للموسيقى القدرة على إثارة مشاعر عميقة في مستمعيها، وهذه صفة عالمية، فلماذا تُحرّك مشاعرَنا الموسيقى؟ وكيف للموسيقى أن تسبّب لنا السعادة؟
نشرح فيما يلي بعض الأسباب التي توضح استجابة مشاعرنا للموسيقى.
1. الذكريات
إن الاستماع لموسيقى ما شُغِّلت في حدث مهمّ في الماضي (كاحتفال عائليٍّ مثلًا) له القدرة على استحضار مشاعر عميقة بالحنين إلى الماضي، فالشعور ليس في الموسيقى نفسها، بل فيما تذكِّرنا الموسيقى به.
وتظهر قوة الموسيقى على استحضار الذكريات في فيلم “كازابلانكا”، حيث أجبر “ريك” عازفَ البيانو في البار الخاصّ به على عزف موسيقى “بينما يمضي الوقت” دائمًا، لما لها من تأثير حزين وشعور بالخسارة تذكِّره به هذه الأغنية.
2. تزامن الحركات مع الموسيقى
نحن البشر لنا القدرة على ضبط إيقاع حركات أجسادنا مع المؤثرات السمعية الخارجية كالموسيقى، فالإيقاع له تأثير قويّ على الحركة، حيث يتّصل الجهاز السمعي بالجهاز الحركي بقوة، وتساعدنا تلك الرابطة في فهم السبب وراء رغبتنا الدائمة في الرقص عند سماع الموسيقى وميلنا إلى النقر مع الإيقاع.
كما أن الموسيقى الصاخبة والمفاجئة والسريعة تثير النشاط، في حين تساعد الموسيقى الهادئة المنخفضة في الاسترخاء والتخلّص من القلق.
3. الموسيقى لغة للعاطفة
تعدُّ الموسيقى لغة للعاطفة، تمثّل أجزاءها ومكوناتها المشاعرُ المختلفة، فبعض الناس الذين يواجهون مشكلات في التعبير عن مشاعرهم بالكلام، قد يشعرون براحة أكبر في التعبير عن طريق الموسيقى.
وتشبه الموسيقى حياتنا بأطوراها المختلفة: كالبداية، وتصاعد الأحداث، والذروة والنهاية، فالإيقاع الهاديء مثلًا يعبِّر عن الحزن، كالهدوء الذي نتوقعه من شخص حزين.
4. العدوى العاطفية
تشير العدوى العاطفية إلى أنّ رؤية مشاعر معينة قد تثير فينا تلك المشاعرنفسها، فعلى سبيل المثال: تجد أنَّ الناس تعبس تلقائيًا عند رؤية صور تعبِّر عن الخوف أو الحزن.
والرؤية الموسيقية الشاملة تحتوي على المشاهدة بجانب الاستماع، فرؤية الأداء في أثناء سماع الموسيقى يؤثِّر على تجرِبتنا الموسيقية كثيرًا، كما أن استخدام تعابير الوجه في الموسيقى له دور كبير في توصيل معنى الموسيقى.
5. الموسيقى حلوى سمعية
عرّف عالم النفس المعرفي “ستيفن بينكر” الموسيقى بأنها حلوى سمعية، وعلى هذا المنوال يمكن تصوير الموسيقى بعقاقير ترفيهية نتناولها عبر الأذن لتحفيز دوائر المتعة.
إنّ الموسيقى ليست كذلك بالطبع، لكنها تشبه بعض العوامل التحفيزيّة الأخرى: كالطعام والجنس والمال، فعندما نحصل عليها يعمل ذلك على تشغيل دوائر المكافأة في المخّ؛ ولهذا حين تعجبنا أغنية ما لا نكفُّ عن تكرارها.
6. ترقّب الموسيقى
وجود التوقعّات هو ما يجعل الموسيقى قويّة جدًّا، فقد أظهرت الأبحاث أنّ الترقّب هو مفتاح تشغيل دوائر المكافأة وحدوث المتعة، فالتغيّرات المفاجئة في شدة الإيقاع وسرعته هي أحد الأسباب الرئيسية التي تسبِّب استجابة شاعرية قويّة في المستمعين.
ومع التكرار، يتناقص الفرق بين الأحداث المتوقعة والفعلية، بحيث يبدأ المستمعون في توقع هذه الأحداث، وتصبح الموسيقى أقل إرضاءً.
7. عاطفة الرهبة
غالبًا ما تُسبِّب لنا الموسيقى البكاء؛ لما نشعر به من رهبة وإعجاب تجاه ما يمكن لشخص آخر أن يبتكره، وتوصف تلك الرهبة بأنها إحساس بالعظمة يصاحبه انغماسٌ بموضوع تلك العظمة.
وكنتيجة لتلك المشاعر يصيبنا الدافع لتحسين أنفسنا والمجتمع من حولنا.