الجنس، الدين، الوقت، التطور، والتكنولوجيا كل هؤلاء تجد لهم تفسير في
” 2001: A Space Odyssey”
العظيم في الفن هو وجود أكثر من طريقه لتفسيره، فما أعظم النظر إلى قطعة فنية مثل لوحة أو رواية والتحليق بخيالك بعيدًا، وكل شخص يرى الفن بطريقة مختلفة.
تخيل نفسك تجلس لتشاهد فيلمًا، فتجد بدايته عباره عن شاشة سوداء تمتد إلى ثلاث دقائق تقريبًا على صوت (أزيز حاد ومتفاوت الدرجات) يضعك مبكرًا تحت حالة القلق والخوف من المجهول التى ينشدها كوبريك، ينقلنا بعدها إلى شاشة زرقاء يتوسطها الأسد الذهبى التابع لشركة (Metro-Goldwyn-Mayer) الإنتاجية.
ثم يعود مرة أخرى إلى الشاشة السوداء، بعدها يقفز المخرج Stanley Kubrick» « إلى سطح القمر المظلم المليء بالأخاديد والتشققات متحركًا لأعلى إلى قطب القمر الشمالى، وفجأة وبدون سابق إنذار تضرب موسيقى الألمانى» «Richard Strauss مع أول دفقة من دفقات الضوء الذى يأتى من الشمس القابعة على الطرف البعيد من الشاشة أثناء التعامد السماوي الثلاثي بين القمر والأرض والشمس، وقبل أن يختفى القمر تدريجيًا ليحل محله إسم الفيلم فى الجزء السفلي من الشاشة.
ستحتاج أيضًا أن تنتظر أكثر من عشرين دقيقه حتى تسمع اول كلمة في الفيلم والغريب أنك لن تصاب بملل ولو لثانية طول تلك الفترة.
وإذا حاولنا تلخيص مغزاه في عدة نقاط سنجد :-
1- حكاية تحذيرية حول التكنولوجيا.
ولعل هذا هو الطريق الأكثر وضوحًا الذي يمكن أن ننظر إليه؛ ففي بداية الفيلم يتم عرض بدايه الإنسان، القرود يدافعون عن انفسهم كما أنهم يستخدموا أشياء بسيطه جدًا فقط لإنجاز مهماتهم، الشيء الوحيد من التكنولوجيا المستخدمة هي قوتهم وعظامهم، وهذه هي العلامات المبكرة لرجل خلق واكتشف طُرق لإنجاز مهماته بواسطة التكنولوجيا المساعده له.
في حين، عندما نذهب إلى بعثة كوكب المشتري، نجد الإنسان يُسيطرعلى كل شيء بواسطة أجهزه وفيديوهات وهواتف، فيما بعد من الفيلم نجد «HAL 9000» يبدأ الهيمنه على الشخصيات الرئيسية لدينا إلى حد قتل أفراد الطاقم.
اليوم، لدينا أجهزة مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة iPhone حيث تقريبًا ما يمكن القيام به بكبسة زر أو صوت الأوامر، يشبه إلى حد كبير ما في الفيلم.
الى أين يمكن أن يصل الذكاء الاصطناعى خلال السنوات القادمة ؟ سوف تحل محلنا الآلات ؟ وحريتنا في التعبير والخصوصية هل ستهددها التكنولوجيا؟، هذه هي بعض الأسئلة التى يثيرها الفيلم وبطريقة ما يحذرنا حول ما يمكن أن يحدث.
2- التطور مستمر
منذ بداية الإنسان إلى وصوله لكوكب المشتري وما بعده من اللانهاية، يعرض الفيلم موضوعًا ضخمًا وهو التطور، وإلى أي مدى وصلنا كبشر، وكيف يمكننا مواصلة التطور.
بدأنا كجنس بسيط من الكائنات في محاولة لفهم الحياة وهدفنا منها، ثم في نهاية المطاف في محاولة لفهم أكثر و أكثر، و نواصل القيام بذلك كل يوم وإلى اليوم.
