في شهر أغسطس عام 2006، اجتمعت اللجنة العامة لاتحاد الفلك الدولي (IAU) للتصويت على عدة قرارات، ونتج عن ذلك الاجتماع قرارات ستة، إحدى تلك القرارات التي أعلنوها كان وضع تعريف جديد للكواكب، كما أعادوا تصنيف كوكب بلوتو ليخرج من تعداد الكواكب، ويضعوه في تصنيف جديد، لتتكوّن المجموعةُ الشمسية من كواكب ثمانية.[1] لكن ما هذا التعريف الجديد الذي وضعوه للكواكب؟ وماذا كان التعريف القديم؟ ولماذا لجأوا إلى تغييره؟ وما الشيء المميز في بلوتو الذى استدعى خروجه هو فقط دونما غيره من الكواكب؟ وهل استطاع التعريف الجديد أن يتغلب على تلك المشكلات؟ وإن لم يستطع، فما تلك المشكلات التي نحتاج إعادة النظر فيها لإيجاد حلول وتعريفات أكثر دقة وأشد وضوحًا؟ بمعنى أخر، نريد أن نعلم ما هي الصفات التي لو اجتمعت في شيء ما اعتبرناه كوكبًا؟ سواء أسمياه بهذا الاسم أم لم نُسَمِّهْ، فحيوان منقار البط «Platypus» – على سبيل المثال – يُعد من الثدييات، مع أنه يبيض ولا يلد.[2] وعلى الرغم من تسمية دب الكوالا «Koala bear» بهذا الاسم، إلا أنه ليس دُبًا ولا يمت للدببة بِصِلَةٍ؛ فهو حيوان جُرّابي والدببة حيوانات مشيمية.[3] لذلك لا بد أن ننظر إلى الصفات المحددة الدقيقة التي تُمكننا من تصنيف الكواكب تصنيفًا صحيحًا، بغض النظر عن أسمائها أو عن صفاتها الثانوية التي ربما تكون خادعة للوهلة الأولى، كل هذا وغيره سنتكلم عنه بالتفصيل في الأسطر القادمة.
حسب قاموس أوكسفورد للغة الإنجليزية فإن كلمة كوكب «planet» ترجع إلى الأصل اليوناني «planḗtai» والتي تعني حرفيًا: الشيء المُتجوّل أو المُتحرك. ووفقًا لعلم الكونيات القديم فإن تعريف الكوكب لديهم كان:
«جرمًا سماويًا يتميز عن النجوم الثابتة بأن له حركة ظاهرةً خاصةً به. ووفقًا للنظام البطلمي، فإن كل كوكب يدور حول الأرض وفقًا لمداره ومكانه الذي وُضع فيه. والكواكب السبعة – حسب بعدها عن الأرض – هي القمر، وعطارد، والزهرة، والشمس، والمريخ، والمشتري، وزحل.»[4]
وإذا كنت منتبهًا عزيزي القارئ بما فيه الكفاية، فإن اليونانيين القدماء كانوا يعدون الشمس كوكبًا، في حين أن الأرض لم تكن كوكبًا في نظرهم! وبالتأكيد لم تكن الشمس كوكبًا في الماضي ثم تحولت إلى نجم في وقتنا الحاضر، لكن الشيء الذي تغير وتبدل هو فهمنا نحن لطبيعة كل منهما، وتعريفاتنا نحن التي عدلناها ومِن ثَمّ تغير تصنيفنا للكواكب والنجوم. كما يعطينا قاموس أوكسفورد تعريفًا آخر للكوكب وفقًا لعلم الكونيات الحديث، حيث يتم تعريف الكوكب بأنه:
«هو الاسم الذي يُطلق على كلٍ من الأجرام السماوية التي تدور في مدارات دائرية تقريبًا حول الشمس (وتسمى الكواكب الأولية)، وعلى تلك التي تدور حولها (وتسمى الكواكب الثانوية أو الأقمار). الكواكب الأولية هي الكواكب الرئيسية التسعة المعروفة وهي حسب بعدها عن الشمس: عطارد والزهرة والأرض والمريخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون وبلوتو. والكواكب الصغيرة أو الكويكبات هي تلك التي تقع مداراتها بين مدارات المريخ والمشتري.»[4]
نلاحظ في التعريف الثاني أن الكواكب الثانوية هي تلك التي تدور حول الكواكب الرئيسية التسعة، لكن لننتظر لحظة، ألا يدور القمر حول الأرض؟ هلّا نعتبره كوكبًا ثانونيًا إذ ينطبق عليه هذا التعريف؟ لكن يبدو أن لا أحد على الإطلاق يعتبر القمر كوكبًا ثانويًا. وسواء أعتبرناه ثانويًا أو أوليًا فهو في النهاية نوع من أنواع الكواكب. وإذا نظرنا إلى محطة الفضاء الدولية، فهي قطعًا تعتبر جسمًا فضائيًا يدور حول كوكب رئيسي وهو الأرض، وإذا اعترض معترض بأن محطة الفضاء الدولية هي جسم تم صناعته وليس جرمًا طبيعي المنشأ والتكوين، فما قول القائل لو أطلقتْ وكالةُ ناسا جلمودَ صخر يزن عشرين طنًا على سبيل المثال ووضعته في مدار حول كوكب الأرض، ألن يعد هذا جرمًا صخريًا يدور حول كوكب رئيسي، وبالتالي سيكون مطابقًا لتعريف الكوكب الثانوي؟
حين صارت الأرضُ كوكبًا
في نهاية القرن الخامس عشر، كانت النظرة العلمية للعالم أن الأرض ثابتة لا تتحرك، تدور حولها كواكب قريبة، كالقمر والشمس وعطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل. أما النجوم البعيدة التي نراها ثابتة في السماء ليلًا فهي كذلك تدور حول الأرض لكن في حركة منتظمة ثابتة، لذلك لا تتغير أماكنها أبدًا لانتظام دورانها وحركتها. على أن تلك النظرة لا تخلو من مشكلات، فلم يجدوا تفسيرًا لحركة الكواكب التي تتسارع تارة، وتتباطؤ تارة أخرى. كما لم يكن لديهم تفسير لما يشاهدوه من ظواهر، كظاهرة الحركة الرجعية «retrograde motion»، فكانت بعض الكواكب تقف حركتها، وتتجه اتجاهًا عكسيًا للخلف، ثم تعيد السير في مدارها المعهود مرة ثانية.
لم يقف أصحاب تلك النظرة مكتوفي اليدين أمام تلك الظواهر التي تخالف نظرياتهم الفيزيائية، فقدموا نماذج رياضية يحاولون فيه تفسير تلك الظواهر، إلا أنهم لم يعتقدوا أن تلك النماذح تمثل وتصف الواقع، بل هي نماذج تساعدهم على العمل والتنبؤ بالظواهر وحركات الكواكب، تمامًا كما نفعل نحن في برامج المحاكاة بأجهزة الكمبيوتر، حيث لا يعتقد أحد أن ما نفترضه من محاكاة هو الواقع نفسه، بل هي فروض نظرية نفسر بها الواقع.
كانت هذا هو الفكر السائد حتى جاء نيكولاس كوبرنيكوس (1473 – 1543) وقدم نظريته عن مركزية الشمس عوضًا عن مركزية الأرض، مجادلًا بأننا لو وضعنا الشمس لتكون هي مركز العالم، والأرض لا تعدو كونها كوكبًا كأي كوكب آخر، وأن نظريته هذه تفسر الكوكب بشكل أبسط وأقل تعقيدًا مما تقدمه النظرية الأرسطية، فنظريته تستطيع أن تقدم تفسير للحركة التراجعية للكواكب دون أي تعقيد، كما استطاع ترتيب الكواكب حسب بعدها بشكل أفضل، فقد كان ترتيب الكواكب قربًا وبعدًا من الأرض محل جدل بين العلماء.
