تُعد النجوم النيوترونية أحد أهم أسرار الكون الذي نحاول جاهدين أن نكشف أسراره يوما بعد يوم مستخدمين المنهج العلمي، معتمدين على جهود العلماء الذين غيروا فهمنا ونظرتنا إلى كل ما حولنا.
اكتشافها.
في ستينيات القرن الماضي استقبل العلماء إشارات راديوية مجهولة المصدر واعتقدوا حينها أنها دليل على وجود حياة عاقلة خارج الكوكب، ولكن بعد فترة اكتشفوا أنَّ تلك الإشارات المنتظمة ما هي إلا نتاج نجم نيتروني «بولسار».
ما هي النجوم النيوترونية؟
تُعد النجوم النيترونية بقايا نجوم ضخمة وصلت إلى نهاية رحلتها التطورية في الزمكان، حيث خضع أخيرًا قلب النجم وانهار على نفسه بفعل الجاذبية، والتحمت البروتونات والإلكترونات لتنتهي أخيرًا بأن تتحول كل مكونات النجم إلى نيوترونات، وأيضًا تنضغط المادة بداخلها بصورة شديدة، فمثلًا نجم نيوتروني في كتلة الشمس مرتان ونصف من الممكن أن ينضغط إلى حجم مدينة صغيرة؛ أي دائرة قطرها 20 كيلومتر، وتكون نواتها كثيفة جدًا لدرجة أنَّ حجم مكعب سكر يزن ما يقارب المليار طن.
ومن خصائص النجوم النيوترونية والتي من المستحيل أن نُولدها في معامل الفيزياء أو على كوكب الأرض عمومًا: «الجاذبية القوية» حيث تصل جاذبية النجم النيتروني إلى ما يعادل 2 مليار من جاذبية كوكب الأرض وهذه الجاذبية كفيلة بأن تحني الشعاع الضوئي القادم من النجوم في ظاهرة تُدعَى تعدُّس الجاذبية مما يمكننا من رؤية خلف تلك النجوم وإضافةً إلى الجاذبية فإنَّ مجالاتها الكهربية والمغناطيسية قوية جدًا.
لكن ماذا سيحدث لو أن النجم النيوتروني هو جزء من نظام نجمي ثنائي؟ حسنا فلنرى ذلك:
إذا كان النجم الاخر المرافق كتلته «أقل» من كتلة الشمس فإنه يسحب الكتلة باتجاهه ويكوّن سحابة من المواد تدور حول النجم النيوتروني، أما إذا كانت كتلته تعادل 10 مرات كتلة الشمس أو أكثر فإنه يحدث تبادل كتلي بين النجمين على هيئة رياح نجمية وتنساب المواد على طول الأقطاب المغناطيسية للنجم النيوتروني مولدةً نبضات من موجات الأشعة السينية.
أنواع النجوم النيوترونية:
1- النجوم النابضة «بولسار»
من أشهر أنواع النجوم النيوترونية حيث أنَّها تدور حول نفسها بسرعة هائلة جدًا ينتج عنها انحراف في محور التماثل لمجالها المغناطيسي مما يسبب انطلاق إشعاع كهرومغناطيسي على طول المحور وبالتالي إذا تصادف مرور الشعاع بالأرض فإنَّه يظهر للفلكيين كالمصباح المنير في العتمة أما إذا لم يمر بالأرض فإنّنا لن نشعر به ويكون عادةً الإشعاع في مجال الأشعة الراديوية وأحيانا يمتد إلى منطقة أشعة إكس إذا كان النجم في مرحلة الشباب، ولذا يُعَد كل بولسار نجم نيتروني ولكن ليس كل نجم نيتروني بولسار.
2- النجوم المغناطيسية أو كما يطلق عليها «الوحوش المغناطيسية»
هي نجوم نيوترونية ولكنّها ذات مجال مغناطيسي قويٌ جدًا يُعادل 1000 مرة المجال المغناطيسي للنجوم النيترونية العادية وهذا كفيل بتشويه أشكال الذرات الطبيعية وله فترة دوران حول نفسه طويلة نسبيًا تتراوح ما بين 5 إلى 12 ثانية، وتظل تلك الوحوش نشطة لمدة تصل إلى 10,000 عام وهذا يعد زمنًا قصيرًا نسبيًا مقارنةً بالتأريخ الكوني ثم بعد ذلك تبرد بالتدريج وتتلاشى طاقتها المغناطيسية.
نحن بالتأكيد نعيش في عالم ملئ بالغموض ويوما بعد يوم نرى ونكتشف أشياء جديدة تثير الدهشة وتشعل حماس الفلكيين رغبة منهم في اكتشاف أسرار هذا الكون العجيب ولعله من السخف أن نظن أنّ الأثر الضخم للعلم قد استنفد طاقته أو حتى أنَّه بلغ ذروته، فأغلب الظن أنه سيستمر قرونا كثيرة ليحدث تغييرات تزيد سرعتها على مدى الأيام.
إعداد :آية غانم
مراجعة علمية: أحمد حنفي