كشفت الدراسة المنشورة على الإنترنت في 22 أبريل في مجلّة (Depression and Anxiety)، عن قدرة تقنيّة ذكاء اصطناعي على تمييز أصوات الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة، بدقة 89%.
قال أحد مشرفي الدراسة، الدكتور الطّبيب تشارلز آر مارمار (Charles R. Marmar, MD)، الدكتور بمؤسسة (Lucius N. Littauer)، ورئيس قسم الطّبّ النفسيّ بكلية الطّبّ بجامعة نيويورك (NYU School of Medicine):
«ترجّح نتائجنا إمكانية استخدام السمات المستخلصة من الكلام لتشخيص هذا المرض، وإنه من المحتمل بدء تطبيق استخدامها في العيادات قريبًا، بعد تحسيناتٍ وتدقيقاتٍ إضافيةٍ»
يتعرض أكثر من 70% من البالغين حول العالم إلى حدثٍ صادمٍ واحدٍ -بحيث يُحدث آثارًا نفسيةً عميقةً- على اﻷقلّ عبر حياتهم، لتصل نسبة مصابي اضطراب ما بعد الصدمة إلى 12% في بعض البلدان المتعثرة. يعاني أصحاب هذا الاضطراب من الكرب المتواصل عند تذكرهم أحداثًا متعلقةً بالصّدمة.
أوضح معدّو الدّراسة أن تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة غالبًا ما يُشخَّص عن طريق المقابلات التّشخيصية العيادية، أو بتقييم التّقارير الذّاتية؛ وهما طريقتان معرضتان جوهريًّا ﻷخطاءٍ منهجيةٍ (biases). أدّى ذلك إلى مجهوداتٍ لتطوير مقاييسٍ جسديةٍ، معياريةٍ، قابلةٍ للقياس، لقياس تقدم اضطراب ما بعد الصدمة؛ لتكون في هذا شبيهةً بالتّحاليل المعملية للحالات الطّبية. لكنّ هذه المجهودات لم تحقق الكثير حتى اﻵن.
تعلُّم كيفية التّعلُّم
استخدم الفريق البحثيّ بهذه الدّراسة، تقنيةً تعتمد على الإحصاء وتعلم اﻵلة -تُدعى (random forest)- تستطيع تعلُّم كيفيّة تصنيف اﻷفراد بناءً على أمثلةٍ مسبقةٍ. تقوم برامج الذّكاء الاصطناعي من هذا النوع ببناء قواعدٍ لاتخاذ القرار ونماذج رياضيةٍ تزيد من دقّة القرارات المتّخذة، كلّما ازداد حجم بيانات التدريب (training data).
قام الباحثون أولًا بتسجيل ساعاتٍ من المقابلات التّشخيصيّة للقياس، تُسمّى: مقياس عيادي لاضطراب ما بعد الصدمة (اختصارًا: CAPS) لـ53 من المجنّدين العائدين من الخدمة العسكرية في العراق وأفغانستان ممّن يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة -المرتبط بالخدمة العسكرية-، بالإضافة إلى 78 من المجنّدين من دون المرض. ثمّ أُدخلت التّسجيلات إلى برنامجٍ صوتيٍ من (SRI International) -المعهد الّذي ابتكر (Siri) أيضًا- لإعطاء 40526 من السّمات المستخلصة من الكلام الّتي اُلتقطت في شكل دفعاتٍ قصيرةٍ من الكلام، ليفحصها برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بالفريق، للبحث عن الأنماط.
ربط برنامج راندم فورست أنماط بعض السّمات الصّوتية باضطراب ما بعد الصدمة، بما في ذلك الكلام المبهم والنّبرة الصّوتية الجامدة الهامدة، وهما سمتان اُشتهرتا بالمساعدة في تشخيص هذا المرض في الكثير من تقارير الحالات، بينما لم تثبتا بشكلٍ عمليٍّ كأعراضٍ قياسيةٍ. وفي حين أنّ الدّراسة الحالية لم تستكشف الآليّات المرضيّة وراء اضطراب ما بعد الصدمة، إلّا أنّ النّظرية حاليًا هي أنّ الأحداث الصادمة تُغيِّر دوائر المخ العصبيّة الّتي تعالج المشاعر والتّوتر العضلي، ممّا يؤثّر على صوت الشّخص.
يخطِّط فريق البحث مستقبلًا لتدريب تقنية الذّكاء الاصطناعي المستخدمة، بمزيدٍ من البيانات، واختبارها على عيّنةٍ مستقلّةٍ، والتّقدم بطلبٍ للحصول على موافقةٍ حكوميةٍ على استخدامها عياديًّا.
يقول معدّ الرّسالة الرئيسيّ، دكتور آدم براون (Adam Brown, PhD) أستاذ مساعد غير معيَّنٍ، بقسم الطّبّ النّفسيّ في كلية الطّبّ بجامعة نيويورك:
«يعدّ الكلام مرشّحًا جذّابًا للاستخدام في نظام تشخيص آليّ، ربّما كجزءٍ من تطبيق هاتفٍ ذكيٍّ لاضطراب ما بعد الصدمة. ذلك أنّ قياسه وتحليله يمكن أن يتمّ بتكلفةٍ رخيصةٍ، وعن بُعدٍ، ودون تدخلٍ أو اقتحامٍ».
تقول ديميترا فيرجيري، مديرة معمل تقنيّة وأبحاث التّخاطب لدى SRI International (اختصارًا: معمل STAR):
«إنّ تكنولوجيا تحليل الكلمات، المستخدمة في الدّراسة الحالية، للكشف عن اضطراب ما بعد الصدمة؛ تندرج تحت نطاق المزايا الّتي تقدمها منصّتنا لتحليل الكلام، المسمّاة (SenSay Analytics ™). إنّه يحلّل الكلمات، بالإضافة إلى تردّد الصّوت وإيقاعه ونبرته والخصائص اللّفظية للكلام، لاستنتاج حالة المتكلم، بما في ذلك المشاعر، والوجدان، والإدراك، والصّحة، والصّحة العقلية، وجودة التّواصل.
تشارك المنصّة في عددٍ من التّطبيقات بالمجال، من أبرزها شركاتٌ ناشئةٌ مثل: (Oto – Ambit – Decoded Health)»