أثرت جائحة فيروس كوفيد-19 بشكل كبير على مجال الاتصالات والتواصل الاجتماعي؛ حيث زاد من استخدام التطبيقات التي تُمكّن من عقد المؤتمرات عن بُعد والعمل عن بُعد والتعلم عبر بعد وأيضًا تقوية العلاقات الاجتماعية.
يزيد الوقت الطويل الذي تقضيه على الشاشات والأجهزة اللوحية والأجهزة الذكية من التوتر والقلق. ويمكن أن تزيد ضغوطات الصحة العقلية المتعلقة بالتواصل عن بعد إلى ضغوط أخرى مرتبطة بوقت الحجر الصحي والإغلاق لتؤدي في النهاية إلى الإرهاق والإنهاك للفرد.
أدت جائحة كوفيد-19 إلى تسريع عملية تحول قطاع التعليم إلى التعلم عبر الإنترنت، حيث تم حظر التجمعات وفرض الإغلاق العام لجميع أماكن التجمعات ومن ضمنها المدارس والجامعات، و لوحظ ارتفاع الطلب على الدورات التدريبية المفتوحة الضخمة عبر الإنترنت من مزودي هذة الخدمات مثل كورسيرا Coursera و إي دي إكس edX أثناء الإغلاق.
في أبريل 2020، تم البحث عن “دورات مجانية عبر الإنترنت” أكثر من مليون مرة وزادت عمليات البحث عن دورات التكنولوجيا التي تعمل على ترقية المهارات والمعرفة، مثل مايكروسوفت إكسيل “Microsoft Excel ” وبايثون “Python” والترميز “coding”، بنسبة 100٪. ولتلبية الطلب، قدم كورسيرا شهادات لـ 115 دورة مجانية تنوعت الدورات بين العلوم والفلسفة والتاريخ والرياضيات ومواضيع أخرى. كما قدمت إي دي إكس مجموعة متنوعة من الدورات المجانية عبر الإنترنت بالشراكة مع مؤسسات مختلفة لتعليم تاريخ الأوبئة والإجراءات التي ينبغي اتخاذها أثناء الأوبئة والعلاجات المتاحة للفيروس وكيفية التعامل مع الأوبئة.
أدت الطفرة في الاتصالات السلكية واللاسلكية إلى قضاء المزيد من الوقت في مواجهة الشاشات والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية مما أدى إلى زيادة مستويات الإجهاد والإنهاك.
الإجهاد هو رد فعل عاطفي أو جسدي أو عقلي يسبب التوتر يمكن أن ينتج عن المواقف الاجتماعية أو البيئية أو النفسية.
الإنهاك هو حالة صحية عقلية تنتج عن ضغوط مرتبطة بالعمل، وتتضمن رد فعل مستمر للضغوط الشخصية المستمرة.
العوامل الرئيسية التي تساهم في الإنهاك هي الإرهاق الشديد ومشاعر الاستخفاف والانفصال. بالإضافة إلى ذلك، قد يترتب على ذلك شعور بعدم الفعالية وعدم الإنجاز. يتم تصور الإنهاك المهني على أنه انهيار في العلاقة بين الناس وعملهم.
كانت العلاقة بين استخدام الأجهزة الذكية والإجهاد والإنهاك موضوع اهتمام الباحثين في جميع أنحاء العالم، حيث إنه غالبًا ما يُزعم أن التعرض لشاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية يرتبط بعدد كبير من الأعراض المرتبطة بالتوتر. قد تظهر هذه في شكل اضطرابات نفسية أو معرفية أو عضلية هيكلية، وقد تؤثر سلبًا على نوعية حياة الفرد ووظائفه اليومية.
