كشف مرصد الليجو عن بريق ثانٍ لموجات الثقالية من اندماج الثقوب السوداء، مما يوحي بأن هذه الاكتشافات ستصبح قريبًا روتينية وجزء من فرع جديد من علم الفلك.
في ديسمبر، رصد مرصد موجات الثقالية بالتداخل الليزري «LIGO» موجات الثقالية للمرة الثانية. وأصدر مرصد «LIGO» ومرصد «Virgo» تقريرًا في هذا الشأن، كما في الحدث الأول في فبراير الماضي، وكانت الموجات قد نتجت من اندماج زوج من الثقوب السوداء، ولكن هذه المرة كانت الثقوب السوداء أصغر والتي سمحت لعميلة الدمج أن ترصد لمدة ثانية، أي أكبر بخمس مرات من المرة السابقة.
ويقول الباحثون أنه بعد الحدث الأول فقد ثبت أن مرصد «LIGO» يمكن له أن يعمل بشكل جيد، وهذا الاكتشاف الثاني يدل على بداية عهد موجات الثقالية في علم الفلك، والتي ستصبح الاكتشافات روتينية، مما يقدم لنا معلومات جديدة حول الكون.
وقد تولى مرصد الليجو على مدى العشر سنوات تحقيق الحساسية المطلوبة لعملية الرصد الأولى لموجات الثقالية، وهي تلك التموجات في نسيج الزمكان والتي تنبأت بها نسبية اينشتاين العامة منذ 100 سنة. وكان أول مشاهدة لموجات الثقالية كانت في 14 من سبتمبر بواسطة كواشف الليجو والتي تقع في هانفورد، واشنطن، وليفينغستون، لويزيانا، والذي تم تفسيره على أنه دمج لثقوب سوداء تبعد عنا 1,4 مليار سنة ضوئية.
أما الآن فقد قام فريقي الليجو وفيرجو بوصف الاكتشاف الثاني في 26 من ديسمبر في كلا كواشف المرصدين. وقد ظن الباحثون أنها اشارة خاطئة مثل واحد لوحظ أنه ينتج عن ضجيج عشوائي مرة كل مليون عام على الأقل.
وقد حسب الفريق أن الموجات جاءت من اندماج ثقبين أسودين تقدّر كتلتهما بحوالي 14 و8 مرات كتلة الشمس، وتبعد عنا 1,4 مليار سنة ضوئية، هذه الكتل قريبة من القيم النموذجية الناتجة من الملاحظات العادية لثقوب سوداء تدور حول نجوم عادية، في حين أن المسبب للموجات في الحدث الأول لليجو كانوا ثقوبًا سوداء كبيرة جدًا، بين 29 و36 كتلة شمسية.
وخلافًا للاكتشاف السابق، إن الحدث الجديد “لم يكن قفزة للبيانات”، كما تقول سارة كوديل وهي عضوة في فريق الليجو من جامعة ويسكونسن في ميلووكي، إنه أصبح واضحًا بعد تحليل البيانات وإعادة ترتيبها. وقد عمل فريق الليجو على تحليل البيانات بالتعاون مع الفريق التابع للمرصد الأوروبي فيرجو، وهو مرصد لموجات الثقالية بجانب بيزا في إيطاليا.
وأضافت كوديل أن الحدث الثاني يختلف عن الأول في عدة نقاط هامة، فالثقوب السوداء أصغر حجمًا مما يؤدي إلى اختلاف توقيت المدارات النهائية مما يسمح لليجو برؤيةٍ أوضح للمراحل النهائية قبل اندماج الثقبين بشكل نهائي، 55 دورة في هذا الرصد مقارنة بعشر دورات فقط في الرصد السابق.
ويقول ستيوارت شابيرو، عالم الفيزياء الفلكية في جامعة إلينوي في أوربانا شامبين، «إن هذا اكتشاف مهم جدًا، فهو يدعم الاكتشاف الأول، ويمهد الطريق بأن الاكتشافات من هذا النوع ستكون شائعة، وأنه قد فتِحَت حقًا نافذة جديدة على الكون».
«وكانت أول تجربة مثيرة جدًا لأنها أظهرت وبشكل ملحوظ أن هذه التجربة الصعبة يمكن أن تتِمّ بنجاح»، كما قالت جوليان كروليك، وهي عالمة الفيزياء الفلكية في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، كما أضافت جوليان: «إن الاكتشافات الاضافية قد تحوّل الضوء من التجربة نفسها إلى ما يمكننا أن نتعلمه من محتويات الكون».
ولعل أهم جانب للنتائج الجديدة على حد قول شابيرو، أن موجة الثقالية المقاسة تتفق تمامًا مع تنبؤات النسبية العامة للمجالات الثقالية القوية. إن تنبؤات نظرية المجال القوي لم يتم اختبارها بشكل مباشر في اكتشافيّ مرصد الليجو. هكذا تمر النظرية بأقوى اختبار صارم للمرة الثانية على حد قولها.
وتتوقع كروليك أن هناك البيانات تزداد بشكل كبير، مما يسمح للباحثين بتعلم المزيد حول الأنظمة التي تسبب موجات الثقالية. «إن التنبؤ واقعيّ جدًا بحيث يوجد الكثير من الأفكار التي يمكنها أن تتدفق في المستقبل القريب»، وذلك على حد قولها.
وقد عثر على زوج آخر من الثقوب السوداء مرشح أن تكون كتلتهما أقل من 100 كتلة شمسية أثناء دورة رصد الليجو الأولى المطوّرة والتي انتهت في 19 من يناير على حسب قول كوديل، إلا أنه لا يزال تحليل البيانات الصادرة منها. ومع ذلك فإن الفريق مازال قائمًا يبحث عن أزواجٍ أكبر من الثقوب السوداء ومصادر أخرى لموجات الثقالية.
لدى كروليك آمال كبيرة، حيث أن مرصد فيرجو قد يرصد حدثًا لموجات الثقالية قريبًا. إن البيانات من المرصد الثالث يمكن أن تسمح بتحديد مكان مصدر الموجات بدقة أكبر في السماء، وذلك على حد قوله. وبكاشفين فقط، فإن الحدث الجديد لليجو قد يغطي مساحة كبيرة من السماء بقياس 850 درجة مربعة.
ترجمة: Mohammed Abkareno
مراجعة: Ahmaad M. Hanafi
المصدر: http://sc.egyres.com/Tb6Li