ينتهي المطاف بالكثير من الناس إلى علاقة مسيئة عاطفيًّا مع شخصٍ يعاني اضطراب الشخصية النرجسية، وخاصةً إذا كانوا غير مستعدين للتعامل مع الغضب واللوم في غير موضعه الموجه إليهم من قبل الشخص النرجسي. عندما تفرغ من الأدوات التي تواجه بها هذا الهجوم أو تجد أن لا شيء مما تفعله يجدي، قد لا تجد في النهاية إلا مواجهة النار بالنار وتوجه أسلحة شريكك النرجسية ضده أو ضدها.
قد تعلل ذلك بـ: شريكي لا يتردد في توجيه اللوم لي وتدميري. ربما عندما أعطيه جرعة من الدواء الخاص به، فإن هذا الجنون سيتوقف.
عادةً ما يحدث هذا كملاذ أخيرٍ للفرد. ولكن لسوء الحظ، نادرًا ما ينجح هذا المخطط. فبدلًا من تراجعهم وتحسين تعاملهم، سيستجيب معظم الأشخاص ذوو اضطراب الشخصية النرجسية بزيادة سلوكهم المسيء، ويزيد القتال بينهما وتصبح العلاقة أسوأ بكثير. فالآن تصبحان كلاكما سببًا للأذى وليس واحدًا فقط. ومن خلال التجارب، يفوز الشريك النرجسي عادةً لأنه/ لأنها على استعداد لفعل أي شيء للحفاظ على سيطرته على العلاقة.
بالإضافة إلى ذلك، عند إحساسه بالهجوم، فإن الشخص النرجسي سينسى ما قام به لإغضابك. ومن المحتمل أن يقوم بتفسير أفعالك الانتقامية كمبرر لأي شيء سيء يريد فعله لك. قد يشمل ذلك تصوريك كالشخص السيء في الأساس لأصدقائك وعائلتك وتصوير أنفسهم كضحية بريئة.
إذن، كيف حدث هذا الوضع البائس الذي لا يربح فيه الجميع؟
يمر معظم الأشخاص بمجموعة من المراحل والتي يمكن التنبؤ بها عندما يجدوا أنفسهم في هذا النوع من العلاقة، وسنسردها فيما يلي.
المرحلة الأولى.. صدمة وإنكار
البداية
يسير كل شيء على ما يرام، ثم يبدأ الشريك النرجسي بتوجيه الإساءة إلى شيءٍ تافهٍ ربما لم يلاحظه أحد من قبل. قد يكون هذا بصغر كلمة تفوهت بها أو نبرة صوتك أثناء الكلام. فجأة وفي لحظة معينة، تجد أنك في نصف المعركة.
اللوم
كل شيء تقوله أو تفعله لتهدئة الوضع وتوضيح أنك لم تكن تقصد الإساءة إلى مشاعر شريكك تؤخذ على أنها دليلٌ إضافي على ذنبك. لا يمكنك الفوز حتى تركع على يديك وركبتيك وتطلب الغفران، وحتى هذا لا يجعلك تربح.
الإنكار
الأغرب أن ما قلته أو فعلته كان مجرد رد فعل على شيء مهين شريكك قاله أو فعله. ولكن، لا يعترف الشخص النرجسي بدوره في خلق واستمرار هذا النوع من القتال. يمكن أن يكون شريكك يصرخ بإساءاته فيك، وإذا رفعت صوتك وقلت «توقف من فضلك»، كل ما سيتذكره هو أنك رفعت صوتك. «كيف تجرؤ!» مما سيحول الأمر إلى أنه خطؤك وحدك.
ردك
يعتبر بعض الناس أن ذلك إساءة عاطفية وينهون العلاقة هنا.
إذا أبقيت على العلاقة، فاحتمال أنك فعلت ذلك لأنك لم تفهم مدى سوء هذه العلاقة. نعم، تكون مصدومًا ولكنك تكون في حالة إنكارٍ أيضًا. لا يمكنك فهم لماذا يحدث هذا، وترغب أن يعود كل شيء إلى ما كان عليه عندما كانت العلاقة جيدة. لذلك، فإنك تركز على الأجزاء الجيدة من العلاقة وتخبر نفسك أن شريكك كان في مزاج سيء لا أكثر، وأن هذا الأمر لن يتكرر.
المرحلة الثانية.. معارك متكررة
الآن تحولت نسبة الأوقات الجيدة إلى الأوقات السيئة. شريكك ينتقدك بشكل مستمر. وإذا حاولت الدفاع عن نفسك، فإنه/ إنها يوجه اتهامه إليك بحب الجدل. أنت الآن تُلام بسبب كل شيء سيء يحدث في حياة شريكك.
إذا كان لشريكك يوم عمل سيء، فإنه خطأك تمامًا لرغبتك في إبقائه مستيقظًا لمشاهدة حفل الجوائز سويًا الليلة الماضية. إذا أصبح شريكك مكتئبًا بسبب الفوضى في المنزل، وبدلًا من اقتراح أن كلاكما تقضيان بعض الوقت في التنظيف، يتهمك بأنه خطؤك ومسؤوليتك. ويجب ألا تمانع إذا كانت ملابسه غير النظيفة تملأ غرفة المعيشة.
المرحلة الثالثة.. عقوبات
في هذه المرحلة تتحول من مجرد أحمق وجاهل إلى شخص خبيث، شرير، مجنون وقد يتم تعريفك على أنك «العدو». شريكك المحب يشعر أنه حان الوقت لعقابك.
قد تكون العقوبات أي شيء، من الابتعاد عنك في الشارع، إذلالك أمام الناس، تهديدك بإنزالك من السيارة وجعلك تسير إلى البيت، أو رفضه في آخر لحظة أن يذهب معك إلى زفاف ابن عمك.
وإذا كانت من النوع المسيء جسديًا، فقد يتم سكب كوب من القهوة فوق رأسك. أو قد يصعدون الإساءة إلى الصفع، أو الدفع، أو الضرب عند الشعور بالضيق منك.
تحذير: بمجرد أن يبدأ الإيذاء الجسدي، فمن المحتمل أن يستمر. سيحاولون إلقاء اللوم عليك لاستفزازهم. اخرج من هذه العلاقة قبل أن تتأذى.
المرحلة الرابعة.. التصرف مثلهم
إذا كنت لا تزال تلتزم بهذه العلاقة، فقد تشعر بالرضا إلى حدٍّ ما عندما تعامل شريكك النرجسي نفس معاملته لك. هو يغضب، أنت تغضب. هو يلومك على مشاكله وأخطائه، أنت ترد بإلقاء اللوم عليه.
لا تكتسب حقًا صفات النرجسي، ولكنك فقط تكتسب آليات الشخص النرجسي في تعامله مع الموقف.
ولكن إذا لم يجدِ الانتقام جدوى.. فماذا إذن؟
الشيء الوحيد الذي يعمل هو أن تخرج من هذه العلاقة ولا تنظر وراءك. اضطراب الشخصية النرجسية لا يتحسن من تلقاء نفسه. هناك علاج فعال، ولكن عادةً يأخذ عدة سنوات من العمل الجاد مع أخصائي بالمعالجة مُدرب جيدًا على تشخيص وعلاج اضطراب النرجسية.
سيكون على شريكك قضاء عدة سنوات للعلاج قبل أن ترى أي تحسن جاد في سلوكه. والكثير من الشخصيات النرجسية ترفض أن تذهب إلى الأخصائيين النفسيين في المراحل الأولى، وإذا ذهبوا فإنهم يغادرون بعد جلسات قليلة.
في بعض الأحيان، عندما تكتفي وتكون مستعدًا للذهاب، يتصرف شريكك بشكل أفضل تجاهك. يذكرك بحبكما، وأنه أدرك خطأه ويترجاك لتبقى معه. إنه شيء لطيف لتسمع هذا بعد كل الإساءة والقبح. لسوء الحظ، لا يهم ما سوف يعدك به، هذا لا يغير من الحقيقة الأساسية: بدون علاج مكثف فإن النمط المسيء سوف يكرر نفسه مرارًا.
الحقيقة القاسية هي إذا كان لشريكك المسيء اضطراب الشخصية النرجسية، فليس لديك إلا القليل لفعله لكي تغير العلاقة إلى الأفضل. وكونك لطيفًا جدًا لن يساعدك على المدى الطويل. وكذلك أن تكون فظًا.
أن تكون في علاقة مع شخص نرجسي للغاية ينتهي دائمًا بشعور الشخص غير النرجسي في العلاقة بأنه مساء إليه، وحيد، غير آمن والإحساس بخيبة الأمل.
المصدر|
https://www.psychologytoday.com/intl/blog/understanding-narcissism/201907/will-it-help-abuse-my-narcissistic-mate-right-back
مراجعة علمية: ماريا عبد المسيح