النجم اللامع على مسافة آلاف من السنوات الضوئية ما هو سوى اشتعال لانفجارٍ عظيم! بُقعٌ مائية رائعة على طريقٍ صحراوي سريع في ساعة الظهيرة ما هي سوى بِرك مياه زائفة زيَّفتها ظاهرة السراب، هل فكَّرت يومًا أنَّ نِجمك اللامع ما هو سوى انفجار مُلهب عظيم؟ هل انكَشَفْتَ ذات مرة لزيفان قدوتك كما لو كان ظاهرة سراب؟! هل غمرك ذلك الشعور بالزيف والحسرة على انهيار صنمٍ عظيم كنت قد قدسته ذات مرة؟ أم أنك من أولَئِكَ الذين يؤمنون بالقدوة ويثيرون إلى جانب أفلاطون جنبًا لجنب باحثين عن عالمٍ فاضِل بلا أخطاء، مثاليكما لو كان مشهد من الفردوس؟ أخشى أنك لو كنت منهم فأنت على أعتاب مقالٍ سيبدو في آخره كما لو كان الفأس التي تضع علامة النحر على رقابٍ عالية وأخشى أن ذلك الفأس لن تستثني أحدًا، قد تبدو جبارة قاسية لكنها فقط تتبع نصيحة قديمة لفيلسوف ورياضياتي ومنطقي هو (برتراند راسل-Bertrand Russell) حين قال: «إذا أردت أنْ تبحث فابحث عن الحقيقة وليس عما تتمنى»، أي أنه في رحلة بحثك عن الحقيقة اتبع العلم والحقائق وليس ما تتمنى أن تكونه تلك العلوم والحقائق، قد يبدو غريبًا أن نُنهي المُقدمة بقولٍ لراسل ثم نبدأ في هدم صنم راسل نفسه، لكن هنا الأرض حيث لا قدِّيسون ولا ملائكة.
برتراند راسل:
باحث في المنطق والرياضيات وهو مِنْ أكثر المدافعين عن الحقوق المدنية والاجتماعية بل وأصغر الأمور الإنسانية، كتب عن الزواج، والإنجاب، وحتى العلاقات الجنسية، كان داعي سلام، وحصل على جائزة نوبل للسلام عام (1950 م) لكتاباته المميزة -كان كاتبًا وفيرًا حيث كان يكتب باليوم بمعدل 2000 كلمة-، شهد الحربين العالميتين وكانت له مواقفه ضدها، وضد النازية، والتسليح النووي، رفض حرب فيتنام، دافع عن الحرية ونال قسطًا وفيرًا من السجن دفاعًا عن قضاياه.
الوجه الآخر:
في الوقت الذي لم يملك فيه الاتحاد السوفيتي قنابل نووية كان برتراند يُحرّض على الحرب النووية ضد الاتحاد السوفيتي الاستبقائي، لكنه تراجع فيما بعد، ونفى تصريحه ذاك بعد أن أظهر الاتحاد السوفيتي امتلاكه للنووي، وبينما كان يكتب عن التربية فقد أهدى أبناءه طرقًا وحشية حسب وصف ابنته (تيت-Tait) حيث كان يغرق (جون-John) الطفل في المياه بغرض قمع خوفه الزائد منها، وبينما كان يتبنى راسل فكرة أن المثلية نتيجة للتربية السيئة كان جون راسل مثليًا وحاول إخبار والده بمثليته فكتب له عبارة «أن جون مثلي»، لكن والده تعامل مع الأمر على أنه مزحة فقط، عاش جون راسل حياة أقل ما توصف به أنها قاسية، وأصيب بالجنون ولم يكن راسل الأب المثالي حيث فضل عدم رؤية ابنه وترك أمر علاجه لوالدته المفلسة دورا،ولم تلحق التعاسة أبناء راسل فقط بل لحقت أحفاده أيضًا حيث أصيبت إحدى حفيداته بالفصام، وأخرى درست الرياضيات وأظهرت فشلًا بليغًا في الرياضيات بينما كانت ميولها للآداب، وبينما وقعت في غرام شاب لم ينل إعجاب جدهاففقدت مودة راسل وأوقف دعمه المادي لها ورفضها باقي أعضاء العائلة وانتهت معاناتها النفسية بانتحار مروع عن طريق إشعال النار بجسدها، كان للتفرق والتشرد الأسري اليد العليا في إنشاء جيل يتكون من أبناء، وأحفاد مشردون ومصابون بانفصامات وجرعات زائدة من التعاسة واليأس ألحقها بهم داعي سلام كبير وإنساني من الدرجة الأولى هو والدهم أو جدهم برتراند راسل الذي لم يلحق أذاه أسرته فقط بل حتى عشيقاته التي أصيبت اثنتان منهم بالجنون؛ أحدهما عبرت الأطلسي الذي كلفها الكثير من المال حَد الإفلاس بتحريض من راسل لها على اللحاق به من أمريكا، بينما كان على علاقة مع امرأة أخرى وهو ما حطم قلبها وأودعها للجنون، غير المرارة التي ألحقها بزوجته الأولى (أليس-Alys)، أو حتى زواجه المفتوح الثاني حيث اشترط في للزواج عدم ممانعة أي طرف من إقامة علاقات جنسية مع شخص آخر علىشرط ألا تنجب زوجته أي طفل من غريب، لذا فعن جدارة استحق راسل لقب «خليع النساء» أو «بريتي القذر».
(جان جاك روسو-Jean-Jacques Rousseau):
فيلسوف وكاتب وُلد في جنيف في عام (1712)،وهو ابن إسحاق روسو، صانع الساعات، وسوزان برنار. توفيتوالدة روسو بعد تسعة أيام من ولادته؛ ونتيجة لذلك علمهُ والده حتى سن العاشرة، ثم في خضم مشاجرات ما اضطر والده للهرب لتجنب الاعتقال، وتُرك روسو لعمه ليتولى رعايته، فسلّمهُ للكاهن المحلي، ثم قضى روسو فترة تدريب وجيزة ليصبح كاهنا كاثوليكيًا، ثم اتجه للموسيقى، وفي عام (1742) سافر إلى باريس وعمل كسكرتير للسفير الفرنسي. بدأت شهرة روسو في (1750) عندما دخل في منافسة وضعتها (أكاديمية ديجون-Dijon Academy) التي سألت: «هل لترميم الفنون والعلوم تأثير على تنقية الأخلاق؟»، لكن إجابة روسو كانت (لا) حيث اعتنق روسو فكرة أن الحضارة دمرت الفضيلة، مع ذلك استمر لـ (1753) في الإسهام بالموسيقى والاهتمام بها بل وتطور ذوق خاص له بها.
رؤية روسو:
رأى روسو أن البشر جيدون بطبيعتهم، وأن المجتمع الفاسد والبيئة الخاطئة هي التي تتحمل خطأ الإنسان فهي سببه، وأن الضمير هو أساس الأخلاق، لطالما عبّر عن احتقاره للثورة بالكلام، كان لروسو رؤية عن الزواج والتربية الجيدة للأطفال، وغير أنه كان داعي للطبيعة البكر فقد كان رائد الرومانسية، وداعٍ للمساواة.
الوجه الآخر:
يبدو واضحًا أنك تقف على أعتاب ضحية بالغة الفصاحة حين تقرأ كتاب«اعترافات» لـروسو، بالتأكيد ليس هناك حساب للأذواق ولعله أراد أن يشعر بالفوقية على فتاة دونية؛هذا ما تستنتجه من علاقة روسو بفتاة قبيحة تعمل كطباخة في مطبخ الفندق الذي كان يقيم فيه في (1745) تُدعى (تيريز لوفاسور-ThérèseLevasseur) أقام علاقة غير شرعية معها وهي أطول علاقة في تاريخ روسو حيث نتج عنها خمسة أبناء غير شرعيين، لم يرغب روسو في الاحتفاظ بهم أو رعايتهم على الرغم من وعظة بأهمية تربية الأبناء تربية صالحة، وأهمية الأبوّة والأموّة الجيدة، فقد تخلى عنهم لدار أيتام أو مستشفى للقطاء، قال عنهم في كتابه «اعترافات» أنه لم يرغب بهم ولم يهتم حتى بالاحتفاظ بسجلات تواريخ ميلادهم، ومع أنه تلقى عرضًا من سيدة نبيلة لحضانتهم إلا إنه رفض وبرر رفضه بأنهم سيقومون بكراهية والديهم وربما خيانتهم! وهو الشيء الذي لم ولن يكون مقبول أو إنساني في أي عصر، كما أنه استغل تيريز التي كانت أمية كـ «عامل بريد له»؛ حيث كان يكتب خطابات غرامية ويرسلها عن طريق تيريز لعشيقته حيث كان واثقًا أنها لن تعرف، بعد سنوات طويلة وفي مشهد أقل ما يُقال عنه أنه هزلي عرض على تيريز الزواج وكان عرضًا واهيًا وقاسيًا لا يَنُمّ عن احترام، وقد انفجر بعده باكيًا على الرغم من تقديسه للزواج كما يظهر ذلك من كتاباته! وبينما رفض الثروة فقد عاش حياة مديدة قائمة على دعم الأغنياء وتحديدًا النساء الارستقراطيين، مع ذلك فقد ظل روسو مشفقًا على ذاته، ومبررًا لجميع حماقاته التي ارتكبها، وتناقضاته غير اللائقة على مؤسس الحركة الرومانسية، والمؤمن بالطبيعة البكر.
توماس إديسون ونيكولا تسلا:
لم تكن لـ (إديسون-Edison) حياة عادية، فمنذ نعومة أظافره عانى من الاضطهاد المدرسي، حيث اتهمه معلميه بألقاب سيئة لشرود ذهنه، وقد تم فصله بعد ثلاثة أشهر من التحاقه بالمدرسة، كان لوالدته الدور الأساسي في نشأة توماس إديسون حيث قامت بتدريسه بنفسها، ودعمته مما جعله يشعر بأن عليه ألا يخذلها، عمل إديسون في عدة أعمال، كان يبيع الحلوى والصحف في القطارات وغيرها؛ مما جعله يكتشف في نفسة موهبة ريادة الأعمال، حيث مستقبلًا حينها أنشأ عددًا لا بأس به من الشركات، اشتهر إديسون بـ «ساحر مينلو بارك» حيث قام باكتشاف الفونوغراف، اشتهر إديسون باختراع أول مصباح متوهج عملي من الناحية التجارية، مما جعل من المتاح أنْ يتم استخدام الإضاءة للجميع، عانى إديسون في حياته، وكانت لمجهوداته فضل عظيم في عدة اختراعات، وبدون الخوض في تفاصيل تلك الاختراعات فقد حصل على أكثر من ألف براءة اختراع، كان يرى أن الرضا هو أول عتبات الفشل «أرِني رجلًا راضٍ تمامًا، وسوف أريك رجلًا فاشل تمامًا»، بلغ إديسون من العظمة والفضل على البشرية مبلغًا عظيمًا، لعلهُ أشعره بالغرور، لكن تُرى ما الذي يُمكن أنْ يفعلهُ المرء حين يظن أنَّ بنيانهُ ينهار؟!
الوجه الآخر:
انتشرت على أراضي الولايات المتحدة (121) محطة كهربائية سميت باسم إديسون، تقوم بتوصيل كهرباء التيار المستمر لسكان أمريكا، لكن مع انتشار استخدام الكهرباء في المنازل، وكثرة الطلب عليها، بدأت تظهر بعض مشاكل التيار المستمر، من أبرزها قصر المسافة التي يقطعها التيار، فمع اتساع رقعة التغطية وجد أن التيار المستمر يفقد بعضًا من قوته بعد قطعه مسافة قصيرة قدرت بالميل الواحد. وفي عام (1881) بدأ نيكولا تسلا بتطوير نظام جديد معتمد على فكرة التيار المتناوب، أبرز ما يميز هذا النظام هو فاعليته وقدرته على التوصيل الكهربائي لمسافات طويلة جدًا مقارنة بالتيار المستمر، رفض إديسون محاولات تسلا، ورفض الاعتراف بالتيار المتناوب على الرغم من أنه كان يعرف في داخله أنه الأفضل، ولعل إديسون كان يخشى على مركزه وسمعته التي حصدها بعد رحلة كفاح شاقة، فكان من الصعب عليه أنْ يرى محطاته أو إسهاماته واختراعاته تنهار على يد تسلا والتيار المتناوب، فحارب تسلا على حساب تقدم البشرية، وأظهر حقدًا وكرهًا شديدين، وهنا يظهر إعلاء الذات على المصلحة البشرية، وبالتنقيب عن حياة تسلا فقد كانت لتسلا حياة حزينة ومؤلمة ولعل التفسير المنطقي كان سيدفعة لعيش حياة بعيدة عن الصراعات وعن البشرية بدلًا من خدمتها لكن ذلك لم يكن الموقف الذي اتخذه تسلا تجاه الحياة القاسية آن ذاك أو تجاه البشرية، وسأقف مع قول تسلا في مقابلة صحفية عام (1899) حيث قال: «أنا رجل مهزوم، أردت أن أضيء الأرض كلها».
