلاقة بين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والمتغيرات النفسية بمختلف أنواعها، من بينهم الثقة بالنفس» إضافة إلى ذلك: «على الرغم من أن هناك عدد كبير من الوثائق والنظريات العلمية والتجارب التي تدعم العلاقة بين هذان العاملان، فإن الاستنتاجات مختلطة. […] إجمالًا، وجدنا علاقة صغيرة ومهمة وسلبية بين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والثقة بالنفس وهي: ارتفاع معدلات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يصاحبه انخفاض مستويات الثقة بالنفس.»

وللوصول لهذا الاستنتاج، جمعت سيفو وفريقها دراسات عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والثقة بالنفس خلال العقدين الماضيين، حيث قُدِرَت هذه الدراسات إلى حوالي 121 دراسة و91462 عملية رصد للمشاركين. وبعد ذلك، أحصى الباحثون متوسط العلاقة بين الثقة بالنفس واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي خلال المئة والواحد والعشرين (121) دراسة، حيث وجدوا أن القيمة بالسالب (r= -0.08)، والذي يعني أن ارتفاع معدلات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يصاحبه انخفاض مستويات الثقة بالنفس. («r» تعني لغة البرمجة آر، فهي بيئة برمجية إحصائية للتنهيج والرسم –المترجم)

يخمن الباحثون أن هذا يرجع إلى بعض العوامل المختلفة. أولًا، يرجح الباحثون أن الأشخاص الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي قد يفعلون ذلك على حساب علاقتهم الشخصية، وهذا يعني أن الأشخاص يقايضون علاقاتهم الواقعية والقوية والداعمة بعلاقات أكثر افتراضية وضعفًا. ويرجح أيضًا الباحثون أن الأشخاص ذي ثقة بالنفس منخفضة قد ينغمسوا في استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي لتجنب التجارب الواقعية غير المريحة والغريبة. وكتب الباحثون عن هذا الموضوع قائلين:

«يمكن للأفراد ذو المعدل المنخفض في الثقة بالنفس أن يكتسبوا علاقات أكثر على الأنترنت؛ لأنهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر حساسية في علاقاتهم مع أشخاص آخرين وأكثر اعتمادًا على الآخرين لأخذ موافقتهم في أي شيء، قد يكون هذا متعلقًا بمشاعر الإحراج في المواقف الاجتماعية وجهاً لوجه. لذلك، قد يكون التواصل على الإنترنت على مواقع التواصل الاجتماعي طريقة فعالة لخلق صداقات»

بالإضافة إلى ذلك، ربما قد يستخدم الأشخاص ذو ثقة بالنفس منخفضة مواقع التواصل الاجتماعي بطرق تثير المشاكل، على سبيل المثال، الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي أو الانخراط في مقارنات اجتماعية سلبية.

وهناك بعض النتائج المثيرة الأخرى التي ظهرت: فمن بين المناطق الأربعة التي أُجريت عليها التحاليل وهي: أسيا وأستراليا وأمريكا الشمالية وأوروبا، وجد الباحثون أن العلاقة السلبية بين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والثقة بالنفس تكون في ذروتها في أستراليا وفي أضعف حالاتها في أمريكا الشمالية. ووجدوا أيضًا أن الأشخاص الذين يستخدمون العديد من شبكات التواصل الاجتماعي هم الأسوء حالًا  مقارنة بالأشخاص الذين يستخدمون منصة الفيسبوك فقط. بالإضافة إلى ذلك، أبدى الأشخاص الذين أظهروا استخدام يثير المشاكل لمواقع التواصل الاجتماعي انخفاضًا أكبر في مستوى الثقة بالنفس على مستوى جميع المجموعات المقاسة.

يتوقع الباحثون ألا تنتهي القصة إلى هذا الحد. في الواقع، هم يؤمنون بأن هناك فوائد لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لم تعالج معالجةً كافيةً. ويقولون أيضًا: «على الرغم من أن حجم تأثيرنا كان مهمًا ومتسقًا بوجود النظريات العلمية حيال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والثقة بالنفس، فإن التأثير على أرض الواقع لا يزال ضئيلًا، التي تشير إلى أن هذه العلاقة ليست قوية على وجه التحديد. وبسبب ذلك، من المهم الأخذ في الاعتبار الافتراضات البديلة: ارتفاع معدلات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يصاحبه انخفاض مستويات الثقة بالنفس. […]، وتُسلط هذه الاستنتاجات الضوء على الحاجة إلى مزيد من التحقيقات الأكثر دقة بشأن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، لا سيما الاستخدام الإيجابي لها.»

 

المصدر

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي