حسنًا، أن تعرف شخص ما، يعني أنك تعرف سلوكه المُعتاد في التصرف مع ما حوله، وكيف يتعامل مع المواقف المختلفة. وبهذا تستطيع أن تُميزّه عن غيرِه.
ولكن دعني أُخبِرُك أنه ليس فقط سلوك هذا الشخص وطريقة تصرفه هي ما تجعلك تُميزّه، ولكن من اليوم وعلي طريقة بصمة الإصبع فإنك تستطيع أن تتعرف عليه من خلال طبيعة نشاطه العقلي.
باحثون في جامعة« ييل -Yale» في الولايات المتحدة الأمريكية وجدوا ان الصور المأخوذة للنشاط العقلي لشخص ما بواسطة الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) يُمكنها أن تكون بصمة مُميزة له بالإضافة إلي كونها محددة لدرجة ذكاءُه.
تقول «ايميلي فين – Emily Finn» -صاحبة الدراسة- : “في الأبحاث القديمة كانت تستخدم تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لإكتشاف الفروق بين الأشخاص الأصحّاء والمرضي مع إغفال دورها في الكشف عن الفروق الشخصية”
فعندما قام باحثوا جامعة Yale بفحص صور الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) ل 126 شخص، مصدرها مشروع «The Human Connectome Project». إستطاعوا أن يُميّزوا بين الأشخاص عن طريق سجلهم التوصيلي، وهو مسار إرسال الإشارات العصبية بين الخلايا.
قام الباحثون بمراقبة نشاط 268 منطقة مختلفة في المخ و فحص المشاركين ستة مرات مع إجراء بعض الفحوصات أثناء قيام المشاركين بنشاط إدراكي من نوعٍ ما، والبعض الآخر أثناء الراحة.
والمفاجأة أن الباحثون إستطاعوا التمييز بين المشاركين بدقةٍ تصل إلى نسبة 99 بالمائة عند مقارنة صور الرنين المغناطيسي الوظيفي الخاصة بنفس الشخص أثناء أداءُه لنفس النشاط الإدراكي، ولكن نسبة الدقة في التفرقة إنخفضت إلى 80 بالمائة عند فحص صور الرنين المغناطيسي الوظيفي لنفس الشخص أثناء أداءُه لنشاط إدراكي مُتفاوِت أو أثناء الراحة.
يقول «راسيل بولدراك – Russell Poldrack» عالِم أعصاب في جامعة ستانفورد: “نحن لانعلم إلى الآن إلى أي مدى كل شخص يحمل نمط إتصال عصبي مختلف عن الآخر”
فبالإضافة إلى إمكانية التعرُّف على الأشخاص والتمييز بينهم، فعلى الجانب الآخر أوضحت الدراسة أن مُراقبة النشاط العقلي للمخ بإمكانه أن يعطي للباحثين مُفتاح لحل لُغز إختلاف مستوى الذكاء بين الأشخاص.
كما يقول الباحثون أيضًا أنه على الرغم من أن مُعطيات صور الرنين المغناطيسي الوظيفي ليس بإمكانها أن تُشير إلى مدي ذكاءك، ولكنّ النمط التوصيلي للنشاط العقلي -وهو ما يمكن التعرف عليه من خلال الفحص المتكرر لصور الرنين المغناطيسي الوظيفي – على علاقةٍ وطيدة بنتيجة أداء الأشخاص لإختبارات الذكاء.
وكما يقول «بولدراك»: “يبدو ان التَميًُز مُرتبط بطريقةٍ ما بالوظائف الإدراكية ” فمع إتصال أقوى بين الفصّين القبل الجبهي والجداري للمخ تكُن النتائج مرتفعة في إختبارات الذكاء.
وفي حين أن البعض قلق بشأن إحتمال إستخدام تلك التقنيات لأغراض عنصرية في المستقبل كإحتمال الخضوع لفحص مخّي إلزامي كجزء من مقابلة من أجل الحصول على وظيفة أو مقابلة من أجل الحصول على مِقعد دِراسي كمثال، فإن ما يُثير الباحثين هو إمكانية إستخدام المعلومات الخاصة بالنشاط المخّي لأغراض علاجية، حيث تصمم الأدوية خصيصًا إعتمادًا على سجل المخ التوصيلي المُميز للمريض.
تختم «فين»: “نحن نملك الكثير من الأدوية لعلاج الأمراض النفسية العصبية ولكن يظل هُناك الكثير من التجربة والخطأ وفشل في العلاج، وبالتالي يُمكن أن يخلق ذلك وسائل جديدة للعلاج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«The Human Connectome Project» وهو مشروع يهتم بفحص المخ البشري بطريقة مختلفة كفحص المسارات العصبية في المخ كُلٍ على حده، والمقارنة بين الدوائر العصبية المختلفة ووظائف كل منها، ومعرفة الخلايا التي يتألف منها كل جزء صغير من المخ علي وجه الخصوص، وعلاقة تلك الخلايا بالوظائف المؤدّاه بواسطة هذا الجزء.
ترجمة: Mohamed Esmat
مراجعة: Hosny Ayman
تصميم: Omar Abu Almajd
المصدر: http://sc.egyres.com/dPsUM
#الباحثون_المصريون