الجنين يخبرنا الكثير حول من أين ينحدر التطور، ليس مجرد منذ بدايه الوقت، ولكن أيضًا منذ ميلاد الحياة؛ فنحن نتطور من كوننا أطفال إلى كبار، وعندما تأتى حياة جديدة في العالم، يبدأ التطور مرة أخرى ومرة أخرى، _أنها دورة الحياة_، مثل الكثير من التناسخ، الذي يقودنا إلى النقطة التالية.
3- الدين
الكثير من الصور التخيلية وضع نغمات دينية لهم، على سبيل المثال، القرود تنظر إلى المسلة كما لو أنهم ينظروا إلى ربهم، طريقة القرود تجعلك تشعُر أنهم كالذين يصلون إلى الصليب في الكنيسة.
هناك لحظة واحدة خاصة في هذا الجزء من القصة تجبرك على التوقف عندها خلال المشهد الشهير من القرد الذى يحطم العظام تلك اللحظة نرى القرد لديه الدافع لسحق العظام، الطريقة التي يلعب بها كما لو أعطى الله مخلوق قوة لتتحول إلى نوع آخر.
أيضًا، في جميع أنحاء بعثة كوكب المشتري، كذلك الموظفون في «clavius» يرغبون في العثور على هذه القطع الأثرية التي دُفنت منذ أربعة ملايين سنة، يشبه إلى حد كبير فى يومنا هذا أشخاص يبحثوا عن القطع الأثرية الدينية.
بالإضافة إلى ذلك، كما ذكرنا، الفكرة كلها من كونها ولدت من جديد واستمرار دائرة التطور البارزة خصوصًا في نهاية المطاف، حيث تظهر المسلة أمام السرير ل «Dave» العجوز، ومن ثم فإننا نرى الجنين، تشابه لفكرة أن الله يأخذ الحياة من إنسان لحياة أخرى قادمة، رغم ذلك، ما هي الحياة القادمة؟ هذا هو السؤال الذي تبقى للجمهور لاتخاذ قرار.
4- الوقت
الوقت يلعب دورًا محوريًا للغاية في الفيلم، الفكرة تدور حول الوقت من البداية وحتى النهاية. لحظة واحدة بارزة أثناء تسلسل بوابة النجوم «Dave» يسافر بالفعل في سرعة الضوء من خلال بوابة النجوم وسرعان ما تبين أن الوقت قد أصبح أسرع عندما يصادف نسخة قديمة من نفسه، هذه الحالة يمكن أن تمثل التغير في الوقت.
لاحظ كيف تكون المسلة نقطة الانهيار في نهاية كل شريحة من الفيلم، فعندما تراها القرود نحن نؤخذ فجأه لبعثة كوكب المشترى، فكل مشهد لظهور المسلة هو تطور للقصة.
حتى يمكن القول أن القردة هي أيضًا البشر التي نراها في الفيلم، ربما المسلة يمكن أن تكون مستخدمه للسفر عبر الزمن، وبالتالي الكائنات تتطور إلى المستوى التالي من الحياة.
5- الجنس
هذا هو العنصر الخفى إلى حد ما، ويمكن رؤية المسلة كشخصية الإناث المهيمنة، مرة أخرى، بمجرد أن تظهر المسلة في الفيلم، الأحداث تقطع إلى مكان وزمان أخر في القصة؛ فعندما تراها القرود فهم لا ينظروا إليها فقط كمنزلة الإله بل أنهم أيضًا ينظروا إليها كصبي يستكشف جسم انثى لأول مرة، فهي تقف بطول قامتها بين المخلوقات.
في وقت لأحق خلال البعثة اكتشفها أعضاء الطاقم وبينما هم على وشك التقاط صورة معها تبدأ صنع ضجيج يصم الآذان، كما لو أنهم يتعرضون للتوبيخ لغزو خصوصيتها، إن الدليل القاطع على هذا المفهوم يكون عند ظهورها مرة أخرى في نهاية الصورة.
أخيرًا يرى «Dave» المسلة لأول مرة أمام سريره ونحن نرى بعد ذلك الجنين، وقد تشارك المسله فى إطلاق حياة جديدة.
وبالتالي، فإننا يمكن أن نفترض أن الغرض من الفيلم كان اكتشاف الحياة وأنها بدأت مع فكرة الخلق.
إعداد: Eslam Mostafa
مراجعه: FaTma IsmAil
تصميم: Ayman Samy