سيطرت مجموعة من الدول وهيمنت على مجتمعات العالم سياسياً واقتصادياً؟ فكيف تطورت هذه الأوجه؟ ولماذا بعض البلاد لديها الكثير وأخرى لا تملك شيئًا؟
ظهرت على مدى القرون الخمسة إلى الستة الماضية ثقافةٌ مميزة أو طريقة حياة مختلفة يسيطر عليها الاعتقاد في التجارة والسلع الاستهلاكية كأنهم مصدر للرفاهية.
ازدهرت هذه الثقافة في أوروبا الغربية، وأتت ثمارها في الولايات المتحدة، ثم انتشرت في معظم أنحاء العالم، فخلق ما أسماه بعض علماء علم الإنسان (الأنثروبولوجيا) وعلماء الاجتماع والمؤرخون النظام العالمي.
ويجب أيضًا أن تدرك أنه لا توجد ثقافة أو مجتمع معاصر مستقل عن النظام العالمي، وأن كل واحد منهم يقع إما في قلب النظام أو على أطرافه.
وقد اختلف الناس على العوامل الجوهرية التي أثرت في تطور هذا النظام، إلا أن معظمهم يتفق على بعض الأفكار الأساسية. أهمها هي الافتراضات التي ترجح أن القوة المتسببة في انتشار النظام العالمي المعاصر هي الرأسمالية الصناعية ورأسمالية الشركات، وأن انتشار النظام العالمي مرتبط نوعًا بما وصل إليه العالم من انقسام الدول إلى غنية وفقيرة أو إلى دول ذات ثراء فاحش وتطور صناعي وأخرى نامية فقيرة، متأخرة، غير صناعية.
ولقد رافق انتشار النظام العالمي الرأسمالي إيجاد أنماط مميزة من العلاقات الاجتماعية، وطرق النظر على العالم، ووسائل لإنتاج الغذاء، ونماذج صحية ومرضية وعلاقات مع البيئة، وما إلى ذلك[1]. وسنرى في هذا المقال أسباب هذا التحول.
حضارة الرأسمالية
الرأسمالية هي نظام اقتصادي يقوم على تحكم الشركات الخاصة في تجارة البلاد وصناعتها وأرباحها، بدلاً من أن يتم ذلك من قبل العمال الذين يوفرون وقتهم وجهدهم لهذه الشركات[2] . إن ظهور الرأسمالية شكل حضارة تعد من أكثر الحضارات نجاحًا على الإطلاق من حيث توفير الراحة والرفاهية لعدد كبير من الأفراد. إلا إنها لم تكن ناجحة في ضم الجميع بالتساوي، وفشلها هنا لا يزال يمثل إحدى مشكلاتها الرئيسية.
لقد حلت مشاكل الغذاء لأعداد كبيرة من الناس (على الرغم من أنها ليست كلها بالتأكيد)، وقد أدت إلى تقدم غير مسبوق في الصحة والطب (ولكن، مرة أخرى، ليس للجميع). لقد دعمت الرأسمالية تطوير أدوات تكنولوجية معقدة بشكل مذهل وعززت مستوى من التواصل العالمي بشكل غير مسبوق ووحدت الناس ضمن مساعٍ ومسارات مشتركة وهذا ما لم تفعله أي حضارة أخرى.
تقوم حضارة الرأسمالية على التشجيع لإنتاج وبيع السلع. وبالنسبة للرأسماليين، تشجع هذه الحضارة على تراكم الأرباح. وللعمال، تشجع تراكم الأجور. وأما بالنسبة للمستهلكين، تشجع على تراكم البضائع. بعبارة أخرى، تعمل الرأسمالية على تحديد تصرف بعض الأشخاص وفقًا لمجموعة من القواعد التي تعلموها والتي تدفعهم إلى التصرف بالطريقة التي يتصرفون بها. لا يوجد شيء طبيعي حول هذا التصرف. فإن الناس بطبيعتهم لا يميلون إلى تكديس الثروات، وهناك مجتمعات لا تشجع على مثل هذا التكديس. على عكس المفاهيم الشعبية، يعمل أعضاء الحضارة الرأسمالية أكثر بكثير من، على سبيل المثال، الناس الذين يعيشون على جمع الثمار والصيد.
كيف تدفع حضارة الرأسمالية الناس على التصرف بطرق معينة؟
كيف تحفز الناس على تكديس الأرباح، الأجور، والسلع؟، ليس من السهل وصف آثار هذه الحضارة على حياة الناس. وقد لاحظ علماء الأنثروبولوجيا أن الثقافة تتكون من جميع المعتقدات والسلوكيات التي نكتسبها، وقواعدنا الخاصة التي تتحكم بحياتنا، والمعاني التي يبنيها البشر لتفسير أكوانهم وأماكنهم فيها. ومع ذلك، باستخدام هذه الأوصاف المجردة، يصعب فهم كيف يمكن لهذه الحضارة أن تؤثر في تحديد نظرتنا للعالم[3] .
وتتخذ الرأسمالية الموقف القائل بأن “الطمع شيء جيد”، وهو ما يتفق معه مؤيدو هذا النظام، حيث يزيد الطمع الأرباح والأرباح تزيد من الابتكار والتطور في المنتجات، مما يعني أن هناك المزيد من الخيارات المتاحة للمستهلك. بينما يقول معارضوها أن الرأسمالية، بطبيعتها، استغلالية وتؤدي إلى مجتمع مقسم بشكل وحشي تنتهك فيه حقوق الطبقات العاملة لصالح زيادة ثروة الأثرياء. ففي التاريخ الحديث، بدأت حركة “احتلوا وول ستريت” (Occupy Wall Street) كاحتجاج مناهض للرأسمالية ضد “1٪” –وهي نسبة أغنياء الطبقة الرأسمالية – واحتجوا بسبب السماح بزيادة ثرواتهم بينما 20٪ من جميع الأطفال الأمريكيين يعيشون في الفقر[4].
أولًا بناء المستهلك
لم يظهر المستهلك، بالطبع، فجأة في أوائل القرن العشرين. فنجد أنه في القرن الثامن عشر، كان التجار في بريطانيا العظمى وفرنسا وأماكن أخرى قلقين من أن يتم إنتاج المزيد من السلع أكثر مما يمكن هم بيعه. لكنهم لم يلقوا اهتمامًا كبيرّا لتسويق هذه السلع أو تقديمها، فإنهم كانوا يعتقدوا أن الناس سوف تشتري منتجاتهم عندما يحتاجونها. كان هذا هو الحال السائد منذ قرن مضى والذي خضع بعد ذلك لتغيير عميق لم يحدث بشكل طبيعي. في الواقع، لم تركز الثقافة الأمريكية في القرن التاسع عشر على الاستهلاك غير المحدود ولكن ركزت على الاعتدال وإنكار الذات.
كان الناس والعمال على وجه الخصوص، يميلون إلى الاقتصاد وحفظ أموالهم. كان ُينظر إلى الإنفاق، ولا سيما على الكماليات، على أنه “إسراف”. كان الناس يشترون الضروريات فقط مثل المواد الغذائية الأساسية، الملابس والأدوات المنزلية والأجهزة المنزلية. إذا نظرنا إلى جرد نموذجي لممتلكات عائلة أمريكية من 1870-1880، نجد نمطًا مختلفًا جدًا عن اليوم. ففي عام 1870، كان 53٪ من السكان يعيشون ويعملون في المزارع وينتجون الكثير مما يستهلكونه. كانت الأغراض المنزلية بسيطة نسبياً طاولة طعام، كراسي خشبية، أسِرة، ربما سجادة أو بساط. كان هناك عدد قليل من الأجهزة.
بالرغم من أن أفقر الأسر أو أكثرها عزلة لم تُقبِل على شراء الملابس الجاهزة، إلا أن معظم الأشياء التي كان يرتديها هؤلاء الناس كانت مصنوعة في المنزل وكانت عملية إلى حدٍ كبير. بالإضافة إلى، أن الغالبية العظمى من العائلات الأمريكية عاشوا في المزارع، وذلك يعني أنه تم استثمار معظم رأس مال هذه العائلات في الآلآت والأدوات الزراعية. كانت هناك، بالطبع، استثناءات. فلقد تنافس الأثرياء مع بعضهم البعض في التفاخر بالثروات والترف، كما فعلوا لعدة قرون. لكنهم كانوا يمثلوا نسبة صغيرة من السكان.
