علم الاقتصاد هو مجال الدراسة الذي أصبح ذات أهمية متزايدة في عالمنا الذي هيمنت عليه العولمة والتحولات المالية. ويعتبر الاقتصاد جزء من وعينا الجماعي والكلمة الرنانة التي تربط التمويل الشخصي مع الأعمال التجارية الكبيرة وصفقات التجارة الدولية. حيث يتعامل علم الاقتصاد مع الاختيار الفردي، ولكن أيضًا مع المال والاقتراض، والإنتاج والاستهلاك، والتجارة والأسواق، والعمالة والمهن، وتسعير الأصول، والضرائب، وأكثر من ذلك بكثير.
ولكن ما هو تعريف الاقتصاد؟
يعتبر الاقتصاد دراسة لكل ما يمثل السلوك البشري في السعي إلى تلبية المتطلبات والاحتياجات في ظل عالم مليء بالموارد النادرة. بعبارة أخرى، يحاول علم الاقتصاد تفسير كيف ولماذا نحصل على الأشياء التي نريدها أو نحتاجها للعيش؟ وما نصيبنا من هذه الأشياء؟ ومن يحصل على المزيد؟ وكيف صٌنعت هذه الأشياء؟ هذه هي الأسئلة والقرارات التي يهتم بها الاقتصاد.
بصفتك فردًا، على سبيل المثال، تواجه دائمًا مشكلة وجود موارد محدودة لإشباع متطلباتك واحتياجاتك. ونتيجةً لذلك، فيجب عليك اتخاذ بعض القرارات فيما يخص أموالك – أي ما يجب إنفاقه وما لا يجب إنفاقه، ومقدار ما ستوفره للمستقبل- فمن المحتمل أن تنفق جزءً من راتبك على الضروريات مثل الإيجار، وفاتورة الكهرباء، والملابس، والمواد الغذائية. ثم يمكنك استخدام المتبقي للذهاب إلى الأفلام أو تناول الطعام خارج المنزل أو شراء هاتف ذكي. يهتم خبراء الاقتصاد بالخيارات التي تأخذها، ويتحققون من الأسباب التي قد تدفعك، على سبيل المثال، إلى إنفاق أموالك على جهاز إكس بوكس جديد بدلًا من استبدال حذائك القديم. ويدور جوهر علم الاقتصاد حول فهم الكيفية التي يتصرف بها الأفراد والشركات والأمم ككل استجابة لبعض القيود المادية.
وكان كتاب «بحث في طبيعة ثروة الأمم وأسبابها» عام (1776) لـ(آدم سميث-Adam Smith)، الفيلسوف ومؤسس علم الاقتصاد الحديث، هو أول محاولة تفصيلية كاملة لفهم سبب ازدهار بعض الدول بينما عانى الآخرون من انتشار الفقر على نطاق واسع. وقال أيضًا بأن الأفراد الذين يعملون لمصلحتهم الذاتية يمكن أن يخلقوا مجتمعًا مستقرًا من خلال آلية يسميها اليد الخفية للسوق. ومع ذلك، لم يكن سميث أول من كتب عن المسائل الاقتصادية. كتب علماء آخرون عن ما كان يُعرف آنذاك بالاقتصاد السياسي قبل كتاب «ثروة الأمم»، لكن آدم سميث كان من أوائل العلماء الذين حددوا التغيرات الاقتصادية الفريدة التي رافقت نشأة الصناعة والإنتاج الرأسمالي. تبع أعمال سميث كتاب «مبادئ الاقتصاد السياسي والضرائب» عام (1817) للاقتصادي البريطاني (دافيد ريكاردو-David Ricardo)، ثم تبعه (كارل ماركس-Karl Marx) في كتابه «العاصمة» عام (1867). فلقد سعى كل واحد من هؤلاء المؤلفين إلى شرح كيفية عمل الرأسمالية وما تعنيه بالنسبة للمنتجين والعاملين في الرأسمالية.
فماذا تعني كلمة اقتصاد إذًا؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال بالتفصيل، نحتاج أولًا إلى أن نسأل بعض الأسئلة الهامة. على سبيل المثال، ما هو الاقتصاد؟ وعندما نسمع أن «الاقتصاد ينمو» أو أن «الاقتصاد يعمل بشكل سيء»، ماذا يعني ذلك؟ على نحوٍ تجريدي، الاقتصاد هو نظام موجود لإنتاج وتزويد الناس في المجتمع بالسلع والخدمات التي يحتاجونها للعيش. يمكن أن يزداد حجم هذا النظام كلما زاد عدد السكان أو كلما ازداد السكان ثراءً. يقيس الاقتصاديون في كثير من الأحيان حجم الاقتصاد بمقاييس مثل إجمالي الناتج المحلي (GDP)، وهو المقياس الذي يقاس به قيمة جميع السلع والخدمات التي تنتجها بلد ما في عام واحد.
أنواع النظم الاقتصادية
يتم تعريف أنواع النظم الاقتصادية إما بالطريقة التي يتم بها إنتاج الأشياء أو عن طريق تخصيص تلك الأشياء للناس. على سبيل المثال، في المجتمعات الزراعية البدائية يميل الناس إلى الإنتاج الذاتي لجميع احتياجاتهم ورغباتهم على مستوى الأسرة أو القبيلة. فيزرعون محاصيلهم الخاصة، ويصطادون غذائهم، ويصممون ملابسهم الخاصة، ويخبزون خبزهم الخاص، وما إلى ذلك. ويعرف هذا النظام الاقتصادي بالاكتفاء الذاتي ويتميز بعدد قليل جدًا من العمالة. ففي مثل هذا المجتمع البدائي، لم يكن مفهوم الملكية الخاصة موجودًا عادة حيث أن احتياجات هذا المجتمع ينتجها الجميع من أجل الجميع. ولكن مع تطور المجتمع، ظهرت نظم اقتصادية قائمة على الإنتاج حسب الطبقة الاجتماعية مثل الإقطاعية والاسترقاق.
ثم ظهرت الرأسمالية مع ظهور الصناعة، تُعرّف الرأسمالية على أنها نظام للإنتاج يقوم بموجبه أصحاب الأعمال (الرأسماليون) بإنتاج سلع للبيع من أجل تحقيق الربح وليس للاستهلاك الشخصي. في الرأسمالية، يمتلك الرأسماليون الأعمال بما في ذلك الأدوات المستخدمة للإنتاج وكذلك المنتج النهائي. يتم توظيف العمال مقابل أجر، ولا يمتلك العامل الأدوات التي يستخدمها في عملية الإنتاج أو المنتج النهائي عندما يكتمل. إذا كنت تعمل في مصنع للأحذية وترتدي حذاءً في المنزل في نهاية اليوم، فهذا سرقة حتى وإن كنت قد صنعته بيديك. وذلك لأن الاقتصادات الرأسمالية تعتمد على مفهوم الملكية الخاصة للتمييز بين من يملك ماذا. يعتمد الإنتاج الرأسمالي في الأساس على السوق لتوزيع وبيع البضائع التي يتم إنتاجها.
هناك أيضًا بديلان للإنتاج الرأسمالي وهما:
الاشتراكية وهي نظام اقتصادي يمتاز بملكية العمال الجماعية للأعمال التجارية، وأدوات الإنتاج، والمنتج النهائي، ويشتركون في الأرباح بدلًا من امتلاك أصحاب الأعمال الذين يحتفظون بالملكية الخاصة لكل الأعمال التجارية، ويستأجرون العمال مقابل الأجور. غالبًا يهدف الإنتاج الاشتراكي إلى الربح ويستخدم السوق لتوزيع السلع والخدمات.
الشيوعية هي نظام للإنتاج حيث تنعدم فيها الملكية الخاصة، تسود فيها الملكية المشتركة ويمتلك الشعب فيها أدوات الإنتاج. لا تستخدم الشيوعية نظام السوق، ولكنها تعتمد بدلًا من ذلك على التخطيط المركزي الذي ينظم الإنتاج ويوزع السلع والخدمات للمستهلكين بناءً على حاجاتهم.
إعداد : نهى فتحي
مراجعة علميّة: شيرين صبيح
مراجعة لغوية: حمزة مطالقة
المصادر:
[1]Economics Basics. Available from: https://www.investopedia.com/university/economics/
[2] Economics Basics: What Is Economics? . Available from: https://www.investopedia.com/university/economics/economics1.asp