«ياما الحب نده على قلبي، مردش قلبي جواب» لم يُخطيء قلبك يا كوكب الشرق! فنحن عندما نقع في الحب، نقع بعقولنا أولًا.. ثم يتأثر القلب بعد ذلك. إنها الكيمياء يا عزيزتي. كثيرًا ما نسمع جملة هذين الشخصين بينهما «كيمياء» فهل للكيمياء دور فعلًا؟ هذا ما سنتعرف عليه في الفقرات التالية، هل أنت مستعد للتعرف على هرمون الحب؟
في البداية.. ما هو هرمون الحب (أوكسيتوسين-Oxytocin)؟
الأوكسيتوسين يظهر في جسم الإنسان في مشهدين، الأول: بكونه هرمون. والثاني: بدوره ناقل عصبي.
يقوم المخ بإنتاجه تحديدًا في (منطقة تحت المهاد-Hypothalamus)، ثم يقوم بإفرازه المايسترو القائم بمعظم العمليات الهامة في جسم الإنسان «الغدة النخامية» فيحدث تأثيره في الدم. ومن هنا، يبدأ تأثيره بالظهور عند انتقاله عبر الدم.
يتكون الأوكسيتوسين من تركيب كيميائي مُعقد، ويدخل في هذا التركيب ثمانية أحماض أمينية، وتُكتب صيغته الكيميائية على الشكل (C43H66N12O12S2).
ما الذي يفعله بك الأوكسيتوسين؟
يُطلق عليه هرمون الحب، لأنه يأخذ دور البطولة في العلاقات الإجتماعية، مثل علاقة الأم بوليدها، وعلاقة الزوج بزوجته، وكل العلاقات التي تتغلب عليها مشاعر الحب، بل ويُطلق عليه أيضًا هرمون العِناق.
هرمون الأوكسيتوسين والنساء!
هل سألت نفسك لماذا تتحمل الأم كل هذا الألم البالغ أثناء الولادة؟ وكيف تأتي بكل هذا الحب عند احتضان وليدها للمرة الأولى؟ تكمن الإجابة في كلمة واحدة وهي «الأوكسيتوسين».
يلعب هرمون الحب دورًا هامًا في بقاء الجنس البشري، فهو كلمة السر قبل ولادتك بساعات قليلة، والسر نفسه في حب أمك لك وتحملها لكل هذه الآلام الشديدة أثناء ولادتك بل وبعدها أيضًا. يبدأ إفراز الأوكسيتوسين أثناء الولادة، وذلك ليعمل على انقباض عضلات الرَحم حتى يُسهل عملية الولادة.
تتلألأ عين الأم بدموع الفرحة والحب بمجرد رؤية وليدها، ثم تقوم بإرضاعه، فيظل الأوكسيتوسين معها في هذه المرحلة أيضًا، فهو يُحفز خروج الحليب من ثدي الأم لتعطي لرضيعها زاد الحياة، ليست الحياة فقط، بل جرعات متتالية من الحب تنشأ بينهما، كلما أرضعته أكثر كلما رعاهما الأوكسيتوسين أكثر بكل الحب والحنان والروابط القوية.
هل يمتلك الرجال هرمون الحب أيضًا؟
بالطبع نعم! ألم تهيم ذات مرة لصوت عبد الوهاب والعندليب وغيرهم بسبب كَم مشاعر الحب الموجودة في أغنياتهم؟ لم يكن كل ذلك مجرد كلمات تُزينها ألحان، فالرجل مثل المرأة تمامًا في وجود الأوكسيتوسين، ولكن ليس وحده هو من يُعزز غريزة الحب عند الرجال، هناك هرمون آخر يُدعي (Vasopressin) له اليد العليا في هذه الكيمياء الغرامية!
في دراسة أجريت سنة 2012، قاموا بإحضار مجموعة من الرجال، وأعطوا مجموعة منهم جرعة من هرمون الأوكستوسين، ومجموعة لم تعطَ من هذا الهرمون، وجدوا أن المجموعة الحاصلة على جرعة هرمون الحب قاموا باللعب مع أبنائهم البالغين من العمر خمسة أشهر، وتطورت العلاقة بينهما، فكان اللعب بعاطفة واهتمام أكبر من المجموعة التي لم تُعطَ الأوكسيتوسين.
هرمون الحب والحب…؟
في نفس العام 2012 أجريت دراسة ولكن من نوع آخر، كانت على مجموعتين من الأفراد، بعضهم دخل في علاقة عاطفية حديثًا والآخر لا. وجدوا أن نسبة هرمون الأوكسيتوسين عالية في المجموعة التي في علاقة عاطفية مقارنة بالمجموعة العزباء. وعلى نفس النهج، وجدوا أن هرمون الحب يُحافظ على ذروته في أول 6 أشهر لدى الأزواج المتزوجين حديثًا، وأنه من أسباب العلاقة الزوجية السعيدة، حيث أن له دور مهم في العلاقة الحميمية بين الزوجين.
ولكن..
لا يُعطي هرمون الحب تأثيره من تلقاء نفسه، فهو قائم على تبادل المشاعر والاهتمام بين الطرفين، ومثله مثل باقي الهرمونات، إذا وُجد الحافز وُجد الهرمون فيوجِد التأثير المطلوب.
وكما أن له تأثير على العلاقة الزوجية، يعمل الأوكسيتوسين على تحسين العلاقات الإجتماعية أيضًا.. تخيل سريان هذا الهرمون في مجرى دمك؟ ستنعم بيوم هادئ مليء بالمشاعر الإيجابية، وليس ذلك فقط، بل يقوم بتقليل التوتر وتحفيز الاسترخاء وشعورك بالثقة أيضًا!
مع كل هذه الفوائد، هل يمكنني شراء هذا الهرمون والتمتع بالحب وقتما أشاء؟
سؤال منطقي، ولكن ليس بالصورة الصحيحة. بالرغم من كل الفوائد والمشاعر الإيجابية التي يجلبها الأوكسيتوسين، إلى أنه لا يُمكنك تناوله وقتما تشاء، فهو ليس علاج للصداع! لأن استخدامه يجب أن يكون تحت إشراف طبيب، وليس بوصفه لك فقط، بل وتحت ناظريه.
هل سمعت عن «الطَلق الصناعي»؟
في حالات الولادة المتعثرة، يتم إعطاء الحامل هرمون الأوكسيتوسين تحت مسمى( Pitocin) وذلك ليقوم بعمل انقباضات لبطانة الرحم، وذلك تسهيلًا لخروج روح جديدة إلى أنوار الحياة البهيجة.
الأوكسيتوسين والتوحد، هل هناك علاقة؟
في سنة 2013 أجرى بعض العلماء بحث مُصغر ضم حوالي سبعة عشر طفلًا، وقاموا بإعطائهم جرعة من الأوكسيتوسين، وجدوا أن سلوك هؤلاء الأطفال أصبح أكثر ودًا وأصبحوا قادرين على التواصل بشكل أفضل مع المجتمع.
بأي طريقة يتم التحكم في هرمون الحب؟
يتعامل هرمون الحب بالكثرة، بمعنى أنه كلما حدث لك مؤثر ما، عمل هذا المؤثر على تحفيز إفراز الأوكسيتوسين، يبدأ تأثيره بالتزايد حتى ينتهي دور الحافز في الجسم. لذلك ترى الحامل عند الولادة، تعاني من آلام الانقباضات الرحمية، حتى يختفي صوت صرخاتها مع أول صرخة لوليدها، وهنا ينتهي دور الأوكسيتوسين، ويبدأ مرحلة أخرى في الرضاعة. يُعرف هذا الأسلوب من التحكم بإسم (Positive feedback mechanism)
وفي النهاية..
الحب من أعظم الأحاسيس الفطرية التي خلقها الله تعالى في الإنسان، ولذلك يجب علينا الحفاظ عليه من التشوه، والتعامل مع كل من حولنا بكل الحب والمودة، لننعم بهرمون حب متوازن.
إعداد: Shaimaa Afifi
مراجعة: Amira Esmail
المصادر: