ينتمي الأسبرين (حمض الأسيتيل ساليسيليك) إلى عائلة مضادات الالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs)، التي تعمل عن طريق منع إنزيمات الأكسدة الحلقية (COX enzymes)، مما ينتج عنه وقف إنتاج مادة البروستاجلاندين (prostaglandin).
يُعد الأسبرين من أقدم الـNSAIDS وهو يمنع كلا من COX I وCOX II عن طريق تكوين رابطة تساهمية بين مجموعة الأسيتيل بجزيء الأسبرين والإنزيم، وتستمر هذه الرابطة حتى بعد اختفاء الأسبرين من الدم، مما ينتج عنه سيولة في الدم ولا يتنحى هذا التأثير إلا بإعادة صناعة الإنزيم من جديد في الصفائح الدموية، وتحتاج هذه العملية لعدة أيام.
نتيجةً لذلك، توقف استخدام الأسبرين كمسكن ومضاد للالتهاب، وأصبح يُستخدم كمضاد للتجلط لتقليل خطر النوبات القلبية والذبحة الصدرية وتخثر الدم1.
يُوصى بتجنب صرف الأسبرين للأطفال تحت سن 12 عامًا، لارتباطه بزيادة خطر الإصابة بمتلازمة راي2 (Reye’s Syndrome)، وهي تؤثر على جميع أعضاء الجسم ولكنها أكثر ضررًا على الدماغ والكبد، تشمل أعراضها القيء المستمر والخمول والارتباك والهذيان والتشنجات وفقدان الوعي وحدوث تغيرات بالشخصية مثل سهولة الانزعاج3.
مضادات الالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs)
هي أحماض عضوية ضعيفة، لها تأثير مسكن وخافض للحرارة، وعند الجرعات العالية يكون لها تأثير مضاد للالتهاب.
الآلية التي تعمل بها
تعمل عن طريق وقف إنتاج مادة البروستاجلاندين بإيقاف مجموعة من الإنزيمات تدعى إنزيمات الأكسدة الحلقية (COX enzyme)، والتي لها دور رئيسي في التفاعل الداخلي المسؤول عن إنتاج مادة البروستاجلاندين في الجسم1.
كيف يقلل ذلك من الشعور بالألم؟
عند حدوث إصابة بالجسم، يقوم الجسم بإنتاج مادة البروستاجلاندين عند موقع الإصابة، ويؤدي ذلك إلى تورم الأنسجة وتكوين الإشارة الكهربية التي تنقلها الأعصاب إلى الدماغ مسببة الإحساس بالألم، وبالتالي عند إيقاف إنتاج مادة البروستاجلاندين يقل الإحساس بالألم4.
فهم الآثار الجانبية لمضادات الالتهابات غير الستيرويدية
البروستاجلاندين (Prostaglandin) هي مادة شبيهة بالهرمونات وتشارك في مجموعة واسعة من وظائف الجسم، مثل: انقباض وانبساط العضلات الملساء، تمدد و تقلص الأوعية الدموية، والتحكم في ضغط الدم، وتضمين الالتهاب.
تُشتق البروستاجلاندين من مادة كيميائية تسمى حمض الأراكيدونيك (arachidonic acid) عن طريق تفاعل كيميائي تحفزه إنزيمات الأكسدة الحلقية5.
عند وقف إنتاج مادة البروستاجلاندين فإن بجانب تقليل الإحساس بالألم، يحدث الآتي:
- مشاكل بالجهاز الهضمي:
تُعد أكثر الآثار الجانبية شيوعًا لاستخدام مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، وتتمثل في تكون تقرحات في المريء أو المعدة أو الأمعاء الدقيقة، نتيجة لمنع أحدى أنواع البروستاجلاندين المسؤولة عن حماية بطانة المعدة والجهاز الهضمي، والإنزيم المسؤول عن إنتاج هذا النوع هو COX I.
- ارتفاع ضغط الدم وتلف الكلى:
تقلل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية من تدفق الدم إلى الكليتين، مما يجعلها تعمل بشكل أبطأ ويؤدي إلى تراكم السوائل في الجسم وبالتالي ارتفاع ضغط الدم. ويؤدي النقص المستمر في تدفق الدم إلى الكيتين عند استخدام الـ(NSAIDs) بجرعات عالية لفترات طويلة إلى حدوث تلف الكليتين وقد يتطور إلى فشل كلوي4.
وُجِد أنه بمنع النوع الثاني فقط من الCOX enzymes يقل التأثير السلبي على المعدة والصفائح الدموية، فترتب على ذلك ظهور الأدوية المُتخصصة بمنع إنزيم ال COX II فقط، إلا أن منظمة الغذاء والدواء قد حذرت منها في حالة وجود أمراض بالقلب والأوعية الدموية1.
المثبطات الانتقائية لإنزيم COX II
تم تطوير هذا النوع من الأدوية لمنع تصنيع البروستاجلاندين المسؤول عن الألم في مواقع الالتهاب، دون الإضرار بتأثيرها المفيد في مواقع أخرى من الجسم مثل المعدة والكلية والصفائح الدموية.
أمثلة:
- السيليكوكسيب (Celecoxib):
تأثيره على COX II يعادل 10-20 ضعف تأثيره على COX I، وهو أقل الNSAIDs تأثيرًا على المعدة، واستخدامه بالجرعات المعتادة (100-200 ملليجرام مرتين يوميًا) لا يؤثر على الصفائح الدموية.
- الميلوكسيكام (Meloxicam):
يعمل على تثبيط COX II بنسبة أعلى من COX I، ولكن تأثيره ليس متخصصًا بقدر السيليكوكسيب. كما يقوم بتثبيط الثرومبكوسان -إحدى عوامل التجلط-، ولكن ليس بالدرجة التي تُنقص من وظيفة الصفائح الدموية1.
مثبطات إنزيمات الCOX غير الانتقائية
- الديكلوفيناك (Diclofenac):
مشتق من حمض الفينيل أسيتيك، ويؤثر على كلٍّ من COX II وCOX I، ويتسبب في حدوث قرحة المعدة بنسبة أقل من باقي الNSAIDs.
هناك بعض التركيبات الدوائية التي تحتوي على الديكلوفيناك مع عقار يقلل من حموضة المعدة مثل الأوميبرازول (omeprazole) لتقليل خطر تقرح المعدة، ولكن وُجد أنها تزيد من خطر حدوث تلف بالكلى عند المرضى الأكثر عرضة لذلك.
إن جرعة 150 ملليجرام يوميًّا من الديكلوفيناك تؤثر على وصول الدم إلى الكليتين، وعلى عملية الفلترة داخل الكلى.
- الدايفلونيسال (Diflunisal):
مشتق من حمض السالسيلك (salicylic acid)، يُعتقد بأنه فعال في حالة الألم المصاحب للسرطان وجراحة الأسنان.
يُستخدم بحذر في حالة وجود قصور في وظيفة الكبد أو الكلى.
- الإيبوبروفين (Ibuprofen):
مشتق من حمض الفينيل بروبيونك (phenylprppionic)، ويُصرف بجرعات أقل من 2400 ملليجرام يوميًا، ويؤثر عند هذه الجرعة كمسكن فقط وليس كمضاد للالتهاب.
- الإندوميثاسين (Indomethacin):
مشتق من الإندول (Indole) وهو مثبط قوي لإنزيمات ال COX والفوسفو لايبيز.
- الكيتوبروفين (Ketoprofen):
مشتق من حمض البروبيونيك (propionic acid)، ويثبط كلًا من COX I وCOX II وlipoxygenase.
- النابروكسين (Naproxen):
مشتق من حمض (naphthyl propionic acid)، ويسبب قرحة المعدة بنسبة صغيرة جدًا ولكن أعلى من الإيبوبروفين1.
المصادر:
[1] Bertram G. katzung, Anthony J. trevor: Basic & clinical pharmacology. Mc Graw Hill education, thirteenth edition. Chapter 36
[2] https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/10171961
[3] https://www.ninds.nih.gov/Disorders/All-Disorders/Reyes-Syndrome-Information-Page
[4] https://www.webmd.com/arthritis/features/pain-relief-how-nsaids-work
[5] https://www.medicinenet.com/script/main/art.asp?articlekey=16461