يعجُّ تاريخ أوروبا الفني بالمدارس الفنية المختلفة؛ فما يكاد قرنٌ ينصرم إلا وتظهر فيه مدارس فنيةٌ مختلفةٌ ومتضاربة. ويرجع ذلك إلى رفضهم التقليد وكراهيتهم للجمود، فالأفكار عندهم تدور كالرحى، لا استقرار لها ولا ثبات. لذلك قال ألان باونيس:
“الفن صنيعة الأفراد، ولـكنه تعبيرٌ عن المـكان والـزمان”.
لم تَبرأ مرحلة “الكلاسيكية الحديثة ” من سُنّة المدارس الفنية في أوروبا، حيث أنها خرجت من رحم المدرسة “الكلاسيكية”
بعد الثورة الفرنسية التي أطاحت بنظام ملكي مستبد. لذلك تُعَد تلك الحركة ثورةً على النظام الفني الذي ساد أوروبا في القرن السابع عشر، حيث وُجد دافعٌ قوي للتنقيب في فنون الحضارات القديمة وترْك الأناقة المصطنعة في فن الروكوكو الذي كان يخدم ذوق البلاط.
لا يمكننا أن نذكر مرحلة “الكلاسيكية الحديثة” دون ذِكر مؤسسها “جاك لويس دافيد/Jacques-Louis David ” فقد كان ممثلًا للذوق الرسمي للثورة الفرنسية، لدرجة أنه اختير لتنظيم الاحتفال الشعبي للثوار عام 1790 الذي يوافق 14 يوليو. ويشتهر عنه النفوذ السياسي القوي لدرجة أنه ممن صوّتوا على اقتراع إعدام الملك لويس.
بدأت حياته في عام 1748 وانتهت 1825. ترك باريس لدراسة الفن القديم في روما، وكانت أعماله على الطراز اليوناني والروماني، حتى عاد إلى باريس في عام 1780.
سمات المدرسة الكلاسيكيَّة الحديثة
- في التصوير هناك قصةٌ أو موضوع.
- لابد ان يكون للقصة هدفٌ نبيل أو موضوعٌ أخلاقي “مثالية الهدف”
- وجود الظل والنور في الرسم.
- الملابس ينبغي أن تكون كالرومانية القديمة، أو أجساد عارية.
هذه السمات تظهر جليةً واضحة في لوحة “موت سقراط” للفنان جاك لويس دافيد:
- حيث توجد القصة أوالموضوع، وهو “الثبات على المبدأ” و “حب الوطن” ، عندما اتهمت حكومة أثينا سقراط بأنه يهين الآلهة ويفسد عقائد الشباب بأفكاره المسمومة، وخُيّر بين الموت والنفي خارج الوطن، فاختار الحكيم الموت في أرض منشأة، عن طريق تجرّع كأسٍ من السُّم وفاضت روحه في الحال.
- وجود الظل والنور في الرسم: حيث يظهر وجه سقراط منيرًا كالبدر، وهذه دلالةٌ على خلوده. بينما يغمر تلاميذَه الحزن، ويظهر ذلك جليًّا من توزيع الظلام على وجوههم، ويدل ذلك على عجزهم أمام تلك المحنة.
وبالطبع نرى الأزياء اليونانية في الصورة التي تُعَد من سمات تلك المرحلة.
يبدو أن ديفيد أراد أن يوصِّل لنا رسالةً هامة، ألا وهي إيقاظ النفوس ودفعُها نحو البذل والتضحية من أجل ما تؤمن به من معتقدات. وهذا يُظهر سمةً أخرى من سمات الكلاسيكية الحديثة، ألا وهي: ضرورة أن يكون للقصة هدفٌ نبيل أو موضوعٌ أخلاقي.
وقد اتّبع الكثير من الفنانين هذا الأسلوب، منهم: ( فريدريك لايتن/Frederic Leighton )، و(جان أوغست دومينيك آنغر/Jean-Auguste Dominique Ingres) وغيرهما ممّن أثْروا الفن بلوحاتٍ في غاية الروعة، اشتهر منها:
- الحمام التركي (le Bain turc) 1863-1859م – متحف اللوفر
- الجارية الكبيرة (Grande Odalisque) 1814م – متحف اللوفر
- الأم والطفل (Mother and Child) 1865م
______________________________________
المصادر :
http://sc.egyres.com/Ms0zq
http://sc.egyres.com/osEoG
http://sc.egyres.com/bCMB0
__________________________________
إعداد: أحمد فوزي
مراجعة لغوية: عمر المختار