بعدما أثار كوبرنيكوس الجدال حول مركزية الأرض، وباتت النظرة الأرسطية محل تساؤل وتشكيك، أتى بعد ذلك جاليليو (1564 – 1642) ليزيد من هدمها وتدميرها، وقد تحدثنا في مقال سابق لنا عن المعركة حامية الوطيس التي دارت بين جاليلو ومعارضيه، فقد أشعل النار حول الفصل بين العالم الأرضي والسماوي، وذكر أن القمر به هضاب وجبال ووديان تمامًا كالأرض، وأن اعتبار الأرض مركز الكون يدور من حولها كل شيء ليس بصحيح، فقد اكتشف أقمار كوكب المشتري وتلك الأقمار كانت تدور حول المشتري، كما يدور القمر حول الأرض. إلا أن جاليليو لم يعتبرها أقمارًا، بل اعتبرها كواكبًا أربعة، وكتب يقول في كتابه أنه اكتشف:
«أربعة كواكب تدور حول نجم المشتري على فترات وأوقات غير متساوية بسرعة مذهلة؛ والتي لم يعرفها أحدٌ حتى يومنا هذا، اكتشفها المؤلف مؤخرًا.»[5]
وصف جاليلو أقمار المشتري بأنها كواكب أربعة. ووفقًا لتلك الاكتشافات الأخيرة فإن المجموعة الشمسية صارت تتكون من أحد عشر كوكبًا، ستة منهم يدورون حول الشمس، وأربعة حول المشتري، وواحد يدور حول الأرض. وبمجرد ما نشر جاليليو نتائجَه للعالِم أجمع، فقد قرأها العالم الألماني جوهانز كبلر «Johannes Kepler»، ثم أرسل إلى جاليليو رسالةً ليعلق على اكتشافاته تلك، لكنه في تلك الرسالة بدأ يفرق بين القمر والكوكب، مطلقًا على الأجرام التي تدور حول الكواكب (أقمارًا) وعلى الأجرام التي تدور حول الشمس (كواكبًا).
أكمل «كبلر» على ما ابتدأه كوبرنيكوس وجاليليو من هدمهم لمركزية الأرض، وكانت أهم إنجازاته أنه وضع قوانينه الثلاثة، مثبتًا أن الكواكب لا تدور في مدارات دائرية بل في مدارات بيضاوية، وضع قوانينها وحَسَب مدة دورانها حول الشمس وبُعْد كل كوكب عنها. بعد تلك الطعونات التي تلقتها نظرية مركزية الأرض، لم تتمكن بعد ذلك من الصمود والحياة، وسقطت سقوطًا مدويًا ولم يعد أحدٌ يتحلى بقدر من العلم يعتقد بمركزية الأرض، وباتت في نظرهم كوكبًا عاديًا كأي كوكب آخر، كما تغيرت معها نظرتنا إلى الشمس، فقد كان القدماء يعدونها كوكبًا، ثم هي الآن أصبحت نجمًا تدور حوله الكواكب، ويدور حول الكوكب أقمار.
ليس كل ما يدور حول الشمس كوكبًا
في هذا التوقيت يمكننا وضع تعريف أكثر انضباطًا للكوكب، حيث يكون: هو الجسم الذي يدور حول الشمس وفقًا لقوانين كبلر الثلاثة. كما نريد أن نذكر أن واحدة من الظواهر التي لم تستطع نظرية أرسطو تفسيرها هي ظاهرة المذنبات، المذنب يبدو في السماء كنجم له ذيل أو ذنب، لكن وجود هكذا أجسام لا يتناسب مع نظرة أرسطو للعالم، حيث تلك الأجرام السماوية لا بد أن تسير في حركة دائرية، والمذنبات لا تخضع لهذا التصور، لذلك كانت محاولة القدماء لوصف تلك الظاهرة هي قولهم بأنها ليست ظاهرة سماوية، بل ما نراه من مذنبات هي تفاعلات في الغلاف الجوي للأرض.
