نشر مجموعة من الباحثين الصينيين في أبريل الماضي تقريرًا يبين محاولتهم إجراء تعديلٍ جيني على أجنة بشرية لأول مرة وذلك لمعالجة جين مرضيّ، وقد خرجت النتائج إيجابيةً مع عدد قليل من الأجنة، في حين أن أغلب الثمانين جنيًا لم يتم إصلاح الخلل الجيني أو حدث تغير في الحمض النووي الخاص بهم، وقد لاقت مثل هذه التجارب الكثير من الإدانة والتأفف من جانب المجتمع العلمي مطالبين الناس بعدم القلق فهذه التجارب ليست عملية بعد حتى الآن، حيث سيجتمع الخبراء في تقنية التعديل الجيني الجديدة المعروفة بـ CRISPR في الأكاديمية الوطنية للعلوم في واشنطن، في اجتماعٍ يوصف بالتاريخي والذي من خلاله سينادون بحظر عالمي لأي شخص يحاول استعمال التقنية لانتاج أطفال معدلين جينيًا.
إن هذا القلق سببه أن التغيير في الحمض النووي الـ DNA في الأجنة غير آمن ويصب في اتجاه اليوجينيا، وبالرغم من أن العديد من العلماء الذين سيحضرون المؤتمر لن يحضروه من أجل تحريم هذه التكنولوجيا؛ بل لنقل أفكار جديدة حول كيفية استخدامها بشكل صحيح.
قام العالم جينسونج لي- Jinsong Li الأحيائي في معهد العلوم الأحيائية بشانغهاي- Shanghai Institutes for Biological Sciences باستخدام تكنولوجيا CRISPR لتعديل الجينات المسببة لاعتمام عدسة العين Cataract في الفئران وهو ما نجح فيه بنسبة (%100).
إن الطريقة التي اتبعها فريق جينسونج كانت تهدف إلى تجنب العمل على الأجنة وذلك بالعمل على بِزْرَةِ النُّطْفَة spermatogonia (خلايا جذعية- Stem Cells) ويمكن تشبيه هذه الخلايا بالمصانع التي يتم إنتاج الحيوانات المنوية منها ثم بعد ذلك يتم عمل التعديل الجيني اللازم على الحيوان المنوي للفأر أولًا قبل استخدامه لتكوين جنين وفي كل مرة كان ينتج جنين في حالة صحية ممتازة.
يقول جينسينج لي -كعضو ضمن وفد صيني كبير متجه لواشنطن- بأنه اقتنع بأن تعديل الأجنة جينيًا أمر غير مقبول وأن الطريقة الصحيحة الممكنة الوحيدة لاستعمال مثل هذه التكنولوجيا هو التعديل على الخلايا الجنسية.
بالطبع؛ فإن التعديل الجيني على الحيوانات المنوية سيمنع فقط الأمراض الجينية التي يحملها الأب ويمررها لنسله إلا أن بعض العلماء يعتقدون أن الحيوانات المنوية هي الطريقة الأكثر عملية للحصول على أفراد معدلون جينيًا، ويعلق جورج تشيرش- George Church الأستاذ في جامعة هارفارد وأحد مخترعي تكنولوجيا CRISPR على ذلك: «يمكن أن يكون ذلك خيارًا جيدًا.»
إن أي جنين معدل جينيًا سيبدأ من داخل عيادات التخصيب الصناعي حيث يمكن للأطباء مراقبة تطوره، المشكلة أن تقنية التعديل الجيني باستخدام CRISPR مازالت تحمل بعض المخاطر فالتعديل ينجح فقط في حوالي (%20) من المرات وينتج عنه أحيانًا أخطاء غير مرغوبة، فلا توجد أي عقبات عند إجراء تعديل جيني على الذباب والديدان فيمكنك المحاولة مرارًا وتكرارًا ولكن مثل هذا العمل يمثل مشكلة كبيرة لأي شخص يريد أن يصلح خلل جيني جنين في عيادة IVF) In Vitro Fertilization)
إن التعديل الجيني على الخلايا الجذعية للحيوانات المنوية سيتغلب على هذه المشكلة كما يقول لي الذي يضيف بأن فريقه بدأ أولًا بالتعرف على الخلايا الجذعية المطلوبة ثم أجروا التعديل الجيني عليها واستخدموها للإنتاج الحيوانات المنوية ثم في النهاية هذا الفأر السليم، وقد تحقق لي من عدم حدوث أي خلل أثناء العملية مثل حدوث تعديلات غير مرغوبة.
ما زالت هناك عقبات أخرى في طريق تطبيق طريقة لي -الخاصة بالتعديل على الحيوانات المنوية- على البشر وأكبرها أنه لا يوجد أحد قد أوضح طريقة لزرع الحيوانات المنوية معمليًا بنجاح كبير، ويعلق العالم كايل أورويج- Kyle Orwig على ذلك قائلًا: «هذه العقبة تمثل عنق الزجاجة، يجب علينا تعلُّم كيفية زرع الحيوانات المنوية في المعمل»
ويعتقد لي بأن الطريق ما زال طويلًا قبل أن يتم ولادة طفل معدل جينيًا؛ إلا أنه يأمل أن يتم خلق جنين بشري باستخدام حيوان منوي معدل. إحدى الأخطاء الجينية التي يرغب لي في علاجها هو النوع الذي يسبب العقم في الذكور.
وبالنسبة للبويضات؛ يقول العلماء بأن التعديل عليها يعد أمرًا صعبًا مقارنة بالحيوانات المنوية؛ فالرجل ينتنج ملايين الحيوانات المنوية الجديدة يوميًا ما يعني توافر الخلايا الجذعية اللازمة في العمل في حين أن جسم المرأة يعمل بطريقة مختلفة فالمرأة تُولد بكل البويضات التي تحتاجها طوال فترة حياتها وبالتالي فإنه من الناحية الأحيائية لا يوجد ما يمكن اعتباره خلايا جذعية للبويضات.
هذا ويعتقد العلماء أنه سيكون هناك إمكانية أخذ قطعة من جِلد المرأة ومن خلال تكنولوجيا تعرف باسم (إعادة البرمجة- Reprogramming) يمكن تحويل خلايا الجلد إلى بويضة مُصنّعة في المعمل وكذلك يمكن عمل حيوان منوي بنفس الطريقة، وهذا يعني أن عيادات التخصيب الصناعي مستقبلًا يمكن أن تأخذ قطعة صغيرة من جلد العميل وتحويلها إما إلى حيوان منوي أو بويضة معدلة جينيًا بعد عدة أسابيع ويعلق جورج دالي George Daley الباحث في مجال الخلايا الجذعية بمدرسة الطب بجامعة هارفارد قائلًا: «ليس هناك سبب يجعلنا نعتقد باستحالة حدوث ذلك» ويضيف بأن ما رآه يقول بأن إمكانية التعديل على الخلايا التناسلية التي يتم إنمائها معمليًا «حقيقية جدًا».
إعداد: Sherif Radwan
مراجعة: Matalgah Hamzeh
تصميم: Ayman samy
المصدر: من هنا
#الباحثون_المصريون