هل يمكن للألم النفسي الناتج عن علاقة عاطفية أن يؤدي إلى الموت؟ متلازمة القلب المكسور

love

الموت بسبب الألم النفسي الناتج من علاقة عاطفية هو أكثر من كونه مجرد أسطورة، توجد بالفعل حالة تُسمّى: اعتلال عضلة القلب تاكوتسوبو (Takotsubo cardiomyopathy) وتُسمَّى أيضًا بمتلازمة القلب المكسور، وهي حالة شخصها للمرة الأولى باحثون يابانيون منذ أكثر من عشرين سنة مرت، وجذبت الكثير من الانتباه في الدول الغربية في العشر سنوات الأخيرة، تاكوتسوبو يُؤثِّر بشكلٍ مؤقت على قدرة القلب على ضخ الدم بكفاءة، وعند حدوث هذا تظهر على الشخص نفس أعراض الأزمة القلبية، بما في ذلك آلام الصدر وضيق التنفس- وبشكل أقل شيوعًا- يمكنه أن يؤدي إلى الموت.

رغم أن أعراض الأزمة القلبية هي نفس أعراض اعتلال التاكوتسوبو، إلّا أن أسباب كل منها مختلفة، ففي حين أن سبب الأزمة القلبية هو حدوث انسداد في أحد الشرايين التاجية التي تٌغذِّي عضلة القلب، ما زلنا لا نعرف بشكلٍ واضحٍ تمامًا الآلية الدقيقة التي تُسبِّب حدوث التاكوتسوبو.

يَتعلَّق اعتلال التاكوتسوبو بحدوث أنماط من انكماش غير طبيعي يحدث للبطين الأيسر؛ حجرة الضخ الرئيسية في القلب، ولا يحدث بسبب انسداد الشرايين التاجية. يتم دراسة هذه الحالة بشكل مُوسَّع على مستوى العالم، ولكن المُسلَّم به عمومًا في المجتمع العلمي هو أن جزءً من مسؤولية هذا الخطأ يقع على هرمونات الإجهاد مثل هرمون الأدرينالين.

ما الذي يُسبِّب متلازمة القلب المكسور؟

يسبق معظم حالات التاكوتسوبو تعرض الشخص لضغوطات نفسية أو جسدية شديدة. وقد كان أول تشخيص لهذه الحالة لسيدة عانت من أزمة عاطفية سببت لها صدمة، مثل وفاة الزوج. ومن هنا جاء الاسم الشائع لهذه الحالة (متلازمة القلب المكسور).

ترتبط بالتاكوتسوبي أنواع مختلفة من الضغوطات النفسية، بداية من تلك التي قد تبدو تافهة، وحتى تلك الأحداث شديدة الوطأة التي تُغيِّر من مجرى حياة الشخص.

فمن أمثلة الضغوطات النفسية الشائعة موت الزوج أو الزوجة أو أحد أفراد العائلة الذي يعني كثيرًا للشخص، الجدالات أو النزاعات العائلية، أو حدث سيء يرتبط بالعمل، أو الإصابة بمرض نفسي، أو فقدان الممتلكات، أو فقدان حيوان أليف، أو ذكرى سنوية لموت شخص أو لأحداث اجتماعية أو بيئية صادمة مثل ذكرى حرب أو زلزال أوفيضان.

أما الضغوطات البدنية الشائعة التي تُسبِّب التاكوتسوبو فتشمل الإصابة بمرض حاد أو صدمة أو سكتة دماغية أو صرع أو التعرُّض لحرارة عالية (الإجهاد الحراري)- عندما تُشَخَّص مع وجود أمراض أخرى مثل السرطان ومع الولادة.

تبدو قائمة الضغوطات التي لها صلة بالتاكوتسوبو لا نهائية، من بين آلاف الحالات التي تم تسجيلها لهذه الحالة، يبدو وكأن أي شيء تقريبًا يمكن أن يسبب التاكوتسوبو مادام يسبب ضغطًا على الفرد.

يُفترض أيضًا أن التاكوتسوبو يمكن أن يحدث مع الاستجابات العاطفية للأحداث السعيدة.

من هم المعرضون للإصابة بمتلازمة القلب المفطور؟

وفقًا لأحد الأبحاث يظهر أن متلازمة القلب المفطور غالبًا ما تُصيب النساء بعد سن اليأس. نحو 90% من حالات التاكوتسوبو تم تسجيلها لسيدات بين سن الخامسة والستين والسبعين، وحيث أصبح معترفًا بهذه الحالة على نطاقٍ واسع، تم الإبلاغ عن حالات في الفئات العمرية الأخرى، تشمل النساء الأصغر عمرًا والرجال، وحتى الأطفال.

لا يبدو واضحًا بعد لِمَ النساء هن الأكثر عرضة للإصابة بالتاكوتسوبو، أو لماذا يصيب هذا الاعتلال بعض الأشخاص دون البعض الآخر كاستجابة للتعرض للإجهاد -النفسي والجسدي-، يمكن أن يكون للأمر علاقة بأن البعض منا لديه مرونة نفسية أقل في مقاومته للضغط والإجهاد، ولكن بدلًا من ذلك، قد يكون السبب هو عامل جسدي لدى بعض الناس هو الذي يسبب هذه الآثار؛ مثل عدم قدرة الجسد على التأقلم والتكيف مع الزيادة المفاجئة في كميات هرمونات الإجهاد المفرزة عند تعرض الجسد لإجهاد أو لضغط ما.

كيف يُجرَى تشخيص الإصابة بمتلازمة القلب المكسور؟

عادةً ما تُشخَّص حالة القلب المفطور عندما يتم إسعاف شخص ظهرت عليه أعراض الأزمة القلبية ويجرى لهم تصوير للأوعية التاجية بأشعة إكس الذي يسمى angiography وهي خطوة تجرى لفحص وجود انسداد في الأوعية الدموية.

وخلال التصوير يجد الأطباء أن سبب هذه الأعراض ليس وجود انسداد في الأوعية التاجية، ولكنهم يلاحظون بدلًا من ذلك حدوث نوع من التقلص غير الطبيعي في البطين الأيسر.

يحدث التاكوتسوبو لـ 2 بالمائة من الأشخاص الذين يجرون تصوير الأوعية بأشعة إكس- angiography للاشتباه بحدوث نوبة قلبية، ولكنه ما من شك أن هذه هي حالة اعتلال عضلة القلب- تاكوتسوبو.

في الوقت الذي شُخِّصَت فيه أول حالة تاكوتسوبو في اليابان كان هناك قليلٌ من الاهتمام من قبل الدول الغربية بماهية ما اعتبروه ظاهرة نادرة في ذلك الوقت.

كما أنه لا يسهل وضع الإجهاد ضمن أسباب ظهور أمراض القلب والأوعية الدموية مثل عوامل الخطر الأخرى كضغط الدم ومستوى الكوليسترول والتقدم في السن وزيادة الوزن مما يمكن قياسها بدقة لتجاوز الخطر والعلاج. ولكن فهمنا غير الكامل للتاكوتسوبو يحد من قدرتنا على التعرف على كل الحالات التي يمكن أن يحدث فيها، يُمكن لاعتلال القلب المفطور أن يؤدِّي إلى الموت ولكن في حالات نادرة نسبيًا غالبًا ما تكون متزامنة مع مرضٍ آخر، الأخبار الجيدة هي أن معظم المرضى الذين يصابون بالتاكوتسوبو يتعافون بشكلٍ كامل خلال أسابيع قليلة، أحيانًا ما تحدث نوبات تكرار لهذه الحالة والتي لا يوجد لها علاج للوقاية منها حتى الآن.

العلاج:

العلاج المبدئي للتاكوتسوبو هو نفس علاج النوبة القلبية، ولكن عند التشخيص الكامل للحالة سيكون هناك بعض التغيرات في الأدوية المعطاة. أدوية تعرف بمثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (Angiotensin-Converting Enzyme- ACE) والتي تعمل على ارتخاء الأوعية الدموية، و(حاصرات مستقبلات بيتا – beta blocker) التي تتحكم في ضربات القلب وتقوم بخفض ضغط الدم المرتفع، وتستخدم هذه الأدوية عادة لتخفيف عبء العمل على القلب. ولكن في الوقت الراهن ليس من الواضح ما هي الأدوية الأكثر إفادة في علاج التاكوتسوبو أو المدة التي ينبغي استخدامها فيها.

هناك أدلة متزايدة على أن المشاعر السلبية مثل الضغط والاكتئاب والغضب والإحباط والفزع والخوف والقلق، جميعها ذات صلة بزيادة خطر ظهور مشاكل في القلب، وهي كذلك لها علاقة بحدوث نتائج أسوأ للأشخاص الذين لديهم مشاكل في القلب.

متلازمة القلب المفطور هي مثال آخر على التأثير العكسي للتعرض لضغط على الصحة، ومع زيادة الوعي بهذه الحالة وزيادة مستويات التعرض للضغط في مجتمعاتنا اليوم، فمن المُرجَّح أن نرى تزايد حالات TTC مع مرور الوقت.

ترجمة: Hanan Gamal

مراجعة: Mohamed Sayed Elgohary

تصميم: Ahmad E.jad

المصدر: http://sc.egyres.com/yqIuj

# الباحثون المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي