طُلِب منّي على مدار عدة سنوات ووسط تجمعات مختلفة، الحديث عن أكثر الطرق فعالية لتدّريس التاريخ خلال المرحلة الثانوية، وخلال بعض هذه التجمعات ركزّتُ أحيانًا على ضرورة دمج المصادر الأوليّة الأصليّة لأحداث التاريخ خلال مناقشات التاريخ في الفصل الدراسي، وأحيانًا أخرى ركزت على استخدام طرح القضايا المحليّة التي تهم الطلاب أكثر من أي قضيّة تاريخية أخرى، هكذا يسرد (لي فورموالت – Lee Formwalt) المؤرِّخ الأمريكي ومدير منظّمة المؤرخين الأمريكيين فكرته حوّل قضية دراسة التاريخ في المدراس الثانوية.

يضيف قائلًا:

“قبل أربع سنوات، طُلِب منّي تنظيم ورشة عمل لمُعلمي الدراسات الإجتماعية في منطقتيّ ألباني وجورجيا، بالولايات المتّحدة، وعُرِضَت على مُدرسي هذا التخصص الطرق المختلفة التي من خلالها يتم تحفيز الطلاب على دراسة التاريخ. وبشكل مختلف، خلال السنوات الثلاث الماضية؛ أُتيح لي السفر إلى أغلب أنحاء البلاد -الولايات المتحدة- للحديث مع مُعلمي الشهادة الجامعية عن نفس القضية، حتى قمت في هذا الصيف بالحصول على القواعد السبع التي استخلصتها خلال تجاربي في جورجيا، سان أنطونيو، أتلانتا، الميسيسيبي وبلاد أخرى”.

القاعدة الأولى: الحماس

الحماس هو أول وأهم وسيلة لإعادة الحياة -في دراسة التاريخ- إلى أي فصل دراسي:-

إن حماسك للموضوع المراد تدريسه هو مفتاح النجاح الأول في علاقتك مع الطلاب، وقلة حماسك له في في حد ذاته ظلم كبير لطلابك؛ فما هو الحماس؟

كلمة ترجع إلى أصول يونانية قديمة، وتعني دَبّ الروح في الشيء، وبعبارة أخرى هو شئ يُلهمنا الفكرة ويحمسنا.
يحتاج المعلمون أن يكونوا مصدر إلهام لطلابهم، وهم كذلك في حاجة إلى نفس الشيء من الطلاب؛ ولتكون أيها المعلم مصدر إلهام لطلابك يجب أن تحب ما تدرِّسه وأن تكون على دراية ومعرفة أوسع عن موضوع كل يوم، يجب أن يتحول ما تقوم بتدريسه إلى جزء منك؛ فعندما يستقبل الطلاب منك هذا الشعور يتَمَلَّكهم الحماس والإلهام، في دراسة التاريخ عامََة، ودراسة التاريخ الأمريكي خاصََة.

القاعدة الثانية: الاعتماد بشكل أقل على الكتب المدرسية

الكثير من كتب التاريخ تميل إلى الملل والاسترسال في الطرح، قطعََا، لا يمكنك إهمال الكتاب المدرسي تمامًا، لكن لا تجعله أداتك الوحيدة في الشرح، دَعّ الكتاب المدرسي يرشدك إلى الخطوط العريضة في الحصة التدريبية وقم بالاستعانة بالمصادر الأخرى، خاصََة الأولية منها واخّتر أفضل المصادر التاريخية التي تجعلك سعيدًا في طرحك للموضوع أو الحدث التاريخي، فعلى سبيل المثال؛ عندما تقوم بدراسة موضوع عن العبودية الأمريكية، اطلب من طلابك قراءة مصادر تتعلق بنفس الفكرة مثل: كتاب “قصة وحياة فريدريك دوغلاس..العبد الأمريكي”، أو كتاب “وقائع في حياة فتاة مستعبدة” لـ (هاريت آن جاكوبس)، أو كتاب “كيف يعيش النصف الآخر” لـ (جاكوب ريس)، أو كتاب “أهوال الجنوب” لـ (إيدا ويلز)، أو كتاب “أرواح القوم السود” لـ (دي بويز).
وجميعها كتب سلطت الضوء على أمريكا ما بعد مرحلة الحرب الأهلية، بينما يقدم كتاب “لا تبكوا أيها المحاربون” لـ (ميلبا باتيلو بيلز) رواية مؤثرة للغاية عن تجربة طالب ثانوي أمريكي من أصول أفريقية في الالتحاق بمدرسة (لتيل روك الثانوية المركزية – Little Rock’s Central High)، كل هذه مصادر أولية للفكرة المطروحة، وهناك غيرها. لذا، يجب عليك اختيار المصادر التي لها أثر كبير عليك وعلى طرحك للفكرة، دون ذلك لا يمكنك إلهام طلابك أو التدريس لهم بشغف، بالإضافة إلى أن تحضير تلك المصادر واستحضارها لهم يجعلهم يجيبون على بعض الأفكار والأسئلة المهمة التي يمكنك طرحها عليهم والبحث عن إجابتها خلال نفس السياق.

القاعدة الثالثة: استخدم مصادر ثانوية مهمة ومكتوبة بعناية

تُعد المصادر الثانوية ذات أهمية كبيرة في تحديد وتفسير المصادر الأولية المباشرة، وعلى الرغم من أنك سوف تستخدم المصادر الأولية فإنه يتعين عليك أن تُعد طلابك لطرق فهم تلك المصادر؛ ولن يتم ذلك دون الاستعانة بالمصادر الثانوية التي تُعين على فهم وتفسير المصادر الأولية بشكل كامل.

القاعدة الرابعة: ركِّز على الأشياء التاريخية التي تهم العصر الحالي (اليوم)

توقف عن التفكير في التاريخ كونه مجموعة من المعارك، والحروب، وحياة الملوك والرؤساء؛ وإبدأ في التفكير به كونه مجموعة من العلاقات الإنسانية لمختلف الأجناس والأعراق والطبقات.
مع طلاب المرحلة الثانوية ستكون قادرًا على تقديم فكرة تاريخية عن كيفية بناء وظهور هذه الطبقات والأجناس المختلفة.

يُتبع…

إعداد: عُمر بكر محمد
تدقيق لغوي: مي محسن
تحرير: نسمة محمود

مصادر المقال:

المصدر الأول

المصدر الثاني