أفادت بعض الدراسات التي تركز على النوع الاجتماعي والتي تستكشف الآثار النفسية للاستخدام المطول للهواتف الذكية عن أعراض اكتئاب واضطرابات نوم بين الإناث أكثر من الذكور كما تعد السمات الشخصية والعمر وكثافة استخدام الأجهزة الذكية عاملًا كبيرًا في تحديد نسبة التعرض للضغط النفسي والعقلي. تبين أن القلق أكثر شيوعًا لدى الطلاب الأصغر سنًا، وأولئك الذين يرسلون المزيد من الرسائل النصية، والطلاب الذين يقضون أوقاتًا أطول يوميًا في التحدث عبر الهاتف.
وتجدر الإشارة إلى أن آثار التعرض المطول للاتصالات السلكية واللاسلكية يمكن أن تؤثر أيضًا على الصحة البدنية؛ حيث تؤدي مراقبة الشاشات والانحناء فوق الهواتف الذكية لفترات طويلة إلى ضرر جسدي واضح. وجد أن آلام الرقبة مشكلة بارزة بين المستخدمين للأجهزة الذكية من المراهقين والأطفال، ويرجع ذلك أساسًا إلى الوضع المطول والمشوه عند استخدام هذه الأجهزة؛ على وجه التحديد، قد يؤدي ثني الرقبة عند استخدام الشاشات الرقمية والهواتف الذكية بشكل تدريجي إلى الضغط على العمود الفقري العنقي في حالة تعرف باسم “iHunch” وقد يؤدي أيضًا إلى إجهاد الأربطة والعضلات والأوتار في العمود الفقري.
غالبًا ما ترتبط الأوبئة بحالة من التوتر والذعر. وفقًا لذلك، يمكن أن يتراكم الضغط الناتج عن الاتصالات مع ضغوط أخرى لتؤدي إلى الإرهاق والقلق والإنهاك. أثناء تفشي COVID-19، أدت عمليات الإغلاق المفروض والحجر الصحي الإجباري إلى زيادة مستويات التوتر وأدى عدم القدرة على التواصل الاجتماعي وحضور التجمعات والتفاعل مع الآخرين إلى تعزيز قلق الانفصال والملل والأفكار الانتحارية. أظهرت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين أمضوا أكثر من 10 أيام في الحجر الصحي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ عن أعراض إجهاد ما بعد الصدمة.
نتيجة لذلك كان الطلاب لهم النصيب الأكبر من الضغوطات النفسية، حيث مع إغلاق الجامعات والمدارس وإلغاء حفلات التخرج وتغيير أساليب التعلم وعجز الأجور نتيجة لتوقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية كل ذلك كان سببًا لزيادة معدلات الإنهاك والإرهاق لدى الطلاب. لذلك يجب تطبيق بعض النقاط للحفاظ على الصحة العقلية والنفسية خلال هذه الأوقات الصعبة، وهي:
- نشر الوعي عن الضغط والإرهاق الناتج عن زيادة استخدام الاتصالات أثناء الأوبئة من خلال قنوات الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
- زيادة وتيرة فترات الراحة بين المحاضرات عبر الإنترنت أو أثناء المؤتمرات الهاتفية للسماح للمشاركين بالتخلص من إجهاد العين ومنع فقدان الاهتمام والانتباه.
- توجيه حملات التوعية للطلاب لزيادة وعيهم بالعواقب الجسدية والعاطفية لزيادة الوقت على الإنترنت.
- تقديم التعلم المستند إلى البودكاست كبديل للقاءات المرئية عبر الإنترنت لتقليل إجهاد العين والحد من التعرض للشاشة. حيث يستبدل البودكاست الأذنين بالعيون، مما يخفف الضغط والتوتر الذي يمكن أن ينتج عن التثبيت البصري المطول على الشاشات والأجهزة اللوحية.
- تطبيق الممارسات الصحية بين الجلسات عبر الإنترنت وأثناء الاجتماعات الممتدة، مثل تمارين التنفس والتأمل واليوجا.
- إتاحة الفرصة للمشاركين عبر الإنترنت لمشاركة مشاعرهم وصراعاتهم العقلية حتى يمكن تقديم المساعدة والدعم المناسبين.
- الحد من العادات غير الصحية التي تزيد من مستويات التوتر، مثل التدخين وتناول الكافيين.