إنّه الوجه الإنسانيّ المُزيف، الوجه الذي اعتقده (دوستويفسكي-Dostoyevsky) ذات مرة وجه الشيطان حين انكشفت أمامه الحقائق فتخيل أنه لابد أن يكون الشيطان قد خُلق على صورة إنسان، وهو نفسه الشيطان الذي اعتقده (ويليام أنغ-William Wang) حين قال:«لو أن للحيوانات دين لكان الشيطان مصورًا على هيئة إنسان»، لكن ليس علينا الفزع عند تلقي الحقائق، ولعل أفضل ما نفعله هو أنْ نُدرك أننا نقف على عتبة مؤدية للجحيم، وأن نعود خطوة للوراء ونترك للصورة في المرآة حق التمدد حيث تتضح الرؤى فتبدو فكرة القدوة هي الأسوأ حيث لا قدِّيسون ولا ملائكة على كوكب الأرض، إنّه الوجه الآخر للإنسان حيث لا فضيلة ولا قداسة، حيث يُمكن لقدوتك أن تكون حجر جهنم ولعلك لو رأيت وجهك كاملًا أمام المرآة لما توقفت عن البصق، أنا لا أدعو لشن الحرب على الإنسانية،ولكنني أؤمن بما قاله ديكارت: «تستطيع النفوس العظيمة القيام بأعظم الرذائل، كما تستطيع القيام بأعظم الفضائل»، فلعلنا حينما نرى ظاهرة السراب في وجه إنسان لا نصرخ بكذبة أو ضلالة ونناقده، بل نصرخ أيها السراب أنت إنسان، إنسان بحق؛ لذا فيا أيها الإنسان إنْ آمنت أنك ملاك فأجل أنت ملاك، ملاكٌ بحق، لأن أحدًا لم يرَ بعد سوادَ نفوسنا ولا قروننا المغروزة بين عظام الجمجمة؛ ولأن ذيولنا ضمرت عند العُصعص، نحن ملائكة لأنه لم يتم اكتشاف شيطانيتنا بعد.
إعداد: سارة حسن.
مراجعة: محمد فتحي.
المصادر:
Russell
Pag 3 rusell and Soviet Union
https://mulpress.mcmaster.ca/russelljournal/article/viewFile/2049/2074
and page 54 (russell support the war Soviet Union)
Russll’s Victims “A fallen angel”
http://www.nytimes.com/books/01/04/29/reviews/010429.29nasart.html
to more about black of Russell( Russll’s family and his Mistresses) BOOK’S NAME ”the final visitation of the ghosts that haunted Russell throughout his life”.
Russo
-Intro
-Personal Life & Legacy
https://www.thefamouspeople.com/profiles/jean-jacques-rousseau-233.php
Confessions Book written by Russo( russo write every his mistakes in this book then he try to give reasons for make mistakes! ).
– Russo’s philosophy
https://plato.stanford.edu/entries/rousseau/
–Tesla vs Edison
http://www.smithsonianmag.com/history/edison-vs-westinghouse-a-shocking-rivalry-102146036/
- -Tesla Sad Life
https://spiritegg.com/teslas-sad-last-interview-im-defeated-man-wanted-illuminate-whole-earth