لاحظ عالم الفلك الدنماركي تايكو براهي «Tycho Brahe» حركة المذنبات وتتبعها، ووصل إلى نتيجة مفادها بأن تلك المذنبات ليست مجرد ظاهرة في غلاف الأرض، بل هي أجسام حقيقية في السماء، وهي أبعد مسافة من القمر، إلا أن أحدًا لم يأخذ كلامه على محمل الجد، بما فيهم جاليليو نفسه.[6] وكانت نقطة التحول الفاصلة على يد العالم الإنجليزي إدموند هالي «Edmond Halley» الذي كان مغرمًا بالمذنبات وأخذ قوانين نيوتن ليطبقها على حركة مذنب هالي الشهير، وتنبأ بميعاد ظهوره في السماء مرة أخرى ومكان ظهوره.[7] وبذلك يكون لدينا أجرام سماوية تدور حول الشمس وتخضع لقوانين كبلر ونيوتن معًا. وإذا كان تعريفنا للكوكب هو الذي يدور الشمس وفقًا لقوانين كبلر الثلاثة، فهَلّا نعتبر كل مذنب كوكبًا؟ وبهذا تكون المجموعة الشمسية بها كواكب بعدد ما بها من مذنبات؟
إذا ما نظرنا إلى الكتابات العلمية في النصف الأخير من القرن الثامن عشر سنجد اتجاهًا قد انتشر بين العلماء، فلم يعبروا الأقمارَ كواكبَ ثانوية، ولا يعدون المذنبات كواكبًا أصلًا، وكأن هناك قاعدة غير مكتوبة بين العلماء يصنفون بها الأجرام التي لا يعدونها كواكب. لكن السؤال المهم ليس ما الذي لا يعتبره العلماء كوكبًا، بل المهم هو ما الذي يعدونه كوكبًا؟ فلدينا أجرامًا سماوية داخل المجموعة الشمسية وتدور حول الشمس وتتبع قوانين كبلر ونيوتن، ومع ذلك لا تعتبر كواكب، فما هي الكواكب إذن؟ يبدو أننا رجعنا القهقهرى مرة ثانية، ولا ندرى كيف نميز الكوكب من غير الكوكب.
محاولة لإيجاد معيار
هل يمكن أن يكون المعيار أن يكون الكوكب هو الجرم الذي لديه غلاف جوي؟
هذا سيجعل قمر تيتان الذي يدور حول زحل كوكبًا؛ إذ يملك تيتان غلافًا جويًا، وهذا سيخرج كوكبَ عطارد من كونه كوكبًا إذ لا غلاف له.
هل يمكن أن يكون المعيار أن يكون الكوكب هو الجرم الذي يدور حوله أقمار؟
نعم، لكوكب الأرض قمر يدور حوله، وللمريخ قمران. لكن كوكب عطارد والزهرة لا أقمار لهما، وهذا المعيار سيخرج هذين الكوكبين من التصنيف.
هل يمكن أن يكون المعيار أن يكون الكوكب هو الجرم الذي يحتوي على مياة؟
نعم، يحتوي كوكب الأرض قمر على مياة، وكذلك ربما يحتوي كوكب المريخ على مياة أيضًا. وهذا يعني أن المجموعة الشمسية لن يكون بها إلا كوكبان فقط.
هل يمكن أن يكون المعيار أن يكون الكوكب هو الجرم الذي تدب فيه الحياة؟
لا؛ إذ هذا سيجعل الأرض هي الكوكب الوحيد.
هل يمكن أن يكون المعيار أن يكون الكوكب هو الجرم الصلب وليس الغازي؟
لا؛ إذ هذا سيخرج المشتري وأورانس وزحل ونبتون من مصاف الكوكب؛ إذ لا يحتوي أيٌ منها على سطح صلب.
هل يمكن أن يكون المعيار أن يكون الكوكب هو الجرم الذي له مجال مغناطيسي؟
لا؛ فمثل هذا المعيار من شأنه أن يلغي كوكب الزهرة وربما بلوتو. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن عطارد والمريخ لا يملكان سوى بقايا من المجالات المغناطيسية (أي أنهما لا يولدان مجالاتهما المغناطيسية باستمرار)، لذا في نهاية المطاف، أو ربما بالفعل، سيتم إلغاء كون عطارد والمريخ من تصنيف الكواكب.
المعيار النهائي
قبل يوم الرابع والعشرين من أغسطس 2006، أصدرت الجمعية العامة السادسة والعشرون للاتحاد الفلكي الدولي (IAU) – وهي منظمة تضم عشرة آلاف عضو – بأغلبية بسيطة من الأعضاء الحاضرين البالغ عددهم 424 عضوًا فقط، قرارات تعيد فيها تعريف الكواكب بطريقة تريد بها استبعاد بلوتو، ومن ثم إنشاء فئة جديدة من الأجرام في النظام الشمسي تسمى “الكواكب القزمة”. تم تصميم فئة “الكواكب القزمة” عمدًا لتشمل بلوتو. وفيما يلي المعايير التي وضعوها لتعريف الكواكب حيث قالوا:
«الكوكب هو جرم سماوي:
1. يدور في مدار حول الشمس. 2. لديه كتلة كافية تجعل جاذبيته الذاتية تغلب على قوى الترابط بين أجزائه بحيث يتخذ شكل التوازن الهيدروستاتيكي (تقريبًا مستديرًا). 3. قام بتطهير المنطقة المجاورة المحيطة بمداره.
