هل اكتشفنا القوة الخامسة للطبيعة؟
يعتقد فريق من علماء الفيزياء النظرية أنه يوجد قوة خامسة من الممكن أن تفسر حالة شاذة رُصدت في تجربة فيزياء نووية. أذا كان هذا صحيحًا، فإن هذا الاكتشاف يمكن أن يكون له آثار إيجابية كبيرة لفيزياء الجسيمات و(المادة المظلمة – Dark matter)، ولكن هذا مجرد تخمين حتى الأن.
وقد عمل بعض علماء الفيزياء في «المجر» على تجربة العام الماضي، فقد كانوا يراقبون التآكل الإشعاعي لذرات البريليوم ۸ا المنشطة، ولكن عندها رأوا شيئًا غريبًا. هذه الذرات تتخلص من طاقتها الزائدة عن طريق الإفراج عن فوتونات (وهي حزم من طاقة) ذات طاقة عالية، والتي بدورها تنتج فورًا زوجًا من الإلكترون والبوزيترون (وهو إلكترون موجب الشحنة) ليتحركوا في نفس الاتجاه معًا. ولكن الغريب في هذه التجربة أنه لاحظ الفريق احتمال مرة كل مليون لعملية التآكل أن الجسيمان (الإليكترون والبوزيترون) الناتجين عن تنشيط البريليوم ۸ يتحركان في اتجاهين متعاكسين.
لم يستطع الفريق أن يفسر البيانات باستخدام أي ظواهر فيزيائية معروفة، رغم ذلك أدرك العلماء أن نوى البريليوم ۸ المنشطة بين الحين والأخر تفرج عن جسيمات جديدة (غير مدرجة في النموذج القياسي للفيزياء) بدلاً من الفوتونات العادية. بعد ذلك تنتج هذه الجسيمات الجديدة ازواجً من الإليكترونات والبوزيترونات التي تسرع بعيداً في اتجاهين متعاكسين (زاوية ۱٤۰ درجة بين الاتجاهين).
وفي ورقة نشرت لخادم (arXiv) لما قبل الطباعة الأسبوع الماضي، تعمق جوناثان فينغ (جامعة كاليفورنيا في ايرفين) وزملاؤه بالنتيجة خطوة أخرى للأمام. وعلى الرغم من أن النتائج تشير أيضًا إلي أن الملاحظات هي نتيجة لجسيمات جديدة، ولكن النتائج في هذه الحالة التي يكون فيها الجسيم أثقل من الإلكترون ثلاثون مرة. يظن جوناثان وزملاؤه أن هذه الجسيمات الجديدة التي اُعطي لها اسم (Protophopic X boson) وتنتمي لجزيئات ال(gauge bosons) أن تكون تحت تأثير قوةٍ ما نظراً لثقلها المهول بالنسبة لثقل الفوتونات العادية بدون أي تأثير.
وهنالك المزيد، فيعتقد فينغ وزملاؤه أن القوة التي تحملها تلك الجسيمات لا تنتمي للقوى الأساسية الأربعة (الجاذبية، الطاقة الكهرومغناطيسية، الطاقة النووية الصغرى والكبرى) في عالمنا الفيزيائي الذي نعرفه، وأنها من الممكن أن تكون قوة ظلامية التي بإمكانها التفاعل مع المادة المظلمة وبإمكانها تفسير كل هذه الأسئلة الغامضة عن تكوين المادة المظلمة. فتخيل إذا استطعنا أن نتحكم في هذه القوة واستخدامها لصالحنا مثل ما استخدمنا طاقة النووية والجاذبية وبالتأكيد الطاقة الكهرومغناطيسية التي تستخدم في كل مكان. تخيل أن ندرك تكوين وخواص المادة والطاقة المظلمة التي تكون ۸٥% من هذا الكون العجيب الذي لا نعي أوله ولا أخره، فبالكاد إذا استطعنا فهم هذه القوة الخامسة واثباتها فسننتقل بهذا العلم لزمن آخر من المعرفة والتكنولوجيا.
ولقد اكد فينغ و زملاؤه أن هذه الفوتونات الشاذة التي تبلغ كتلتها 17 Mev (MegaElectronVolts)من المستحيل أن تكون مواد مظلمة ولكن لا يمنعها من أن تكون متأثرة بقوة ظلامية قصيرة المدى الذي يظهر تأثيرها لمسافة أضعاف قليلة من قطر النوى. ويؤكد أن كل هذه النتائج موثوقة حيث أن فينغ وزملاؤه قاموا بإعادة هذه التجربة عشرات المرات لمدة ثلاث سنوات. ويقول فينغ أن فريقه يقوم بالفعل بالبحث عن فوتونات شاذة أخرى لفهم هذه القوة الخامسة المؤثرة عليها ولكنه يقول أن Protophopic X boson هو الاحتمال الأقرب لحل هذه الأحجية الآن.
أخيرًا وليس آخرًا، فلايزال يبحث العلماء عن أي وسيلة للربط بين هذه الجسيمات الشاذة عن الفوتونات المألوفة وبين المادة المظلمة بحيث من الممكن رصد أي نتائج أو تغيرات أو تأثيرات لهذا التفاعل بين الجسيمات والمادة المظلمة التي من الممكن أن تظهر لنا طريق النور الي هذه الجسيمات والمواد المظلمة. ولكن هذه مجرد نظرية ومن الممكن أن تكون القوة الخامسة للطبيعة مجرد فكرة، فكما يقول عالم الفيزياء (فورنال – Fournal) بجامعة كاليفورنيا، أنه لا يوجد أي إجابات مؤكد منها حتى الآن لوجود قوة خامسة للطبيعة. ومن الممكن أن يكون هناك خطئ ما في التجربة أو من الممكن أن يكون هناك بعض الخبايا أو الأسرار في علم الفيزياء النووية التي لا نفهمها حتى الآن.
المصادر:
http://www.skyandtelescope.com/astronomy-news/fifth-force-permeate-universe08182016/
https://arxiv.org/abs/1608.03591
http://www.nature.com/news/has-a-hungarian-physics-lab-found-a-fifth-force-of-nature-1.19957