أحدث صور الثقب الأسود

DRctYzDgEFEaqGCmangmEX-970-80

تحديث جديد لأول صورة حقيقة للثقب الأسود تُسلط الضوء أكثر على حقوله المغناطيسية

إنجاز تِلو إنجاز، لم يركن علماء الفلك وخاصة الفريق المسؤول عن إلتقاط أول صورة حقيقة لثقب أسود هائل، أو ربما نقول فِرقً عِدة، فنحن نعلم جميعًا أن الصورة تم إلتقاطها بالتشارك مع أكثر من مرصد فلكي حول العالم للتمكن من إلتقاط صورة لجسم بهذه الضخامة في كوننا الشاسع. تمكن العلماء هذه المرة من تسليط الضوء على كيفية تصرف الحقول المغناطيسية حول الثقب الأسود أو في المناطق القريبة منه، لدراسته بصورة أوسع وأكثر وضوحًا.

في عام 2019 قام تلسكوب أفق الحدث (EHT- Event Horizon Telescope) بإنتاج أول صورة على الإطلاق لثقب أسود عملاق يقع في مركز مجرة M87 وعلى بعد 55 مليون سنة ضوئية من الأرض، لا تنسى عزيزي القارئ المثقف، فطبقًا لنسبية أينشتاين فنحن نرى صورة من ماضي هذه الثقب العملاق ولا ندري ما هي حالته الآن لذا فانتبه، هذا ما وصل إلينا توًا ولكن ليس بالضرورة أن هذا ما يحدث الآن. ولو دققت في النظر سترى أن الصورة قد أظهرت لنا حلقة ساطعة بمركز مظلم، حيث أنه يمثل لنا ظل الثقب الأسود، فكما تعلم الثقب ثلاثي الأبعاد،أي أنه كرة بالمعنى الحرفي.

عند إلتقاط هذه الصورة لاحظ علماء الفلك وجود قدر كبير من الضوء المستقطب (الضوء المستقطب هو مثل نظارتك الشمسية، تقليل سطوع الشمس على عينيك الجميلتين، تقللهم بحذف بعض المركبات الأفقية أو الرأسية من الضوء القادم من الشمس، مجالات كهربية ومغناطيسية أنت تمنع بعضهم من المرور فيزداد وضوح الشمس وتستطيع النظر إليها، أنا أتحدث عن النظارات الأصلية فقط)، فهذا ما فعله العلماء أو لاحظوه هو وجود جزء كبير من الضوء المستقطب كما ذكرنا لاحقا حول الثقب الأسود، الآن كشف العلماء عن نظرة جديدة للثقب الأسود ولكن من خلال الضوء المستقطب.

نظرا لما سردناه سويًا عن الإستقطاب فإنه يُعد علامة مميزة على وجود المجالات المغناطيسية، وبالنظر إلى الصورة أعلاه، وجد العلماء أنه لا شك بأن حلقات هذا الثقب الأسود مُمغنطة بالكامل.

وتقول منسقة مجموعة عمل قياس الاستقطاب بالـ EHT مونيكا موسيبرودوزكا (هذه الصورة المستقطبة تخبرنا أن الإشعاعات الصادرة من حلقة الثقب الأسود ناتجة عن الحقول المغناطيسية الواقعة بالقرب من أفق الحدث).

ولتعلم عزيزي القارئ ربما يبدوا الأمر غير لافت للنظر إن كنت غير متابع لأدق التفاصيل الفلكية، لكن لتعلم أن هذه هي أول مرة يتم فيها قياس استقطاب قريب جدا من ثقب أسود، ربما لن أجدك مندهشًا لأن الثقب الأسود، جَل من يفكر بالاقتراب منه. تعتقد أن هذا غير كافي لتندهش!، ستفيض علينا تلك الصورة بمعلومات وفيرة حول نفاثات الراديو القوية التي تُطلق من الـ M87.

وتضيف مونيكا أيضًا (ي أول صورة لنا أظهرنا الشدة فقط، أما الآن فإنا نضيف معلومات الاستقطاب فوق الصورة الأصلية).
ويقول الأستاذ المساعد بجامعة كولورادو والمنسق أيضأ بمجموعة الـ EHT ديكستر (تمثل الصور المستقطبة الجديدة خطوات مهمة نحو معرفة المزيد عن الغاز بجوار الثقب الأسود، وبالتالي كيفية نمو الثقوب السوداء وإطلاق النفاثات).

دعنا نأخذك قليلًا إلى أحداث إلتقاط هذه الصورة، فلتعلم ذلك لكي يتم إلتقاط صورة مثل هذه فقد تم هذا الحدث بحوالي 8 تلسكوبات حول العالم مجتمعة في لحظة واحدة وتوقيت واحد متمكنين من تسخير تلسكوب قوي جدا يضاهي حجم الأرض، هذا هو تلسكوب الـ EHT.

قال إفان مارتي فيدال المنسق بالمجموعة والباحث المتميز بجامعة فالنسيا بإسبانيا (تحتوي التلسكوبات الراديوية الخاصة ب EHT على مستقبلات تسجل إشارة الضوء المستقطب، وتعمل تلك المستقبات تقريبا كما تعمل نظارتك الشمسية).

من خلال إظهار الثقب الأسود في M87 من خلال الضوء المستقطب، فقد ألقى الفريق نظرة أفضل على أفق الحدث لها العملاق، والذي يعرف أيضًا بنقطة اللاعودة، فلا نعلم شيئا ذهب هناك وعاد حتى الآن. كما مكنتهم الصورة من دراسة أكثر تفصيلًا لتفاعل الذي يحدث مع ما يسمى بالـ (Accretion disk) وهو قرص يدور حول الثقب الأسود يتكون من غاز ساخن ومواد أخرى لا ندري هل هي بقايا نجم تم إلتهامه سابقا أو لا، لكن هذا القرص دراسته تعد خطوة قوية في دراسة الغازات حول الثقب الأسود وكيفية تكونه كما ذكرنا سابقًا.

ويقول ديكستر (كما أن تلك الملاحظات التي تم رصدها تعمل على تعميق الفهم للعلماء حول سلوك الحقول المغناطيسية حول الثقب الأسود، وانطلاق النفاثات الذي يُعد لغزًا بالنسبة للعلماء وهو كيف تنبعث نفاثات أكبر من المجرة نفسها. لطالما اعتقد علماء الفلك أيضا أن الحقول المغناطيسية التي يحملها الغاز الساخن بالقرب من الثقوب السوداء تلعب دورًا مهًا في السماح للغاز بالسقوط، وفي إطلاق نفاثات نسبية من الجسيمات النشطة إلى المجرة المحيطة. وتخبرنا الصورة المستقطبة أيضًا عن قوة وبنية هذه المجالات المغناطيسية القريبة جدًا من الثقب الأسود في ال M87 وهو حيث يتم إطلاق النفاثات الراديوية).

ولكن يا عزيزي لم تكشف فقط تلك الصورة عن الحقول المغناطيسية بل أظهرت أيضًا أن الغاز هناك ممغنط وبشدة.

ويقول ديكستر أيضًا (الإكتشاف الرئيسي هو أننا لا نرى فقط المجالات المغناطيسية بالقرب من الثقب الأسود كما هو متوقع، لكنها أقوى بكثير، كما أن النتائج تشير إلى إمكانية تلك الحقول على دفع الغاز من حولها وقدرتها على التمدد أيضا، وربما هذا دليلا واضحًا على كيف تتغذى الثقوب السوداء العملاقة على الغازات وتنمو).

وقالت مارتي فيدال (مازلنا لا نعرف كل التفاصيل الخاصة بكيفية توليد النفاثات بقلب المجرة لكننا على علم بأن المجالات المغناطيسية تلك تلعب دورًا هامًا في توليدها، ولاستكمال هذا المشروع يأمل الفريق بتصوير الثقب بجميع الأطوال الموجية من الضوء وليس المستقطب فقط لمعرفة تفاصيل أكثر ولتكوين صورة أكثر إكتمالًا عن الثقب الأسود العملاق).

ترجمة: أحمد محمد سعد
المصدر: First image of a black hole gets a polarizing update that sheds light on magnetic fields | Space
https://www.space.com/first-black-hole-image-polarized-m87

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي