يسجّل التلسكوب اللاسلكي خللًا نادرًا في نبض نجم منتظم

capturedradi

النجوم النابضة هي عبارة عن نجوم نيوترونيَّة تدور بسرعة، وفي بعض الأحيان تُزيد فجأةً من معدل دورانها، هذا التغير المفاجئ في معدل الدوران يُسمى (خللًا)، كان جيم بالفريمان (Jim Palfreyman) جزءً من فريق سجل حدثًا واحدًا في النابض فيلا (Vela)، مع النتائج التي نُشرت في مجلة (Nature) يوم 12 أبريل؛ ما يقرب من %6-5 من النوابض معروفة بخلل، وربما النجم النابض “فيلا” هو الأكثر شهرة؛ فهو جسمٌ جنوبيّ يدور حوالي 11.2 مرة في الثانية، واكتشفه العلماء في أستراليا عام 1968.
يقع مُسْتَعّرٌ أعظم على بعد 1000 سنة ضوئية حدث منذ 11000 سنة تقريبًا، تزداد سرعة دوران هذا النابض فجأةً مرة كل ثلاث سنوات، هذه الأخطاء المفاجئة لا يمكن التنبؤ بها، ولا مرة رُصد واحدٍ منها حتى من خلال التلسكوبات الكبيرة كفاية لرصد النبضات الفردية.

لفهم ما تكون تلك الأخطاء؛ أولًا يجب أن نعرف مما يتكون النجم النابض.

النجوم المنهارة

في نهاية حياة النجم النموذجيّ، تَحدث واحدة من ثلاثة أشياء:
أولًا: إذا كان النجم صغيرًا في نفس حجم شمسنا، فسوف ينتهي بهدوء كما اندلاع الحريق.
ثانيًا: إذا كان النجم كبيرًا بما فيه الكفاية، سوف يحدث مُسْتَعرٌ أعظم (Supernova)، ستنهار البقايا بعد هذا الانفجار الهائل، فلو كان الجسم كبيرًا بما فيه الكفاية ستكون سرعة هروبه أكبر من سرعة الضوء، مما يؤدي إلى تَشكُّل ثقب أسود.

ثالثًا: إذا كان لديه حجمٌ نجميّ معتدل، سيكون كبيرًا كفاية ليكوّنَ مُسْتَعرًا أعظم، لكنْ صغيرًا كفاية ليشكل ثقبًا أسودًا، لذا سوف نحصل على نجم نيوترونيّ.

تكون الجاذبية قوية جدًا داخل النجوم النيوترونية لدرجة أنَّ الإلكترونات التي تدور حول الذرة يتم دفعها نحو النواة، فتتحد مع البروتونات في النواة لتشكّلَ نيوترونات؛ تُقدر كتلة هذه الأجسام بحوالي 1.5 كتلة الشمس، وقطر قدره 20 كم، أما بالنسبة للكثافة فإذا مَلأتَ كوبًا واحدًا من هذه المادة، سيُقدر وزنه بوزن جبل إفريست.

كما أنها تدور بسرعة وتُبطِئ تدريجيًا مع مرور الوقت بالإضافة إلى وجود مجال مغناطيسي هائل، ثلاثة تريليونات مرة مثل الأرض. الإشعاع الكهرومغناطيسي ينبعث من طرفي هذا المغناطيس الدوَّار الضخم.
الآن إذا حدث أنَّ أحد قطبي هذا المغناطيس الدوّار اجتاز الأرض، سنرى ضوءً موجزًا كالفلاش في موجات الراديو وتردداتٍ أخرى أيضًا مرة واحدة كل دوران، هذا ما يسمى بالنابض.

البحث عن الخلل

 في عام 2014، بدأت حملة مراقبة جدية مع التلسكوب اللاسلكي الخاص بجامعة تاسمانيا (Tasmania)، والذي يبلغ طوله 26 مترًا، في مرصد ماونت بليزانت  (Mount Pleasant Observatory)، وكان هدف الحملة الإمساك بخللٍ في النابض فيلا.

جمّع جيم فريمان بياناتٍ بمعدل 640 ميجا بايت بمعدل ملف كل 10 ثواني، لمدة 19 ساعة في اليوم، لمعظم الأيام على مدار أربع سنوات. وقد نتج عن ذلك 3 بيتا بايت من البيانات (1 بيتا بايت يساوي مليون جيجابايت) تم جمعها ومعالجتها وتحليلها.

ثم في 12 ديسمبر 2016، في حوالي الساعة 9:36 مساءً، وصلتْ جيم فريمان رسالة تُخبره أن فيلا لديه خلل. العملية الآلية التي أعددها جيم لم تكن جديرة بالثقة تمامًا، حيث إنَّ العملية الآلية لم تبدأ بسبب الخطأ الذي سبَّبه تداخل في تردد الراديو (RFI-Radio Frequency Interference).

لذلك قام جيم بتسجيل الدخول، وأجرى الاختبار مرةً ثانية، لقد كان حقيقيًا! والإثارة كانت لا تُصدَّق، وبقي مستيقظًا طوال الليل لتحليل البيانات.

ما ظهر كان مُفاجئًا للغاية ولم يكن متوقَّعًا، فبعدما ظهر الخلل مباشرةً، فُقد النجم النابض.  

كان النجم قبل هذا الفراغ واسعًا وغريبًا؛ شيء لم يره أو يسمعه أحدٌ من قبل.

تبيَّن أن النبضتَيْن التاليتَيْن لم يكن بينهما استقطابٌ خطيّ؛ الذي لم يُسمع بسبب فيلا أيضًا، وهذا يعني أنَّ الخلل أثَّر على المغناطيس القويّ المسؤول عن الانبعاثات التي تأتي من النجم النابض.

بعد هذا الفراغ، وصلتْ سلسلة مكونة من 21 نبضة مبكرة وكان التباين في توقيتاتهم أصغرَ بكثيرٍ من المُعتاد، أيضًا هذا غريب جدًا.

تفسير الخلل

إذًا ما الذي يسبب الخلل؟ إنَّ الفَرضيَّة الأفضل المدعومة هي أنَّ النجم النيوترونيّ له قشرة صلبة، ونواة فائقة السيولة؛ القشرة الخارجية هي ما تسبب البُطء، بينما القلب فائق السيولة يدور بشكلٍ منفصل ولا يُبطئ.

هذا هو التفسير المُبسَّط للغاية، ما يحدث حقًا هو مُعقد جدًا وينطوي على موجاتٍ ميكروية فائقة السيولة ميكروسكوبية لا علاقة لها بالبلورة القشرية.

فبعد حوالي ثلاث سنوات، يصبح الفرق في الدوران بين القشرة واللب أكبرَ من اللازم، ويسيطر القلب الأساسيّ على القشرة ويزيد من سرعتها، أما البيانات تُظهر أنَّ الأمر استغرق حوالي خمس ثوانٍ حتى يحدث هذا التسارع، في النهاية هذا هو الأسرع بالنسبة للمقاييس التي تنبأ بها العلماء.

كل هذه المعلومات وغيرها قد تساعدنا في فهم ما يسمى بمعادلة الحالة  (Equation of state) وهي توضح كيف تتصرف المادة في درجات حرارة وضغوط مختلفة في المختبر الذي لا يمكننا ببساطة إنشاؤه على الأرض.

كما أنَّه يمنحنا لأول مرة، لمحةً عن العمل الداخلي للنجم النيوترونيّ.

المصدر

ترجمة: أحمد محمد سعد
مراجعة: بيير عماد
تَدقيقٌ لُغَوِيّ: محمود خليفة

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي