ينظر الكثيرون إلى جائزة نوبل للآداب باعتبارها دُرة التاج الأدبي، وأعظم ما قد يصل إليه أديب عالميّ. وهي بالفعل أعرق الجوائز الأدبية وأهمها على الإطلاق، كونها تسلط الضوء في كلٍ عام على أديب من أحد بقاع العالم وتنقله من الدوائر الأدبية والنقدية المغلقة، لتدخله عالم أرحب وأوسع هو عالم القراء العالميين.
لكن ورغم أن قائمة نوبل للآداب تضم الكثير من الأدباء العالميين أصحاب الروايات والأعمال الأدبية المؤثرة، فهناك الكثير من الأدباء والكُتاب الذين أثروا الحياة الأدبية وما زالت أعمالهم تُقرأ حتى الآن قد ترشحوا للجائزة لكنهم لم يحصلوا عليها أبدًا.
ولا يُكشف عن الترشيحات للجوائز إلا بعد مرور خمسين عامًا من الجائزة، لهذا فالسجلات الموجودة في نوبل حتى الآن في أقصاها تعود لعقد الستينيات ولم يتسن لنا التعرف على المرشحين بعد هذا التاريخ.
وفي المقال التالي نتجول معكم بين أرشيف نوبل، لنتعرف على أشهر الأدباء وأبرزهم ممن ترشحوا لجائزة نوبل لكنهم لم يصلوا لمنصة التتويج.
إيميل زولا
كشفت سجلات الترشح التي تصدر عن الأكاديمية السويدية أن الكاتب الفرنسي ترشح مرتين للجائزة الكبيرة في عامي 1901 و1902. لكن القدر لم يمهل زولا مزيدًا من الوقت فقد توفي في عام 1902 دون أن يحصد الجائزة.
وكان إيميل زولا من أكثر الوجوه الشهيرة والمثيرة للجدل في فرنسا في القرن العشرين، وكان يكتب الشعر والمسرح والروايات والمقالات النقدية أيضًا. ولد إيميل زولا في باريس وهو الطفل الوحيد لأب مهاجر إيطالي وأم فرنسية، توفي عنه أباه وهو طفل في التاسعة من عمره. كان زولا يعيش حياة فقيرة ومن خلال هذا الفقر تمكن من تشرب الكثير من التجارب التي استوحى منها رواياته فيما بعد.(1)
وتعد سلسلة «روجون ماكوارث – Rougon-Macquart» أعظم أعمال الأديب الفرنسي واسهاماته في الأدب الفرنسي، وتتكون من عشرين عددًا تُفصل جوانب الحياة والمجتمع في أثناء الإمبراطورية الفرنسية الثانية.(1)
هنريك إبسن
يُعد الكاتب المسرحي النرويجي من مؤسسي المسرح الحديث ويُشار إليه في بعض الأحيان بكونه “أبو الواقعية” وأكثر الكتاب المسرحيين تأثيرًا بعد الكاتب الإنجليزي شكسبير.(2)
ويشير أرشيف الجائزة السويدية العالمية إلى ترشح الكاتب النرويجي للجائزة بفرع الأدب وذلك في الأعوام 1902 و1903 و1904.(3)
بالنسبة للبعض يستحق إبسن الترشيح والجائزة كونه قد أعاد كتابة القواعد المسرحية والدرامية بأسس واقعية، وهي التي سار على خطاها الكتاب المسرحيين اليوم. وحول هنريك إبسن المسرح الأوروبي بعيدًا عن كونه ألعوبة أو أداة للإلهاء ليجعله نظامًا جديدًا للتحليل الأخلاقي.
ولد الكاتب النرويجي في عام 1828 بمقاطعة تلمارك في النرويج، وكتب اسمه في عالم المسرح والكتابة الأدبية من خلال مسرحيته «كاتالينا» في عام 1850. ولكن أعظم أعماله كانت مسرحية «براند» و «بير جينت» اللتين كتبهما في 1866 و1867. ومن بين أبرز أعماله أيضًا «الأشباح» و «مسرح العرائس». ألهمت أعمال الكاتب المسرحي العديد من الكتاب البارزين في العالم مثل جورج برنارد شو وأوسكار وايلد وأيجوين أونيل.(2)
ليو تولستوي
الأديب الروسي الكبير صاحب أشهر الروايات الكلاسيكية مثل «آنا كارنينا» و «الحرب والسلام» كان من بين المرشحين للجائزة، ولكنه لم يحصل عليها قطَّ.
تشير سجلات جائزة الأكاديمية السويدية إلى أن تولستوي ظلّ مرشحًا للجائزة في فرع الأدب منذ عام 1901، أي انطلاق الجائزة، وحتى عام 1906. وترشح للجائزة بفرع السلام في عاميّ 1901 و1902 وأيضًا عام 1909.
وفي العام الأول للجائزة كان ليو تولستوي مُهيئًا نفسه لحصد الجائزة، لكن الأكاديمية رأت في تولستوي مرشحًا مثيرًا للجدل متحفظين على آرائه الدينية واتجهت لمنح جائزة نوبل الأولى للأدب إلى الشاعر الفرنسي سولي برودوم. ولكن المجتمع الأدبي والفني لم يرض عن ذلك الاختيار من قِبل اللجنة، مما دفع مجموعة من الأدباء والفنانين السويديين لكتابة خطابٍ إلى الأديب الروسي يعبرون فيه عن امتنانهم وتقديرهم الشديد لتولستوي وأنه أجدر الأدباء والشعراء لنيل الجائزة.
لكن الأمر تكررّ مجددًا مع ترشحه في عام 1902 ورفض اللجنة حصوله عليها، وفي هذا الوقت قال تولستوي أنه عدم فوزه بالجائزة:
«أنقذه من ضرورة التعامل مع الأموال التي سيحصل عليها من الجائزة والتي ينظر لها باعتبارها مصدر لكل أنواع الشرور».
توفي الكاتب الروسي في عام 1910 دون أن يحصد جائزة نوبل في أيّ من الفرعين، لكن أدبه ظلّ يخلد اسمه من خلال رواياته ذات الأثر البارز في تاريخ الأدب العالمي.(4)
مكسيم جوركي
أديب روسي آخر كان على قائمة المرشحين لحصد نوبل للآداب، ولكنه لم ينتقل من القائمة المرشحة إلى الفائزين. ووفقًا لأرشيف نوبل عن المرشحين لجائزة نوبل فإن ماكسيم جوركي ترشح للجائزة أربع مرات في أعوام 1918 و1923 و1928 و1933.(5)
مكسيم جورجي من أعمدة الأدب الروسي والعالمي، وكان ناشطًا سياسيًا أيضًا، وعاصر جورجي الثورة البلشفية وسقوط الإمبراطورية الروسية وإرساء أعمدة الاتحاد السوفيتي.
وولد جورجي في عام 1868، في مدينة نيزاي نوفجورود والتي سميت فيما بعد باسمه منذ عام 1932. عمل جوركي في عدد من الأعمال، مما جعله يتعرف على جوانب قاسية من الحياة ظهرت بشكل جمّ في تفاصيل القصص الواقعية لرواياته ومسرحياته ويومياته أيضًا.
لعل من أشهر أعمال مكسيم جوركي رواية «الأم»، والتي تحكي عن سيدة من الطبقة العاملة التي تتأثر بنشاط ابنها الثوريّ وتصبح ناشطة ثورية بدورها. ويُنظر إلى رواية الأم في الاتحاد السوفيتي باعتبارها كلاسيكية للـ«الواقعية الاشتراكية».(6)
توفيق الحكيم
يشير الأرشيف الخاص بالجائزة أن الأديب المصريّ الكبير توفيق الحكيم ترشح مرّة وحيدة لجائزة نوبل للآداب عام 1969 من قبل الناقد واللغوي أحمد شوقي عبد السلام ضيف.(8)
فيما يشير المترجم، دينيس جونسون دافيس، الذي كان من بين اللجنة التي اختارت القائمة القصيرة للأدباء المرشحين عن الأدب العربي لجائزة نوبل للآداب عام 1988 التي حصدها نجيب محفوظ، أن اللجنة لو كانت قررت في وقت مبكر عن عام 1988 الاعتراف بنهضة الأدب العربي الحديث، لكانت الجائزة ستُمنح بالتأكيد لتوفيق الحكيم.(7) ربما لم يمهل القدر الحكيم الفرصة لحصد الجائزة، إذ توفي في عام 1987.
ومن أبرز أعمال توفيق الحكيم الروائية «عودة الروح» و«أهل الكهف» و«يوميات نائب في الأرياف» و«الأيدي الناعمة» و«أرني الله».