وصناعة المستهلك أيضا لم يخلوا منها حتى الأطفال الصغار ففي أواخر عام 1890، لم يكن هناك سوق للأطفال. الأطفال يأكلون ويرتدون ويلعبون بما صنعه آباؤهم لهم. كانت ألمانيا أكبر منتج للعب الأطفال، وكانت هناك مصانع قليلة في الولايات المتحدة، إن وجدت، تنتج ملابس الأطفال. ولم يكن هناك أي سوق للرضع أو أغذية الأطفال. ومع ذلك، بحلول عام 1915، كانت صناعة ملابس الأطفال من أكبر الصناعات في الولايات المتحدة، حيث يعمل خمسة وسبعون مصنعاً في ولاية نيويورك وحدها. زاد إنتاج الألعاب بنسبة 1300 % بين 1905- 1920. كما بدأ التجار في العلم باكتشاف علماء النفس “للرغبة الطبيعية” لدى “الصغار” في الألعاب، مع مراعاة نصيحة الأطباء النفسيين بأن ” رغبتهم هذه ستجعل الطفل يربط الأم بالمتجر” أو بعبارة أخرى إذا قاموا بزراعة المستهلكين كأطفال، فإنهم سيحصلون عليها كعملاء طوال العمر.
كما نصح علماء نفس الأطفال الآباء والأمهات بأن الأطفال يحتاجون إلى ألعاب للتمارين وللاسترخاء. وقالوا إن الأطفال يجب أن يكون لديهم غرف لعب خاصة بهم وحدثوهم عن القيم التعليمية من هذه الألعاب. مع هذا التركيز الجديد على الطفل كمستهلك، بحلول عام 1926، أصبحت أمريكا أكبر منتِج للألعاب في العالم.[5] يقول فرانسيسكو سيسكي «لقد أدى انتصار الأمريكي في هذه الحرب الناعمة إلى خلق رغبة لدى سكان العالم لأن يصبحوا أمريكيين» [6].
ثانيًا التسويق
حدث تحول كبير في معنى السلع وكيف يتم عرضها. خلال معظم القرنين 18 و19، لم يهتم التجار كثيرًا للشكل الذي تعرض به السلع. وفي عام 1838، تم افتتاح أول متجر كبير في باريس يدعى بون مارشيه (Le Bon Marché). يسمح هذا المتجر للناس بالتجول والنظر إلى السلع دون أي توقعات بأنهم يقومون بالشراء. فساعد عرض السلع في تعريف الثقافة البرجوازية، حيث قام بتحويل الثقافات والقيم والسلوكيات والتطلعات البرجوازية إلى سلع، وبالتالي أدى ذلك إلى تشكيلها وتغييرها.
ولكن بون مارشيه كان استثناء. أما في متاجر الولايات المتحدة، كان يتم عرض معظم المنتجات بكميات كبيرة، مع عدم الاهتمام بكيفية عرضها وترتيبها. وكانت واجهات عرض هذه المتاجر، إن وجدت، مليئة بالخردوات القديمة. حتى المتاجر الكبيرة التي كانت محدودة في منتصف القرن التاسع عشر، مثل قصر ألكسندر تيرني ستيوارت (Alexander Turney Stewart) أو قصر الرخام في نيويورك، لم يعر اهتماماً كبيرًا لعرض المنتجات. وبقى هذا الأمر هكذا حتى أوائل التسعينيات من القرن التاسع عشر، عندما ظهر متجر متعدد الأقسام في الولايات المتحدة كمؤسسة كبرى للبيع بالتجزئة ليدفع بعد ذلك تجار التجزئة إلى التركيز في كيفية عرض المنتجات للمستهلك. وقد تطور المتجر ليصبح مكانًا لعرض السلع باعتبارها أشياء بحد ذاتها.
عندما افتُتِحَ مخزن مارشال فيلدز (Marshall Field’s) في شيكاغو في عام 1902، امتلأت طوابق المخزن بالفرق الموسيقية والورود. لم يُسمح ببيع أي شيء في اليوم الأول، وأغلق التجار متاجرهم حتى يتمكن موظفوهم من زيارة فيلدز. لاحقًا، تم عرض أعمال مسرحية متقنه وأعمال فنية، وساهمت بعض العقول الأمريكية المبدعة في لتصميم عروض تهدف إلى تقديم السلع بطرق تدفع الناس لشرائها. وأصبحت هذه المخازن رائداً ثقافياً تخبر الناس كيف يرتدون الملابس، ويفرشون منازلهم، ويقضون أوقات فراغهم[7] .
ثالثًا تطور الدعاية
كانت الدعاية تطورًا ثوريًا آخر أثر على بناء المستهلك. كان الهدف من الدعاية هو تشكيل رغبات المستهلك بقوة وإيجاد قيمة في السلع من خلال جعلهم يملكون القدرة على تحويل المستهلك إلى شخص أكثر رغبة. قبل أواخر عام 1880، بدا الإعلان متدنيًا ومرتبطًا بإسلوب بي تي بارنوم (P.T. Barnum). في عام 1880، تم استثمار 30 مليون دولار فقط على الإعلانات في الولايات المتحدة.
بحلول عام 1910، كانت أعمال تجارية جديدة، مثل النفط والغذاء والكهرباء والمطاط، ينفق عليها حوالي 600 مليون دولار، أو 4 % من الدخل القومي، فقط للإعلانات. وبحلول عام 1998، بلغ المبلغ الذي تم إنفاقه عالمياً على الإعلانات 437 مليار دولار، وهو رقم ينافس 778 مليار دولار الذي يُنفَق على الأسلحة. بحلول أوائل القرن العشرين، بدأت الدعاية الوطنية وتوظيف المشاهير للإفصاح بسلعهم المفضلة. أصبحت بطاقات الإعلان والكتالوجات وإعلانات الصحف سمة عادية للحياة الأمريكية. ثم أصبحت الإعلانات في الشوارع – اللوحات الإعلانية واللافتات والملصقات – في كل مكان. ثم انتشار التسويق باستخدام الإعلانات الكهربائية – نيون وعلامات وامضة. واليوم، يلعب الإعلان دورًا كبيرًا في حياتنا نلاحظه بالكاد، حتى عندما يكون محفورًا أو مطرّزًا على ملابسنا.
هناك أيضًا فكرة أخرى للتسويق هي فكرة الموضة: إثارة القلق وعدم الارتياح حول امتلاك الأشياء التي الغير “جديدة” أو “حديثة”. ليس غريبًا إذن أن صناعة الملابس في أمريكا قادت الطريق في خلق الموضة. كان نموها في أوائل القرن العشرين يزيد بحوالي اثنين أو ثلاثة أضعاف عن أي صناعة أخرى. بحلول عام 1915، احتلت صناعة الملابس في الولايات المتحدة المرتبة الثالثة بعد صناعة الفولاذ والنفط[8].
رابعًا تغير المؤسسات
الطريقة الثانية التي تغيرت بها عادات الشراء الأمريكية كانت من خلال تحول المؤسسات الكبرى في المجتمع الأمريكي، حيث أعاد كل منهما تعريف وظيفته لتشمل الترويج للاستهلاك. حتى المؤسسات التعليمية والثقافية والوكالات الحكومية والمؤسسات المالية، وحتى الأسرة نفسها، غيرت معناها ووظيفتها للتشجيع على استهلاك السلع. قبل عام 1900، ساهمت الجامعات في الاقتصاد الرأسمالي بشكل كبير بتعاملها مع كيفية “صنع” الأشياء، أي مع إنتاج السلع.
في الواقع لم يول أي اهتمام للمبيعات. ولكن في القرن العشرين بدأ هذا يتغيير. على سبيل المثال، في مدينة نيويورك؛ معهد برات وكلية نيويورك للفنون الجميلة والتطبيقية (الآن كلية بارسونز للتصميم) طورت وبدأت في إعداد الطلاب للعمل في المبيعات والتصميم الصناعي وفي المتاجر الكبيرة. قدمت كلية وارتون للأعمال بجامعة بنسلفانيا، وكلية هارفارد للأعمال، برامج في المحاسبة (لم يكن لها وجود في السابق قبل ذلك)، والتسويق، والمبيعات. وفي منتصف العشرينات من القرن العشرين، أسست جامعات هارفارد وستانفورد كليات إدارة أعمال عليا وفعلت مثلهم جامعات نورثويسترن وميشيغان وكاليفورنيا وويسكونسن بعد فترة قليلة. اليوم، لا توجد كليات تقريبًا مدتها سنتان أو أربع سنوات ولا تقدم نوعًا من مناهج تدريس الأعمال[9].
خامسًا الائتمان
طريقة أخرى لإيجاد مجتمع استهلاكي وتتمثل في إعطاء العامل قدرة شرائية أعلى. زادت بالطبع القوة الشرائية من خلال توسع الإقراض. الإقراض بالطبع أمر ضروري للنمو الاقتصادي والنزعة الاستهلاكية لأنه يعني أن الأفراد والشركات والحكومات يمكنهم شراء السلع والخدمات من خلال وعد فقط بالدفع في وقت ما في المستقبل. علاوة على ذلك، كلما تم التقديم على قرض- سواء كان من خلال مخزن أو بنك أو شركة أو شخص أو حكومة – فذلك يعني أن نقودًا قد توفرت، وأن المزيد من القوة الشرائية قد أدخلت في الاقتصاد.
