لماذا لا تصاب الأفيال بالسرطان؟ أوضحت دراسة جديدة أن الحيوانات تحتوي على الكثير من الجينات الإضافية المضادة للسرطان وهذه الجينات الإضافية تمكن الفيلة من استئصال والتخلص من الخلايا السرطانية المحتملة قبل تطورها الى أورام.
عندما يتعلق الأمر بالسرطان يتضح أن الفيلة تمتلك العديد من العوامل المضادة للسرطان فبوزن يبلغ أكثر من 4800 كيلو جرام فإن الفيل الأفريقي يمتلك عدد من الخلايا يفوق بمئة مرة عدد الخلايا التي تمتلكها أنت وعلى الرغم من أنه كلما زادت عدد الخلايا في الحيوان كلما زادت احتمالات إصابة واحدة من هذه الخلايا بضرر في الحمض النووي مؤدية إلى السرطان حيث أن إنتاج هذا العدد من الخلايا يستلزم العديد من عمليات الإنقسام الخلوية وكل واحدة منها قد تؤدي الى خطأ في الحمض النووي الذي قد يؤدي بدوره الى الأورام وبالإضافة الى ذلك فإن الأفيال قد تعيش أكثر من ستين عاماً في البرية وبذلك يتوفر الوقت اللازم لنمو الخلايا السرطانية .يقول جوشوا شيفمان أخصائي أورام الأطفال في معهد هانتزمان للسرطان جامعة يوتا « إن الحيوانات التي تعيش لمدة طويلة وبعدد كبير من الخلايا يجب أن تموت بالسرطان ولكن هذا لا يحدث ولا يصل الأمر الى هذا الحد.»
إن معدلات السرطان المنخفضة في الأفيال وباقي الحيوانات الضخمة وذات الأعمار الطويلة مثل الحيتان –وهو ما يعرف بمعضلة بيتو نسبة الي أول عالم قام بوصفها- كانت تؤرق العلماء منذ منتصف السبعينيات . حتى الآن أحرز العلماء تقدما بسيطاً لحل هذا اللغز ومعرفة كيف تتغلب الأنواع ذات الأعمار الطويلة علي السرطان وهناك استثناء واحد وهو جرذان الخلد العارية فعلي الرغم من أن هذه القوارض الأفريقية ليست كبيرةً في الحجم إلا أنها تعيش لفترة تزيد عن 28 عاماً أكثر بـ 10 مرات من جرذان المختبر ولا يصابون بالسرطان. ومنذ سنتين كشف كلاً من فيرا جوربونوفا و اندري سيلوانوف أن واحدة من دفاعات فئران الخلد العارية ضد السرطان كانت نوعاً من السكرالمعقد يسمي هيالويورونان والذي منع الخلايا من التجمع والتكتل معاً لتشكل أوراماً. ولوضع قدرة الأفيال علي محاربة السرطان تحت منظور شامل اشترك في هذه الدراسة الجديدة كلا من شيفمان مع كارلو مالي وزملاؤه من جامعة اريزونا وذلك ليحددوا قابلية الأنواع المختلفه للإصابة بالأورام. واستخدم الباحثون البيانات من قاعدة البيانات الخاصة بالأفيال حيث تسجل ولادات ووفيات الأفيال المحبوسة على مستوى العالم ومن عمليات التشريح التي أجريت على أكثر من 30 نوعاً مختلفا في حديقة حيوانات سان دييغو في كاليفورنيا وجدوا أن أقل من 5%من الأفيال ماتت بالسرطان وبمعدل أقل من الحيوانات الأصغر مثل الكلاب البرية الإفريقية والتي بلغت نسبتها 8% والبشر الذين تتجاوز نسبتهم الـ20%.
والسبب المحتمل لكون الأفيال لديها إمكانية أقل للتعرض للإصابة بالسرطان ظهر في المحتوي الوراثي للافيال الافريقية وهو أنها تمتلك 40 نسخة من الجين المسئول عن بروتين يسمى«p53»وهو واحد من أهم الآليات لمنع السرطان ففي حالة أن الحمض النووي في الخلية قد تعرض لضرر ما والتي قد تؤدي الى أورام يأتي دور بروتينp53حيث أنه يمنع هذه الخلايا من الإنقسام حتى يتم إصلاح الأخطاء في الحمض النووي أو يتسبب في إنتحار هذه الخلية. تمتلك الأفيال الآسيوية من 30 الى 40 نسخة من هذا الجين وهذا ما نشره الفريق في مجلة «American medical association».
وعلى النقيض فإن البشر يمتلكون فقط نسختين من الجين المسئول عن إنتاج p53 وكذلك في الوبر الصخري«rock hyrax» وهو من أقارب الأفيال. ويقترح الباحثون أن النسخ الإضافية للجين من المحتمل أنها قد تراكمت منذ ملايين السنين ويرجع السبب في هذا إلى أن الجين قد تضاعف صدفةً مراتٍ كثيرة في أسلاف الأفيال .
ولكشف كيف تعمل نسخ الجين الإضافية المسئولة عن P53 تم تعريض خلايا الأفيال الافريقية لجرعة من الإشعاع مسببة ضرراً في الحمض النووي للخلايا . يقول شيفمان أنهم كانوا يتوقعون إصلاح للحمض النووي ولكن خلايا هذه الحيوانات لم تكن أفضل من الإنسان في عملية الإصلاح الخاصة بالحمض النووي وبدلاً من ذلك فإن خلايا الفيلة معرضة للموت مرتين أكثر من الخلايا البشرية عند تعرضها للإشعاع و تابع كلامه بأنهم ربما قد عرفوا السبب في أن الفيلة لا تصاب بالسرطان حيث أن النسخ الإضافية من هذا الجين تساعد الفيلة على القضاء على الخلايا السرطانية المحتملة قبل تحولها الى أورام وهذه الدراسة متوافقه مع ورقة بحثية نشرت في وقت سابق في «preprint server bioRxiv» والتي وجدت ايضاً أن هناك 40 نسخة من الجين المسئول عن p53 في المحتوى الوراثي للأفيال.
يقول جوربونوفا أن هذا دليل مثير حيث انه ساعد على حل مفارقة بيتو وذلك من خلال حيوان واحد . كما يعلق فاديم جلاديشيف أخصائي الكيمياء الحيوية في كلية الطب بهارفارد أنه مرتاب والسبب في ذلك أن الباحثين لم يوضحوا أن الجينات الإضافية تنتج نسخا عاملة من بروتين P53 وهل أيا من هذه الجينات لها وظيفه؟
ويقول شيفمان انه وفريقه يحاولون تقرير ما إذا كان من الممكن جعل الخلايا البشرية مشابهة لخلايا الأفيال على سبيل المثال عن طريق ادخال نسخاً إضافية من الجين المسئول عن p53 أو عن طريق اكتشاف مركبات تضاعف من تاثير النسخ الاضافية.
ويقول سلوانوف أن فئران الخلد العارية والأفيال تحارب السرطان بطرق مختلفه ونحن بحاجة الى النظر الى الحيوانات الضخمة ذات الأعمار الطويلة فإذا ما فعلنا ذلك فمن المحتمل أن نجد طرق لمحاربة السرطان والتي من الممكن أن تكون مفيدة لخلايانا.
ترجمة : محمد جمال
مراجعة : محمد صادق
تصميم : Ahmed El-tobshy
المصدر : http://sc.egyres.com/MeJjx
#الباحثون_المصريون