الكوكب القزم هو جرم سماوي:
1. يدور في مدار حول الشمس. 2. لديه كتلة كافية تجعل جاذبيته الذاتية تغلب على قوى الترابط بين أجزائه بحيث يتخذ شكل التوازن الهيدروستاتيكي (تقريبًا مستديرًا). 3. لم يقم بتطهير المنطقة المجاورة المحيطة بمداره. 4. ليس قمرًا..»
لكن رغم هذا التعريف العلمي الأول من نوعه إلا أنه لا يخلو من مشكلات، فعلى سبيل المثال:
- يمر كوكب بلوتو في كثير من الأحيان بمدار كوكب نبتون، فهل -وفقًا لهذا التعريف- لنا أن نعتبر كوكب نبتون كوكبًا قزمًا إذ لم يقم بتطهير مداره حول الشمس؟
- كوكب المشتري يشاركه في مداره حول الشمس آلاف الكويكبات تُعرف جميعها باسم كويكبات طروادة «Trojan asteroids» فهل هذا يعني أن كوكب المشتري -أضخم كواكب المجموعة الشمسية- يُعد كوكبًا قزمًا، إذ لم يقم بتطهير مداره حول الشمس؟
- الأجسام التي تُعرف باسم الكواكب الخارجية [أي خارج المجموعة الشمسية exoplanet] تلك الكواكب لا تدور حول الشمس لكنها تدور حول نجوم أخرى في مجموعات نجمية أخرى. إذا كان قرار الاتحاد الفلكي الدولي يعرّف الكواكب بأنها أجسام تدور حول الشمس، فإن هذه الأجسام لا تدور حول الشمس، بل تدور حول نجوم أخرى، فهل نعتبرها كواكب أم لا؟وإذا لم نعتبرها كواكب، فما هي إذن؟
- إذا سلّمنا جدلًا بأن التعريف سوف يشمل الكواكب التي تدور حول نجوم أخرى في مجموعات نجمية أخرى، فإنه لا يزال عاجزًا عن التمييز بين الكوكب وبين القزم البني [والقزم البني هو جرم سماوي أكبر بكثير جدًا من الكواكب، ولكنها أقل من النجوم، فهي أجسام تشع ضوءًا وحرارة، لكنها ليست كبيرة بما فيه الكفاية لإحداث عملية الإندماج النووي كباقي النجوم]. لو كان هناك قزم بني يدور حول نجم ما، فإن هذا التعريف سيعتبره كوكبًا، ولن يميز بينهما.
والأمر الواضح الآن هو أن القرارات المذكورة أعلاه، والتي تمت الموافقة عليها في عام 2006 من قبل حوالي 2% فقط من أعضاء الاتحاد الفلكي الدولي، لا تمثل إجماعاً واسع النطاق بين العلماء. بل تظل تلك القرارت مثيرة للجدل وغير مقبولة لجزء كبير جدًا من المجتمع العلمي. وهو ما دفع كثير من علماء الفلك إلى إرسال عريضة إلى اتحاد الفلك الدولي بعد أسبوع فقط من تلك القرارات، هذه العريضة وقّع عليها أكثر من 300 عالم قائلين فيها نصًا:
«نحن – كعلماء في مجال الكواكب والفلك – لا نتفق مع تعريف الاتحاد الدولي للكوكب، ولن نستخدمه. ولا تزال هناك حاجة إلى تعريف أفضل.»[8]
ولنرجع إلى عنوان المقال: ما الذي يجعل الكوكب كوكبًا؟ والإجابة هي: لا ندري، وكما قال العلماء في عريضتهم: «لا تزال هناك حاجة إلى تعريف أفضل.»