إن شراء الأشياء بالدّين لم يكن دائماً أمرًا مقبولاً في الولايات المتحدة. بل كان مكروهًا للغاية في القرن التاسع عشر. ولم يتم قبوله اجتماعيًا حتى أوائل العشرينيات من القرن الماضي، وفي ذلك الوقت انتعشت قوة شراء السيارات والبيوت على حد سواء. وكان السهولة المتزايدة في الحصول على القروض العقارية عاملاً رئيسًا هامًا في ازدهار قطاع بناء المساكن في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين.
في الستينيات من القرن العشرين، وهذا بدوره أشعل فتيل الصناعات المكملة- الأجهزة والمفروشات المنزلية وبناء الطرق. كما أدت هذه القروض العقارية إلى جعل القوى العاملة تسعى للعمل من أجل تسديد ديونها. في الوقت نفسه، حصل أصحاب المنازل على أصول رأسمالية للوقاية من التضخم. وفي عام 1997، بلغ دين أسر الولايات المتحدة 5.5 تريليون دولار[10].
سادسًا التغيير في القيم الروحية والفكرية
بالإضافة إلى التغيبر الذي طرأ على وسائل التسويق التي تحفز الاستهلاك، كان يجب أن يكون هناك تغيير في القيم الروحية والفكرية وتحولها من مجرد التركيز على قيم مثل التوفير والتواضع والاعتدال لتتحول إلى قيم تشجّع على الإنفاق والتفاخر. خضعت الولايات المتحدة لتغيير القيم من تلك التي ركزت على التقشف ونكران الذات لتلك التي فرضت قيودًا على أوقات الفراغ، والإنفاق القهري، والإنجاز الفردي.
استغل المعلنون هذه التغييرات من خلال تغيير طريقة الإعلان عن المنتجات؛ بدلاً من التركيز على طبيعة المنتج نفسه، بدأوا في التأكيد على الآثار المزعومة للمنتج ووعده بحياة أكثر ثراءً وأكبر. بدلا من مجرد كونها صابونة جيدة، أو حذاء جيد، أو مزيل للعرق فعال، فأصبح المنتج يساهم في التأثير على المشتري نفسيًا أو جسديًا، أو يعتبر كدليل على الرفاه الاجتماعي.
هكذا بحلول ثلاثينيات القرن العشرين، كان المستهلك متأصل في الولايات المتحدة بإطار روحي وتبرير عقلاني يبرر استمراره في استهلاك السلع باعتبارها مرضية ومرغوب بها اقتصاديًا وواجب أخلاقي من شأنه القضاء على الفقر والظلم. لم تتوقف عملية خلق المستهلك في عام 1930. فمنذ ذلك الوقت، أصبحت مؤسسات مجتمعنا، وخاصة التي لديها روابط مع الشركات الأمريكية، أكثر مهارة على التأثير على الناس حتى تضمن التزايد المستمر للاستهلاك. أدت الحاجة إلى الاستهلاك إلى إعادة ترتيب أماكن معيشتنا، وخلق مساحات جديدة لتشجيع الاستهلاك، وغيرت الطرق التي ننظر بها إلى بعضنا البعض . [11]
المصادر:
[1] Richard H. Robbins. (1999). “Global Problems and The Culture of Capitalism”. Preface page XIII, Retrieved from: https://books.google.com.eg/books/about/Global_Problems_and_the_Culture_of_Capit.html?id=ElNsSQAACAAJ&redir_esc=y
[2] What “Capitalism” Is and How It Affects People – Teen Vogue [Internet]. [cited 2019 Feb 9]. Available from: https://www.teenvogue.com/story/what-capitalism-is
[3] The previous resource (book) page 12
[4] What “Capitalism” Is and How It Affects People – Teen Vogue [Internet]. [cited 2019 Feb 9]. Available from: https://www.teenvogue.com/story/what-capitalism-is
[5] The previous resource (book) page 14
[6] The previous resource (book) page 34
[7] The previous resource (book) page 15
[8] The previous resource (book) page 15
[9] The previous resource (book) page 17
[10] The previous resource (book) page 18
[11] The previous resource (book) page 19, 21